العادات والتقاليد في حوار الحريات و العبوديات
العادات والتقاليد في حوار الحريات و العبوديات
د. نزار محمود
هذه الموضوعة ستبقى، حسب اعتقادي، محور نقاش وجدال الى أمد غير منظور. واذا كانت المجتمعات تختلف الى هذا الحد أو ذاك بعاداتها وتقاليدها المستمدة من قيمها وتاريخها وثقافتها وما مرت به من أحداث وظروف، فإن أجيالها الزمنية تعيش هي الاخرى حالات صراع بسببها.
كما تجدر الإشارة هنا الى ان هذا الصراع يجنح الى قبول التغيير اكثر منه الى المحافظة، وأنه في المجتمعات الدينية، التي تتماهى فيها تلك العادات والتقاليد مع القيم الدينية، أشد منه في المجتمعات غير الدينية والتي بدأت تأخذ بالحداثة والتنوير بدرجة أكبر.
من هنا فإن العادات والتقاليد في ما يسمى بالمجتمعات المحافظة تحظى بقيمة وتأثير أكبر .
ان قضية العادات والتقاليد تجد لها محوراً نقاشياً عند الحديث عن الحريات والعبوديات. فغالباً ما تتقاطع العادات والتقاليد غير المتطورة بالسرعة الموازية للتطور العام، مع المستجدات في مفاهيم وأشكال الحريات، لا سيما الفردية فيها. واذا كانت هذه الحريات قد وجدت مكانة لها في المجتمعات غير المحافظة، فإنها ما زالت في صراع مع المجتمعات المحافظة تصل أحياناً الى اضطرارها الى التنازل عن دعوات حرياتها ورضوخها لتلك العادات والتقاليد وبالتالي تعيش حالاً أشبه بالعبودية المحكومة بتلك العادات والتقاليد.
وفي هذا الاطار تزداد اشكالية العادات والتقاليد عندما يتعلق أم التمسك بها بواحدة من الامور التالية:
⁃ علاقتها الوثيقة بالقيم الروحية، كما جرى التنويه عنه، والتي تحظى بقدسية اجتماعية كبيرة.
⁃ مدى علاقة النظام السياسي وقياداته الوجودية بتلك العادات والتقاليد.
⁃ موقف القوى الاجتماعية المهيمنة ومصلحتها في تلك العادات والتقاليد.
⁃ مكانة تلك العادات والقيم في تشكيل خصوصيات الهوية الجمعية، وطنية أو قبلية.
⁃ مدى القناعة باهمية تلك العادات والتقاليد في استقرار المجتمع وتقدمه.
⁃ الفلسفة التربوية السائدة على المستوى الاسري والتعليمي والمجتمعي بصورة عامة.
كل هذه الامور تعيش حال حوار ونقاش، لا بل وسجال ومناكفة وصراع مع جانبي الحريات والعبوديات، سواء في الفهم أو التطبيق.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.