الكتب الصوتية والكتب الورقية – عبد السلام الزغيبي
عندما صدر التقرير السنوي عن الصندوق الوطني لمحو الامية في انجلترا الذي يفيد ان واحدا فقط من كل ثلاثة تتراوح أعمارهم مابين 8-18 عاما يقرأون في أوقات فراغهم، وهو أدنى معدل سجل
خلال عقدين من الزمن، وان طلاب المرحلة الثانوية سجلوا انخفاضا حادا في قراءة الكتب عامة.
و حذّرت المؤسسة من أن نسبة الأطفال الذين يستمتعون بالقراءة انخفضت إلى 34.6% فقط، وهو ما وصفته بـ “مستوى الأزمة”. كما كشف الاستطلاع عن وجود فجوة واضحة بين الجنسين، إذ
قال 28.2% من الفتيان إنهم يستمتعون بالقراءة، مقارنة بـ 40.5% من الفتيات.
انخفاضًا في معدلات القراءة للمتعة بين الأطفال والشباب، ازداد الإقبال على الكتب الصوتية والبودكاست.
وفي ضوء ذلك، دعت منظمات تعليمية الحكومة إلى دمج الكتب الصوتية في المناهج الدراسية الجديدة في إنجلترا، بهدف تشجيع الأطفال على التفاعل مع الأدب وتنمية مهاراتهم اللغوية.
وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة الصندوق الوطني لمحو الأمية (NLT) أن استمتاع الأطفال بالاستماع إلى الكتب الصوتية والبودكاست تجاوز لأول مرة متعتهم بالقراءة التقليدية، وهو تحول ملحوظ منذ بدء قياس هذا الاتجاه في عام 2020.
أما فيما يتعلق بالكتب الصوتية، فقد أظهرت البيانات أنها تحظى بشعبية أكبر بين الفتيان، حيث يستمع إليها 43.4% منهم مقارنة بـ 40.4% من الفتيات.
وأكدت مؤسسة NLT أهمية توسيع نطاق الوصول إلى الكتب الصوتية ضمن استراتيجيات تطوير القراءة في المدارس، مشيرة إلى أن الاستماع إلى الكتب يمكن أن يكون “مدخلًا إلى حب القراءة”،
لا سيما للأطفال الذين يواجهون صعوبة مع الكتب المطبوعة.
جون مولان، أستاذ الأدب الإنجليزي في جامعة كوليدج لندن، قال: “أنا لا أعترض على الكتب الصوتية. أستمع إليها بنفسي، وأطفالي يستمعون إليها أيضًا. لكن الاستماع إلى كتاب صوتي ليس كأن يقرأ لك والداك كتابًا، وهي تجربة أعتقد أنها ذات قيمة كبيرة. الكتب الصوتية غير تفاعلية، ولا تتيح أي تبادل أو حوار بين القارئ والمستمع، مهما كان الأداء الصوتي متميزًا.”
وأضاف مولان أن القراءة التقليدية نشاط ذهني تفاعلي، بينما الاستماع تجربة أكثر سلبية، لكنه أقرّ بأن الكتب الصوتية قد تكون بوابة لحب الأدب للأطفال الذين لا يفضلون الكتب المطبوعة.
بعد صدور التقرير،ماذا فعل المسؤولين ؟ هل قاموا بدفن الرؤوس في الرمال؟ من غير الطبيعي ولا المنطقي أن يتجاهل الإنسان الواقع الذي يحيط به، ، فهذا الفعل لن يلغي المخاوف والأخطار،
والمنطقي هو أن يتصدى الإنسان للتحديات التي تواجهه لكي يجد لها حلولا مناسبة أو ممكنة.وهذا ما كان، وصدر تقرير من عشر صفحات يفسر أسباب تراجع مستوى القراءة وكيفية التعامل مع
المشكلة، طالبوا بتغيير طرق تدريس الكتب في المدارس،وتزويد المكتبات بالكتب التي يحتاج ويرغب الطلاب في قراءتها، وتوفير الوقت الذي يسمح لهم بالقراءة وادارة النقاش حول ما
يقرءون،ومتابعة اراء الطلاب في القراءة الذين قاموا بتسجيله بمجلات المدرسة او عبر مشاركتهم في مواقع التواصل.ووصل كتاب التقرير الى قناعة ان الكتب تعزز الثقة في النفس، وتنمي قيم
الحب والتسامح، وتفتح الابواب لعوالم جديدة، وتجعلك تقتدي بالآخرين ويسير في ركابهم دون ان تغادر مكانك، وتعودهم على اكتشاف الحياة بأنفسهم.
هنا يعني إن المجتمع الذي تتعزز فيه القراءة بوصفها سلوكا بشريا جمعيا هو المجتمع الذي يبشر بالنهوض، وكلما زادت نسبة القراءة في أي مجتمع زادت فرصته في نفض غبار التخلف والعجز
والتبعية، وكان أقدر على كسر الأغلال الفردية والجمعية التي يفرضها واقع اليوم وتشابكاته السياسية والمعرفية.
يا ليت مجتمعاتنا ومسؤولينا يسيرون على نفس الخط ويتبعون نفس المنهج فليس كل ما ياتي من الغرب سيئ وخطر…
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.