بين الأضحَيين.. حين تُنتهك حرمة العيد في العراق
العيد هو مناسبة للفرح والتسامح، لكنه في العراق كان شاهدًا على حادثتين كبيرتين هزّتا وجدان الشعب، حيث لم يُؤخذ أي اعتبار لحرمة عيد الأضحى، بل تحوّل إلى يوم للانتقام السياسي والاقتصادي
الأولى كانت إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين فجر عيد الأضحى عام 2006، في مشهد أثار جدلًا واسعًا حول توقيت التنفيذ، بغض النظر عن كونه يستحق الإعدام من عدمه
حيث رأى كثيرون أن اختيار هذا اليوم لم يكن مجرد تطبيق للعدالة، بل رسالة سياسية قاسية تجاه أنصاره، دون مراعاة قدسية العيد
أما الثانية، فجاءت في عيد الأضحى عام 2025 ، حين قررت الحكومة الاتحادية قطع رواتب موظفي إقليم كوردستان، مما أدى إلى حرمان آلاف العائلات من فرحة العيد ، في خطوة اعتبرها الكثيرون عقابًا سياسيًا أكثر من كونها إجراءً ماليًا، حيث تجاهلت بغداد الحقوق الدستورية للموظفين، وأدخلت الإقليم في أزمة اقتصادية خانقة.
فـ في 30 من كانون الأول عام 2006 ، استيقظ العراقيون على خبر إعدام صدام حسين ، الذي نُفذ فجر عيد الأضحى، وسط تكبيرات العيد التي كانت تتردد من المآذن. ورغم أن صدام كان مسؤولًا عن سنوات من القمع والدماء ، إلا أن توقيت الإعدام أثار انتقادات واسعة، حيث رأى البعض أن تنفيذ الحكم في يوم العيد كان رسالة سياسية أكثر من كونه تطبيقًا للعدالة.
المشهد كان استثنائيًا ، حيث ظهر صدام هادئًا ومتماسكًا، بينما كان بعض الحاضرين يهتفون بشعارات سياسية، مما جعل اللحظة أقرب إلى تصفية حسابات من كونها إجراءً قضائيًا محايدًا.
بعد مرور سنوات على تلك الحادثة، يشهد العراق انتهاكًا آخر لحرمة العيد ، لكن هذه المرة كان الضحية موظفو إقليم كوردستان، الذين وجدوا أنفسهم دون رواتب قبيل عيد الأضحى عام 2025، بسبب قرار الحكومة الاتحادية بوقف صرف المستحقات المالية.
هذا القرار لم يكن مجرد إجراء إداري، بل كان عقوبة سياسية ضد شعب الإقليم، حيث رفضت بغداد إرسال الرواتب بحجة عدم تسديد حكومة إقليم كوردستان ما بذمتها من موارد نفطية وجمركية، رغم أن الدستور العراقي يضمن حقوق الموظفين في جميع المحافظات.
النتيجة كانت مأساوية، حيث اضطر آلاف الموظفين إلى إلغاء احتفالات العيد، ووجد الأطفال أنفسهم دون ملابس جديدة أو هدايا ، وسط امتعاض الشارع الكوردستاني وتهديدات بتدويل القضية.
في كلا الحادثتين، كان هناك طرف واحد يمسك بزمام الأمور، ويتخذ قرارات دون أي اعتبار لحرمة العيد. ففي الأولى، كان الإعدام رسالة سياسية ، وفي الثانية، كان قطع الرواتب عقوبة جماعية، وكلاهما حدثا في يوم يفترض أن يكون يومًا للسلام والتسامح.
هذه الأحداث تطرح سؤالًا جوهريًا: هل أصبح العيد في العراق مناسبة لتصفية الحسابات السياسية؟
وهل يمكن أن يستمر هذا النهج دون أن يدفع الشعب ثمنًا باهظًا ؟
بينما يستمر الجدل حول هذه الأحداث، يبقى الأمل أن يأتي يومٌ في العراق تُحترم فيه حرمة العيد ، ويكون مناسبة للتسامح وليس للصراعات.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.