مقالات

سيدة البحار والمحيطات بلا منازع – كاظم فنجان الحمامي

اما آخر شطحات الرجل البرتقالي فجاءت متمثلة بإرغام حكومة بنما، وارغام الحكومة المصرية على السماح للسفن الأمريكية (العسكرية والتجارية) بالمرور المجاني عبر قناتي بنما والسويس، وهما الطريقان الاستراتيجيان المتاحان للتجارة العالمية وللعمليات العسكرية، من دون ان يدفع لهم فلسا واحداً، أو قرشاً واحداً، بمعنى ان السفن التجارية والحربية الأمريكية سوف تجري سداح مداح (خرّي مرّي) عبر الممرات الملاحية الواقعة داخل المياه الوطنية لكل البلدان وفي كل القارات. .
ولتأكيد استهتاره وغطرسته ونظرته التوسعية الاستباحية كتب كلمة على موقع تروث سوشيال Truth Social يوم السبت الموافق 26 / 4 / 2025 جاء فيها: (لم تكن هذه القنوات لتوجد لولا الولايات المتحدة الأمريكية). .
اللافت للنظر ان ترامب صار يتصرف كما العجوز النكدية المتخصصة بإزعاج الناس، وتعكير الأجواء، وافتعال المشاكل، وخلق المنغصات، وتصدير الأزمات، وتهديد البلدان في شرق الأرض وغربها، والانتقاص من سيادتها، والتدخل في شؤونها، تحت شعار: (make America great again). .
وهو الآن يبسط نفوذه على الممرات والمضايق حول العالم، كي تكون متاحة لسفنه التجاري والحربية، فتتفسح وتتبختر وتختال في سيرها كيفما تشاء وحيثما تشاء. .
آخذين بعين الاعتبار ان السفن بشكل عام لا تدفع رسوم عبور القنوات مباشرة، وانما تدفعها بالطرق المصرفية المعتمدة في التعاملات المالية. فهل تستطيع هيئة قناة السويس أو هيئة قناة بنما ارغام السفن الأمريكية على دفع الرسوم المالية عداً ونقداً (كاش موني) ؟. وهل تجرؤ تلك الهيئات على مطالبة ترامب بتسديد الفواتير ؟. .
لن يتوقف ترامب عن ترويع الشعوب والامم. . فجأة طرأت على باله فكرة اختراق قناة السويس، وكأنها احدى مقتنيات بيت خالته، فطلب من وزير خارجيته تفعيل اجراءات عبور القناة مجاناً، وربما يطلب من مصر تزويد سفنه بالمؤن والوقود مجاناً. ويطالبها بأداء التحية، فتضرب (تعظيم سلام أفندم) لسفن ترامب في ذهابها وإيابها. .
الأنكى من ذلك ان الولايات المتحدة ربما تطالب حكومات العالم بالمرور القهري من دون الاستعانة بمرشد محلي يقودها عبر منعطفات تلك الممرات الملاحية المعقدة. .
فقد اصبحت المسطحات المائية في البحر الأبيض المتوسط، وفي البحر الأحمر، وفي مضيق باب المندب، ومضيق هرمز، وخليج عدن وخليج عمان وبحر العرب، اصبحت كلها مسرحا مفتوحا لتحركات حاملات الطائرات الأمريكية وغواصاتها وفرقاطاتها ومدمراتها. تقصف هنا وتقصف هناك. تقتحم الموانئ وتغادرها بلا شروط، وبلا قيود، وبلا التزامات، وبلا استئذان. .
كان القانون البحري الدولي يصنف عمليات العبور الحر إلى:-
– حق المرور البريء. .
– وحق المرور العابر. .
وسوف يضاف اليها حق المرور المستهتر، أو حق المرور القاهر أو السافر، أو حق المرور الإلزامي. أو حق المرور رغم انف الشعوب والأمم. .
كانت بريطانيا في الماضي القريب: هي الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، لكنها انكمشت وتقزمت. اما الآن فقد اصبحت الولايات المتحدة سيدة البحار والمحيطات وسيدة القنوات الملاحية والخلجان البحرية بلا رادع وبلا منافس. .
نسخة من هذه المقالة إلى هيئة الامم المتحدة. .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!