مقالات دينية

ظاهرة تكرار رشح الزيت من أيقونة العذراء في كنيسة مار سمعان العمودي في وندزر – كندا

بقلم / وردا إسحاق قلّو

ظاهرة تكرار رشح الزيت من أيقونة العذراء في كنيسة مار سمعان العمودي في وندزر – كندا
قبل أن ندخل في تفاصيل خبر رشح الزيت من أيقونة العذراء المسمى ( أيقونة الكأس الذي لا ينضب ) في كنيسة مار سمعان العمودي في مدينة وندزر – كندا . نقول ، الزيت هو مادة ، فعلينا أولاً أن نبحث عن دور المادة في إيماننا وفي صلواتنا لكي نعلم بأننا بالمادة نصلي ، وبواسطتها نقدم طقوسنا ، أجل مواد كثيرة لها دور بارز في صلاتنا كمادة الخبز والخمر والماء والزيت ، وهذه كلها تدخل في الأسرار المقدسة علماً بأن الله روح ، وهو الذي جبلنا من مادة الصلصال ، أي من أديم الأرض ( التراب ) لنصبح آدميين . إذاً لماذا لا نحاول ام نجد الله في صميم المادة كمادة الزيت التي نضحت من أيقونة العذراء . في المادة أبعاد حسية ملموسة . والمادة صالحة في جوهرها لأنها من خلق الله ، وكل ما خلقه الله من المادة رآه حسن ( تك 1 ) . والمادة هي مصدر الطاقة التي لا تنضب قدراتها . فيها مخزون غني كامن . لكن علينا أن نسال ونقول ما هو مصدر طاقة المادة ؟ الجواب : مصدرها هو الله الذي خلقها . فالله هو الطاقة بالذات في صميم المادة . علينا إذاً أن نطرح سؤالاً آخر ونقول : ما هو هدف المادة في حياتنا الروحية ؟ هدفها مزدوج وهو : أن تكون المادة في إيماننا أداة الروح وخادمته ، وأن تكون أيضاً الكيان الذي منه تستقي الروح طاقاتها وقدراتها لتحقق ذاتها . أو بتعبير آخر ، هدف المادة للإنسان هو خدمة الحياة والروح وتغذيتهما . مواد كثيرة أخرى تدخل في طقوسنا الكنسية لخدمة إيماننا ، وتدعم صلاتنا المرفوعة إلى حضرة الله كالفن والجمال في رسوم الأيقونات ، وأدوات الموسيقى التي ترفع أفكارنا إلى الله وتوضّح لنا أهداف الكتاب المقدس . الأيقونات والتماثيل تأتينا بواسطتها رسائل من السماء ، كنضح الزيت أو رشح الدم من تمثال المصلوب ، أو من برشانة القربان المقدس . وكل هذه هي مواد ، وبواسطتها تواصل معنا السماء ونحن معها . لا وبل نقول الله إستطاع أن يلتقي بنا مادياً منذ أن صار الله الكلمة جسداً ، فصار المسيح مادة ، صار كل جسد وكل مادة تعبيراً عن مظهر مُعيَّن من مظاهر سر الكلمة المتجسد . وتجسد الله في المادة لن ينتهي ، بل أستمر ويستمر ، فالمسيحية هي ديانة التجسد ، المسيح تجسد في الإنسان ، ويتجسد كل يوم في مادتي الخبز والخمر في سر الإفخارستيا التي هي أعظم معجزة تحصل كل يوم في العالم كله . علينا إذاً أن ننظر إلى المادة نظرة تفاؤلية لكي نكتشف فيها حضور الله الذي خلقها . الكتاب المقدس مادة دوِّنَ عليها كل كلام الوحي الإلهي الذي يدعونا إلى إكتشاف الله من خلال مواد هذا الكون . فكل مخلوق مادي هو نشيد حيّ يمجد الخالق ، لهذا تقول الآية :
( السماوات تحدث بمجد الله . والجلد يخبِر بما صنعت يداه . النهار للنهار يعلن أمره . والليل لليل يذيع خبره ) ” مز 19: 2-3 ” . فالطبيعة هي كتاب مفتوح أمامنا ، إنها نص مقدس ، بل كتاب مقدس قبل أن يكتب لنا الكتاب المقدس على مادة الكتاب . الطبيعة كمادة تخبرنا بعظائم أعمال الله في خلقه .

