مقالات دينية

شخصيات من الكتاب المقدس / شمشون الجبار

الكاتب: وردااسحاق
 
شخصيات من الكتاب المقدس / شمشون الجبار
 
( الخطيئة طرحت كثيرين جرحى وكل ق*ت*لاها أقوياء ) ” أم 21:7″
في الكتاب المقدس شخصيات كثيرة بارزة منها أنبياء ومنها كتبة أسفار ومنها ملوك وقضاة ومحاربين أشداء . فشمشون كان قاضياً وبطلاً عملاقاً وجباراً أعطاه الله قوة خارقة ألقت الرعب في قلوب أعدائه .
  شمشون كان نذيراً للرب من بطن أمه ، لا يشرب خمراً ولا مسكراً ، وكان روح الله يحل عليه ويحركه . كان قاضياً على شعبه لمدة عشرين سنة . دافع من خلالهاعن شعبه من تهديدات الأعداء حتى شهدوا له معترفين بأن شمشون ( خرب أرضنا وكَثَّرَ ق*ت*لانا ) ” قض 5:3 ، 16: 31،24″ .
أما عن سر قوة شمشون فكان في نذره للرب والتي تكمن في أن لا يعلو موس رأسه ولا يقص شعره ( قض 5:13 . عد 6: 1-6) . لم يستطع أعدائه الوصول الى سر تلك القوة الهائلة والخفية في هذا البطل الذي استطاع أن يخلع باب المدينة الحديدي مع عوارضه . كما ق*ت*ل ألف رجل بفك حمار ! وق*ت*ل الأسد بيديه المجردتين .
 

