مقالات دينية

الثالوث الأقدس

​الثالوث الأقدس

الثالوث الأقدس

كلمة ثالوث هي العبارة التي إستعملتها المجامع المقدّسة والآباء القديّسون للتعبير عن العقيدة المحوريّة في الدين المسيحيّ، أي الإعلان عن الإيمان بإله واحد في ثلاثة أشخاص :
الآب، الإبن والرّوح القدس.
يقول القدّيس أثناسيوس الإسكندريّ: “الآب هو الله، والإبن هو الله، والرّوح القدس هو الله ، ورغم هذا لا وجود لثلاثة آلهة إنّما إله واحد”. الآب ولد الإبن، والروح انبثق من الآب بالإبن، إنّما هذه الولادة لم تتم في الزمن ، وإنبثاق الرّوح لا يعني أنّ الروح قد جاء بعد الآب من ناحية الوجود . منذ البدء كانت الأقانيم (الأشخاص) معاً ، تشترك في الجوهر الإلهي  وفي الطبيعة الإلهيّة رغم إختلاف الأقانيم .
هذا هو سرّ الإيمان : كيف يمكن أن نفهم حقيقة أن الله هو إله واحد وفي الوقت نفسه ثلاثة أقانيم ؟ كيف نفهم حقيقة الإتّحاد الجوهري وإختلاف الأشخاص ؟ كيف نفهم أن الآب قد ولد الإبن دون أن يكون سابقاً له في الزّمن أو أكبر منه من ناحية الألوهة ؟ هو سرّ يَتخطّى قدرة عقلنا على احتوائه ، نؤمن به ، ونسعى الى فهمه بالقدر الّذي أُعطي لعقلنا أن يَفهمه .
يُخبر التقليد المسيحيّ القديم قصّة جرت مع القدّيس أغوسطينوس . بينما كان هذا القدّيس اللاّهوتيّ سائراً على شاطيء البحر يُفكّر في سرّ الثالوث ، رأى طفلاً يأخذ من مياه البحر في صَدَفَةٍ صغيرة ويضع المياه في حفرة صغيرة حَفرها . حين سأله القديّس عمّا كان يفعله أجاب الطفل : ” أضع البحر في الحُفرة “، فضحك القدّيس مدركاً العلامة الإلهيّة : لهوَ أسهل أن يوضع البحر في حفرة صغيرة من أن يُدرك سرّ الثالوث بواسطة عقل الإنسان .
إنّما أذا أردنا أن نُفتّش عن تشابيه تساعدنا على أن نفهم ولو قليلاً سرّ الثالوث الواحد والثلاثي الأقانيم ، نفكّر في الإنسان نفسه : جسم وروح ونفس ، كلّ عنصر منها مختلف عن الآخر ، إنّما يبقى الإنسان واحداً لا ثلاثة ، ولا وجود للإنسان دون واحد من العناصر
الإنسان الّذي يدخل في علاقة مع الآخر هو صورة للثالوث أيضاً : يُخاطَب بالكلمة . الكلمة تخرج من العقل بشكلها النظريّ ، وتُضحي “ملموسة” بواسطة الصوت . هذه العلاقة لا وجود لها دون واحد من هذه العناصر ، لأنّ هذه العناصر الثلاثة تتّحد معاً فتُخلق العلاقة ، وفي غياب واحد منها يكفّ التواصل ، إنّما هي في الوقت عينه عناصر متمايزة ، لكلّ منها وظيفة محدّدة
الشمعة المضيئة ظلام ليلنا تعكس أيضاً سرّ الثالوث : النار والنّور والحرارة. لا وجود لعنصر دون الآخر ، ولا وجود للشمعة دون واحد من هذه العناصر . لكلّ عنصر وظيفته ، وكلّ عنصر متمايز عن الآخر ، إنّما متّحدة كلّها بالطبيعة الماديّة ذاتها
الأباتي بيار نجم المريمي

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!