مقالات دينية

مستقبل الأنسان والطبيعة في اللازمن

الكاتب: وردا اسحاق

مستقبل الأنسان والطبيعة في اللازمن

بقلم / وردا أسحاق عيسى

وندزر – كندا

 

 

بالأيمان ، كان ينتظر أبراهيم الأنتقال الى المدينة السماوية ذات أسس ثابتة ، التي مهندسها وبانيها هو الله ) ” عب 10:11″

 

الأنسان يخضع في هذا العالم الى قوانين الطبيعة المقيّدة بالزمان والمكان . وفي الأول ، والوسط ، والأخير . أو هنا وهناك ، وفي الماضي والحاضر والمستقبل ، في البداية والنهاية . وأخيراً هناك نهاية للزمن , فالأنسان بعد الموت سيصبح في اللازمن ويتحرر من كل تلك القوانين فلا يخضع بعد الى (قبل) أو (بعد ) . بعد القيامة لم يعد هناك فصل بين هذا وذاك ، وليس هناك تحديد ، أو موت آخر ينتظرنا ، ولا نهاية أخرى ، بل سنخضع الى قوانين جديدة مع الله الذي هو مصدر الحياة والحب والجمال والخير ، بل هو مصدر النور فلا نتحتاج الى نور الشموس والوسائل الأخرى . كما سينتهي سلطان الموت ، أو الألم والمرض لكي نحيا مع الله بسعادة أبدية الى الأزل . أنه أحبنا منذ البدء وستستمر محبته لنا فيعطينا حياة أبدية . عندما أرسل أبنه الوحيد ليكون معنا ( عمانوئيل ) فعلينا أن نثق به وبكلامه ، ونؤمن بأنه مُحِب وغافر وهو الذي يستقبلنا في مساكن العليين ، في وطننا الجديد ، الوطن الذي يحتضن البشر المختارين . وفي الخليقة الجديدة نجد الحرية الكاملة لأبناء الله الذين يتم تجديدهم في القيامة ، وهذا التجديد سيشمل الكون كله ، حتى الطبيعة ، أنها رؤية الله العظيمة .

وصف لنا الرسول بولس النظام الكوني المخلوق كأنين المرأة عند الولادة ، ينتظر بشغف ليعطى ولادة جديدة للحياة مع الأنسان ، فقال ( فقد أخضعت للباطل ، لا طوعاً منها ، بل بسلطان الذي أخضعها ، ومع ذلك لم تقطع الرجاء لأنها هي أيضاً ستحرر من عبودية الفساد لتشارك أبناء الله في حريتهم ومجدهم ) ” رو 8 : 20-21 ” . فكل شىء مخلوق سيُرفع الى مجد الله . فلو تأملنا بعمق بالجبال والبحار والصحاري والغابات والحيوانات وبشموس السماء والنجوم وكل المجرات التي تُعِد بالمليارات وتبتعد عن بعضها آلاف السنين الضوئية فحتماً سنصل الى الفكرة بأنها ( تشارك أبناء الله في حريتهم ومجدهم ) ” رو 21:8″ . فعلاً سيكون للخليقة حصة في المجد بسبب تمجيد الأنسان بعد القيامة ، وكما كان لها نصيب في عقاب الأنسان بعد الخطيئة . أي ليس للأنسان فقط المشاكل في هذا العالم بعد الخطيئة ، بل لكل الخليقة ، فستتحرر من ذلك العقاب فتنتهي أهانتها وتشتكي مع البشر في رغبة منها للوصول الى الحرية الكاملة . وحتى الحيوانات الضعيفة المضطهدة من قبل الحيوانات القوية التي أراد الله أن يحافظ عليها كلها من الأنقراض بسبب الطو*فا*ن لهذا أمر نوحاً بأنقاذها بسفينته التي صممها له لأنها مهمة لديه لهذا قال لنوح (من الطيور كأجناسها ومن البهائم كأجناسها ومن كل دبابات الأرض كأجناسها ) ” تك 20:6″ . هكذا سيحفظها في أمان وحرية بعد القيامة .

قال النبي أشعيا ( فيسكن الذئب مع الحمل ، ويربض النمر الى جوار الجدي ، ويتألف العجل والأسد وكل حيوان معلوف معاً . وصبي صغير يسوقها . ترعى البقرة والدب معاً ، ويربض أولادهما متجاورين ، والأسد يأكل التبن كالثور . ويلعب الرضيع على جحر الأفعى ، ويضع الفطيم يده في وكر الأفعى فلا يصيبه سوء . لا يسيئون ولا يفسدون في كل جبل قدسي . لأن الأرض تمتلىء من معرفة الرب كما تغمر المياه البحر ) أشعيا 11: 6-9″ .

فكل شىء في الخليقة الجديدة سينتمي مع البشر الى عائلة الله الواسعة . إذاً ليس بني البشر فقط سيميزون بأنهم أخوة وأخوات ، وهم فقط مدعوون للعيش في الوحدة وبحرية والمساوات ، بل كل أعضاء خليقة الله سيعيشون معاً بتوافق كامل . بمجىء يسوع الرب في يوم القيامة المجيد ستتحقق هذه الرؤية لكي يخلق عالم جديد ونظام عادل وعلينا أن نثق بهذه الرؤية التي نقلها لنا أشعيا النبي . وقد أكملها الرسول يوحنا الرائي برؤيته التي كتبها لنا عندما رأى سماء جديدة وأرضاً جديدة . كل الخليقة تحولت ولبست الخلود كي تكون عروس لبعلها . فقال (هوذا بيت الله والناس : يسكن معهم ويكونون له شعباً . الله معهم ويكون لهم إلهاً ، يكفكف كل دمعةٍ تسيل من عيونهم . لم يبق للموت وجود ، ولا للبكاء ِ ولا للصراخ ولا للألم ، لأن العالم القديم قد زال . وقال الذي على العرش استوى : ” هاءنذا أجعل كل شىء جديداً “ ) .  ” رؤ:21 : 3-5 ”  .

هكذا أكد لنا كل من أشعيا النبي والرسول يوحنا موضوع خلود الطبيعة مع البشر موضحين عمل المسيح القائم في خلق العالم الجديد .

سيتمجد أسم الرب الآن وفي يوم القيامة  وألى الأبد

يمكنك مشاهدة المقال على منتدى مانكيش من هنا

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!