مقالات دينية

ܟܠܝܵܢܐܵ ( التجلي ) … ظهور لاهوت المسيح في ناسوته

ܟܠܝܵܢܐܵ ( التجلي ) … ظهور لاهوت المسيح في ناسوته

بقلم / وردا إسحاق قلّو

   قال يسوع لتلاميذه ( الحق أقول لكم ، من الحاضرين ههنا من لا يذوقون الموت حتى يشاهدوا إبن الإنسان آتياً في ملكوته ) ” مت 28:16″ .

 هناك مستويات كثيرة في تفسير كلام الرب وما يعنيه في هذه الآية . فهناك من يفسر ويقول ، أن ملكوت الله ستأتي بعد قيامة الأموات ، أي في نهاية الزمان يوم مجىء يسوع الديان مع ملائكته . والآخرون يقولون بأن ملكوت الله ستبدأ بعد خراب أورشليم وهدم الهيكل وزوال العهد القديم ليبدأ العهد الجديد . أو الملكوت يبدأ من هنا في قلب كل مؤمن بالمسيح . ومن الممكن أن يكون البشير متى قد قصد بأن هذا المجىء دُشِّنَ بقيامة المسيح ( طالع طالع مت  18:28 ) لأن بعد القيامة أرسل يسوع روحه القدوس لكي يؤسس كنيسته المقدسة ، والروح القدس سيكون حاضراً في كل أسرار الكنيسة . والكنيسة هي حالة مصغرة للملكوت على الأرض ، بل ستنتهي الكنيسة الأرضية عندما تلتصق بالكنيسة السماوية الممجدة .

بعد آية السطر الأول من هذا المقال ينتهي الأصحاح السادس عشر من إنجيل متى ليبدأ الفصل التالي والذي يبدأ بقصة التجلي على جبل طابور والتي حدثت بعد ستة أيام فقط من قول الرب ، فظهرت كل أقانيم الله على الجبل كما ظهرت في يوم عماد الرب ، فتجلت صورة المسيح أمام التلاميذ الثلاثة ( بطرس ، يعقوب ، يوحنا ) ليظهر على حقيقته أمامهم ، فأشع وجهه كالشمس ، وتلآلأت ثيابه كالنور . كما ظهر موسى وأيليا ، وبادر بطرس بمخاطبة يسوع لنصب ثلاث خيام لهم . ما كان بطرس يعرف ما يقول ، لأن الرعب استولى عليه ، أنه رعب مقدس يمسك الإنسان الذي يزوره الله فيرفعه من أوضاعه العادية لأجل المعرفة . والمظال التي أراد بطرس نصبها تلمح إلى المظال الذي يعيش فيه اليهود ثمانية أيام . تلك المظال المصنوعة من أغصان الأشجار ، وكان ذلك العيد عيد رجاء اليهود .

   ظهر غمام نيّرْ فوقهم وظللهم ، والغمام يرمز إلى حضور الله ، ومن الغمام سمعوا صوت الله الآب يقول ( هذا هو إبني الحبيب الذي عنه رضيت ، فله إسمعوا ) فسقط التلاميذ على وجوههم بسبب الخوف الشديد . فهل هذا المنظر العجيب حَوَّلَ المكان إلى الملكوت الذي قال عنه يسوع ؟ وهل التلاميذ الثلاثة كانوا هم المقصودين في كلام الرب بأنهم سيشاهدوه آتياً في ملكوته قبل أن يذوقون الموت ؟

  في هذا العرس الإلهي نجد لوحات ثالوثية على الجبل ، وهي : الثالوث القدس ( الآب في صوته ، الإبن بعد تجليه إلى حقيقته ، والروح القدس الذي كان ينير الغمام ) كذلك نجد ثالوثاُ في المقاطع الثلاثة في كلام الآب عن إبنهِ ( إبني الحبيب ، عنه رضيت ، له اسمعوا ) . وثالوث آخر هو ( موسى الذي يمثل عهد الناموس . وإيليا ، عهد الأنبياء . والمسيح العهد الجديد ) . كما نرى ثالوث الرسل الثلاثة . كذلك ثلاث مظال . فهل التجلي هوصورة مسبقة لمجد القيامة والدخول إلى ملكوت الله ؟

لنعود إلى الرأي القائل بأن الملكوت المقصود هو بعد أن تتحقق الآلام ، ودفع الفدية على الصليب ، ومن ثم القيامة وحلول الروح القدس على التلاميذ ، ومن ثم إنتشار كلمة الإنجيل في المعمورة كلها . لهذا كان يسوع ينادي أثناء نشر كلمة الإنجيل ( توبوا وآمنوا فقد إقترب ملكوت الله ) . فكلمات يسوع الكثيرة قرأت وأعيد قرائتها تبعاً للحاضر الجديد الذي ترأى يسوع لتلاميذع بطريقة إستثنائيى ، في جسد جديد ليق بإبن الله ، فظهر لاهوته المخفي في جسده الإنسانس ، وسمح للتلاميذ أن يشاهدوه على تلك الحقيقة .

  وفي إنجيل يوحنا نسلط الضوء على الروح القدس النازل في يوم العنصرة الذي علم الرسل كل شىء ، وذكَرَّهم بجميع ما قاله لهم يسوع . ويسوع قد قال لتلاميذه ( لا يزال لدىّ أشياء كثيرة أقولها لكم ولكنكم لا تطيقون الآن حملها ، فمتة ما جاء روح الحق أرشدكم إلى الحق كله ) ” يو 26:14 ، 16: 12-13 ) .

 بعد هذه التفاسير نقول : لا تضارب بين رجاء يقاسمه يسوع عن قرب ملكوت الله ، وهنا التأكيد أنه يجهل اليوم والساعة . هو ينتظره قريباً . إذاً لا بد من الإستعداد والشروع بالتوبة والعمل السريع من أجل إستقبال العريس السماوي ، وهذا هو المهم بالنسبى إلى السامعين ، ثم أن المسيحيين استندوا إلى هذا التأكيد لجهل اليوم والساعة ليتجاوزوا ما يقيد المسيحيين . قال بعضهم في السنين الأولى بعد العنصرة : الملكوت قريب ، إذاً لن معمل شيئاً . فأجابهم بولس : لا ، لأنكم لا تعرفون الزمن ( طالع 1 تس 5: 1-3 ، 2 تس 2: 1-3 ) وبفضل هذا الجهل ، لا داعي لمعرفة زمن وقوعه . والأهم هو أن نستعد للملكوت في كل يوم من أيام حياتنا .

والمجد لربنا المتجسد في ناسوتنا .

توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) ” رو 16:1 “.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!