 أيقونة العذراء في كنيسة مار سمعان العمودي في وندزر – كندا
   الان نعود إلى موضوع رشح مادة الزيت من أيقونة الكأس الذي لا ينضب . في البدء علينا أن نفهم مادة الزيت ودورها في الإيمان منذ القديم إلى اليوم . في العهد القديم كان الأنبياء يمسحون الكهنة والملوك بمسحة الزيت المقدسة ، فكان يحل عليهم روح الرب الذي كان يعطي لهم مواهب منها نبؤة التنبؤ . فالله أمر موسى أن يصنع محتويات المسحة المقدسة وبمقاييس محدودة من زيت الزيتون النقي يضيف إليه مجموعة من الأطياب . كما أمر الله إيليا ليمسح تلميذه إليشع بن شافاط نبياً عوضاً عنه ( طالع 1 مل 19:16 ) . وصموئيل النبي مسح شاول الملك فحل عليه الروح وتنبأ ، كما مسح النبي داود . اما في العهد الجديد فكان الروح يحل على المؤمنين بوضع اليد في العصر الرسولي ، وبعد ذلك تم بالمسحة المقدسة ( طالع 1 يو 2: 20-21 ) وذلك بدهن المعمد بزيت الميرون المقدس . وبمسحة الزيت المقدس يشفى الكثيرين ( مر 6: 12-13 ) والزيت يرمز إلى عمل الروح القدس في الشفاء . فالروح هو الذي يعمل في مادة الزيت فيحدث الشفاء ، كذلك تغفر الخطايا ( يع 5 : 14- 15 ) إذاً القوة تأتي من الروح القدس العامل في الزيت سواء للشفاء أو للمغفرة .

أيقونة العذراء في كنيسة مار سمعان العمودي في وندزر – كندا
   الأيقونات والتماثيل التي تنضح الزيت في دور العبادة أو في بيوت المؤمنين ، تقوم الكنيسة بالتحقيق الدقيق من الجانب الروحي للوصول إلى الغاية ، وكذلك الجانب العلمي لتحليل الزيت أو الدم الناضح من تمثال المصلوب أو من القربانة في المختبرات لمعرفة مصدر المادة أو نوعها ،
 في كنيسة مار سمعان العموي الملكية الكاثوليكية في وندزر – كندا عادت الظاهرة العجائبية لأيقونة العذراء ( أيقونة الكأس الذي لا ينضب ) برشح الزيت للمرة التاسعة . هذه الأيقونة روسية عجائبية نسخها الشاب الأوكراني الذي عاش في لبنان . شفته العذراء من مرض الإدمان على الكح-و*ل فكرس حياته لرسم الأيقونات . فهذه الأيقونة جلبت من لبنان إلى وندزر . كان أول نضوح لها في عيد التجلي عام 2018 . في صباح ذلك اليوم كان لراعي الكنيسة الأب جيرارد ابي صعب يجتمع مع الشبيبة في قاعة الكنيسة ، بعد الإجتماع دخلوا إلى الكنيسة فلاحظوا وجود الزيت على الأيقونة ، تم مسحها جيداً للتأكد ما إذا كان أحداً قد فعل ذلك عن قصد ، وتم نقل الأيقونة إلى مكان آخر داخل صحن الكنيسة وبعد ذلك خرج الجميع وغلقت كل أبواب الكنيسة . عادوا في الساعة التاسعة مساءً فوجدوا الأيقونة تنضح الزيت بغزارة . قرر كاهن الرعية إقامة الذبيحة الإلهية طالباً من الرب أن يكشف عن سر النضوح العجائبي . بعد القداس قُدِمَ زياح للعذراء فبدأت الأيقونة برشح كميات هائلة من الزيت امام جميع الحاضرين فإنتابهم شعور غريب بين الدهشة والفرح . قرر الكاهن وضع الأيقونة في داخل المذبح المقدس وهناك تكررت الحالة لمدة أسبوع .
   جاء كاهن من مونتريال ( مقر المطرانية ) ومعه إثنين من المؤمنين ليتأكدوا مما جرى فمسحوا الأيقونة جيداً ، لكن بعد فترة قصيرة شرع الزيت بالنضوح وبكميات كبيرة ايضاً .

صورة التطواف حول الكنيسة
تم إرسال كمية من الزيت الناضح إلى مختبرين لتحليله ، واحد في مونتريال ، والمختبر الثاني في جامعة وندزر . جاءت النتيجة واحدة وهو زيت الزيتون النقي 100 % لكن لم تصل تلك المختبرات إلى مصدر هذا الزيت وإلى أي بلد يعود ، والسبب لأنه لا يعود إلى أي بلد من بلدان هذا العالم .  الزيت الناضح رائحته عطرة تمتع بها كل الحاضرين .
 أمر كاهن الرعية بخلط كميات من زيت الزيتون إلى الزيت الناضح من الأيقونة لتقديمه إلى المؤمنين في الكنيسة وللوافدين من خارجها بأعداد كبيرة . في يوم الأثنين صباحاً توقف النضح .
 في عيد والدة الإله تم مسح الأيقونة جيداً وبعد الغروب تم تقديم الزياح للعذراء فوجد الشماس مرة أخرى أن الأيقونة ترشح زيتاً بكميات كبيرة أيضاً وإستمرت بالنضح بكميات أقل لمدة يومين .