هناك عهود بين الخالق والمخلوق فالعهد الذي كان بين الله وشمشون هو النذر ، فإن خالف شمشون عهد النذر فتنقطع علاقته مع الله فيفقد قوته وجبروته لأن روح الله سيفارقه فيبدأ الضياع ويفقد قوته ويصبح بدون رجاء ، ل وبل سيصبح فريسة سهلة أمام أعدائه . وهكذا من بعده بحقبة من الزمن فارق الروح الملك شاول ( 1صم 16) فضعف الملك العملاق شاول فخاف من أعدائه فتنازل من مبادئه وبحث عن عرافة فبين الله له من خلالها بأن أعدائه سينالون منه .
  أستهان شمشون بسر قوته الذي كان بينه وبين الله ولم يستطيع الفلسطينيون كشف ذلك السر ففنسجوا له خطة عن طريق من أحبها ، دليلة الفاتنة ، تلك ا*لفلس*طينية الي أرادت أن تنتقم لشعبها من شمشون فعرضت له حبها ومن ثم طلبت منه سر قوته العظيمة وطريقة مقاومتها . حاول شمشون أ يتفادى الأجابة على أسئلتها المتكررة ومن ثم بدأ يرد عليها بأجابات كاذبة لكن دليلة لم تمل ولم تيأس أو تخجل من الحاحها بل بدأت تدرجه نحو الجواب الصحيح فبدأت تعيره فقالت له ( كيف تقول لي أحبُكِ وقلبك ليس معي ؟ هوذا ثلاث مرات خدعتني ولم تخبرني بماذا قوتك العظيمة ) ” قض 15:16″ هكذا كانت تضايقه كل يوم وتحرجه بألحاحها فضاقت نفسه حتى الموت ، وأخيراً كشف لها قلبه وقال لها ( أنه لم يعلو موس رأسي لأني نذير الله من بطن أمي . فأن حلقتُ فارقتني قوتي ) . لما أدركت دليلة أنه قد أسرلها بمكنون قلبه أضجعته على ركبتيها بعد أن أستدعت أقطاب الفلسطينيين ودعت رجلاً فحلق سبع خصل من رأسه وأبتدأت بأذلاله ، فقالت له الفلسطينيون عليك يا شمشون . لم يعلم بأن الرب قد فارقه ، فأخذه الفلسطينيون وقلعوا عينيه ونزلوا به الى غ*ز*ة وأوثقوه بسلاسل نحاس ، وبدأ يطحن لهم في السجن ( قض 16:16) . تفسير نزوله الى غ*ز*ة يعني هبوطه نحو الضياع ، وكذلك نزل يونان الى غ*ز*ة بسبب عناده وتمرده على أمر الله ، وبعدها نزل يونان الى السفينة المتجهة الى ترشيش . ومن السفينة نزل أيضاً الى البحر بعد أن قذف اليه . ثم نزل أيضاً الى جوف الحوت ، والحوت نزل الى أعماق الهاوية وهكذا بالنسبة الى الرجل الذي ترك أورشليم ( أي أبتعد من الله ) فنزل بأتجاه أريحا فسقط بين اللصوص فضربوه وجرحوه وسلبوه وتركوه بين حي وميت ( لو 30:10) .
أستهان شمشون بقوته فقال لدليلة ( أذا أوثقوني بسبعة أوتار طرية لم تجف … ) وبعدها قال ( إذا أوثقوني بحبال جديدة لم تستعمل أضعف وأصير كواحد من الناس ) وفي المرة الثالثة ، قال ( أذا ضفرت سبع خُصِل رأسي مع السدى ) لكن في المرة الرابعة كشف لها الحقيقة فحُلِقَت خِصاله الَسبع . شعر شمشون الذي ضُفِرَ منه سبع خُصِل مع السدى ( قض 13:16) كان يرمز الى النذر وحياة القداسة والعلاقة مع الله . أما السدى فترمز الى هذا العالم المادي . أما المزج بينهما فيعني مزج الدين بالدنيا . أي الروحانيات بالجسديات . فحلق شعر شمشون كان الخطوة الأولى نحو التمرد والأبتعاد عن الله ومن ثم السقوط . فكل مؤمن مسيحي يقطع العلاقة مع اللهفأنه ينقض العهد بينه والذي عقده في سر المعمودية أو في سر الزواج المقدس أو في سر التوبة فيفقد قوته وحرارته الأيمانية ليصبح كباقي الناس . هكذا شمشون فقد مركزه وقيادته لشعبه وقدوته وقدرته وقوته الخارقة وأختباراته الروحية مع الله . نام على فخذي الخطيئة طالباً الراحة والمُتعة فحصد العار وخسر كل أمتيازاته كبطل ومُحارب وقاضي ومحرر ومختار الله . كما خسِرَ تلك السمعة والكرامة ، وخَسِرَ شعبه مصالحهم . هكذا الخطيئة جردته من كل شىء ودنسته وبسببها تنكس رأسه وقُيّدَ مُهاناً الى السجن ليطحن لصالح الأعداء بعد أن قُلِعَت عينيه ( قض 21:16 ) كل هذا بسبب أمرأة ، وبسبب أمرأة كسر داود عهده مع الله فزنى وأمر بالق*ت*ل . أما أبنه سليمان الذي جعله الله أحكم بني البشر في زمانه وأختاره لكي يبني هيكل الله العظيم فهو الآخر بسبب أمرأة سجد للأصنام لكي ينال رضا زوجاته الوثنيات .
    بسبب تع-اط*ي الأنسان مع عدو الخير وعدم مقاومته لتجربته منذ البداية فسيبدأ الأنسان بالضعف ويقترب من العبودية والسقوط والأذلال ، فالتجربة تغوي الأنسان وتسقطه في خطيئة . الطير يسرع الى الفخ بسبب الطعام القليل الذي فيه ، هكذا الأنسان يسرع نحو الشهوات والتسليات والسكر والقمار عارضاً نفسه للأنتحار الروحي . سينتعش جسده بمتعة الخطيئة الى حين وعلى حساب مصلحة الروح ، فكل من يسير في الطريق الوعر فلا بد أن يسقط ويكوي بنار الخطية ، تقول الآية ( أيأخذ أنسان ناراً في حضنه ولا يحترق ثيابه ؟ أو يمشي على الحجر ولا تكوي رجلاه)”أم27:6″                                                                          
ختاماً نقول ليرحمنا الرب من الأوتار الطرية وخيوط التجارب الحريرية لأنها ستؤدي الى الحبال المضفورة مع السدى وأخيراً سننتهي بالسلاسل النحاسية على الأرض ومنها ستهبط الى الهوة الأزلية .

يقول الكتاب ، أن شعر شمشون قد نبت أخيراً في السجن بعد أن ندم على خطيئته بسبب تفريطه في نذره وعهده مع الله فندم وصلى في سجنه كما صلى يونان الهارب في بطن الحوت ، فقال شمشون ( يا سيدي الرب ، أذكرني وشددني هذه المرة فقط فأنتقم من الفلسطينيين نقمةً واحدة عن عيني ) “قض 28:16 ” فأستجاب له الرب وأنتقم من أعدائه . وهذا ما نلخصه في المثل قائلين  قض28:16 ” .  أي عليّ وعلى أعدائي . لقد أنتقم شمشون من أعدائه فهدم معبدهم الوثني وق*ت*ل فيه أكثر مما ق*ت*لهم طول حياته .  نال شمشون الخلاص ولكن كيف ؟ ناله كما بنار . وبعد خسائر فادحة (طالع ،1 قو 15:3 ، عب 32:11) .
بالتوبة والأيمان تغلب شمشون على ممالك الشر . والأب الضابط الكل والمحب أستجاب . ليتقدس أسمه القدوس .
بقلم
 وردا أسحاق عيسى
ونزرد – كندا
 
 
 ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!