سلطة يسوع على المياه
سلطة يسوع على المياه
إعداد / وردا إسحاق قلّو
إن سيطرة الله على المياه هو أحد المواضيع المهمة في النظرة الكونية في الكتاب المقدس – العهد القديم ، فالكتاب إذ يقدم خلقة العالم يتمثل بالتقاليد الشرقية القديمة ، فيظهر سيطرة الله على البحر وما يحتويه من وحوش الشر وقواته ( تك 1:6-10 ، مز 73: 13-14 ، مز 88:1-11 ، حب 3: 8،15 ، أش 51: 9-10 ) .
كما أن سيطرة الله على المياه تلعب دوراً مهماً في مراحل الخلاص , لنتذكر النصر على البحر الأحمر ( مز 9:105 ) فهو نموذج يعبّر عن هذه الفكرة ، وتتكر النماذج في الكتاب ، وتتابع المراحل حتى نجد في آخر كتاب العهد الجديد نموذجاً فريداً آواخري النظرة وهو سيطرة الله مع مستنقع الكبريت والنار ( رؤ 20:9-13 ) حيث يقذف البحر الأموات الذين كان يضمهم في أحشائه ، وما بين هذين الحدين يكون مجىء المسيح على الأرض هو بدء النصر الإلهي ، نصر الخلاص ، لا يدهشنا إذاً أن نعرف مثلاً أن المسيحيين الأولين رأوا في هاتين الروايتين أي معجزة تسكين الريح العاتية ( مت 8: 23-27 ) والمشي على الماء ، ظهوراً رائعاً لذلك الذي يواصل عمل الخلق ويوصلهُ إلى كماله ، وإنفتاحاً مهائياص لطريق الخلاص .
المياه رمز الضيق
إن عقلية العهد القديم رأت في الشرور التي تنال البشر كالماء والوحل الذي نتخبط فيهما . فنسمع داود النبي يعبر عن هذه الفكرة في المزمور _ 68: 2-3 ) قائلاً : ( ألهم خلصني ، فإن المياه قد بلغت إلى نفسي ، غرقت في حمأة عميقة لا مستقر فيها ، دخلت غلأى إعماق المياه ، والسير غمرني … ) .
ويكمل المزمور بعد قليل ( الآيات 15-16 ) فيقول :
( إنقذني من الوحل فلا أغرق ، نجني من الذين يبغضوني ومن أعماق المياه . لا يغمرني سيل الماء . ولا يبتلعني القعر ، ولا تطبق البئر فاها … ) .
إن المسيحيين الأولين ، وخاصةً أولئك الذين وجه إليهم متى إنجيله ، كانوا متشبعين بأفكار كهذه فالأمواج المتلاطمة ، والرياح العاتية التي كان التلاميذ يحاولون السيطرة عليها طيلة الليل ليست سوى رمزاً للصعوبات التي كان المسيحيون في صدر المسيحية يعيشونها كل يوم منذ القيامة ويجتهدون من أجل السيطرة عليها . وعلينا ألا ننسى بأن المسيح يأتي للقيانا ويمد يد العون إلينا وينشلنا من الصعوبات ، له المجد في كل حين .