صورة للأبوان يحملان الصورة

 المرة الأخيرة لهذه الأعجوبة وقعت يوم الأربعاء المصادف 14-8-2024 أي في اليوم الذي سبق عيد إنتقال العذراء إلى السماء . في الساعة الخامسة مساءً بدأت الأيقونة برشح الزيت بكمبات قليلة . في تمام الساعة الساسة والنصف إكتضت الكنيسة بالمؤمنين لحضور قداس عيد الإنتقال وبعد القداس مباشرةٌ خرج موكب المؤمنين في مسيرة مع زياح للعذراء. بعض النساء تناوبنَ في حمل سجادة عليها صورة رقاد العذراء . والشبيبة حملوا الصليب والشموع أما الكاهنان ( الأب جيرارد خوري الكنيسة والأب الفرنسي بنوا ) فحملوا على ذراعيهما الأيقونة العجائبية . بعد التطواف عاد الجميع إلى الكنيسة  فبدأت الأيقونة برشح الزيت بكميات كبيرة أمام الحاضرين وشم الجميع رائحة الزيت العطرة . قام خوري الرعية بفتح زجاجة الأيقونة ، وبعد ذلك أخرج صورة الأيقونة من الإطار ليصب الزيت الذي تجمع داخل الإطار في إناء زجاجي . وبعد ذلك قام بتبريك كل المصلين برسم الصليب على الجباه من الزيت الذي أعطته العذراء . وبعد ساعتين قام الكاهن بتفريغ الصورة ثانيتاً أمام المؤمنين الذين ظلوا في الكنيسة يرفعون الصلاة والزياح ، إضافة إلى الزائرين الذين وفدوا بعد سماعهم بالحدث العجيب فظلت أبواب الكنيسة مفتوحة إلى الساعة الثانية عشر ليلاً .
عبّرَ الأب جيرارد أبي صعب عن هذا الحدث وقال : الزيت يرمز إلى الروح القدس الذي يطلب منا التوبة والإعتراف . كان البعض يأتون إلى الكنيسة بإيمان بارد لكن بعد هذه المعجزات بدأ إيمانهم يسمو وعدد الحاضرين يتزايد ليعيدوا إلى الله بحرارة وفرح ، الإعجوبة تدفع الإنسان إلى مراجعة الذات والعودة إلى الإيمان والشعور بحضور الله في حياتهم . الإعجوبة لا تأتي بالإيمان ، بل إيمان الإنسان هو الذي يفتح المعجزة كما كان يقول يسوع ، بحسب إيمانكم يكون لكم . أي الإيمان قبل الحدث . العذراء تجمع أبائها لتقول لهم ( إعملوا ما يأمركم به يسوع في الإنجيل ) .
   هنا نذكر المعجزات التي إجترحتها العذراء منذ النضوح الأول إلى التاسع والأخير في كنيسة مار سمعان العمودي :
1-شفاء ثمانية من المصابين بمرض السرطان .
2- شفاء كسيح .
3- شفاء أخرس .
4- شفاء أثنين من مرض نزف الدم .
5- شفاءات روحية كثيرة عادت للتوبة والإعتراف .
6-إرتداد كاهن من كنيسة الشيطان الذي جاء يستطلع عندما سمع عن المعجزة لكنه لم يستطيع الدخول إلى الكنيسة بل تثبت في مكانه ولم يستطيع التقدم وكما حصل للقديسة مريم المصرية التي كانت زانية وأرادت أن تدخل إلى كنيسة القيامة مع المؤمنين لتستطلع فقط وهي ملوثة بالخطايا . طلبت من العذراء أن تسمح لها بعد توبتها ، ومن ثم تركت العالم وتوجهت إلى برية إردن لتعيش لله وحده ، للمزيد طالع قصة ( القديسة مريم المصرية ) .
 سمحت العذراء للكاهن الغريب بالدخول بعد توبته وعاد إلى الإيمان الحقيقي وغادركنيسة مار سمعان  فرحاً ، كما إضطر إلى الرحيل من منطقته بعيداً لكي لا ينال إنتقام عبدة الشيطان .
  في الختام نقول : الرب يسوع الذي حل في جسدنا المادي الفاني ، حوله إلى جسد ممجد وبه صعد إلى السماء . كذلك العذراء مريم ذاقت كأس موت الجسد كأبنها ، وأبنها رفعها إلى السماء بجسد ممجد يليق بعالم الأرواح ، لأن المادة الفانية لا تدخل في عالم الخلود ، لهذا قال الرسول ( إن اللحم والدم ليس بوسعهما أن يرثا ملكوت الله ، ولا يسع الفساد أن يرث ما ليس بفساد ) ” 1 قور 50:15 ” .
ولربنا وإلهنا يسوع المجد الدائم .
 توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) ” رو 16:1

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!