مقالات دينية

العن*ف بمنظور المسيحية

العن*ف بمنظور المسيحية

بقلم / وردا إسحاق قلّو

قال يسوع لبطرس ( إغمد سيفك ، فكل من يأخذ السيف بالسيف يهلك ) ” مت 52:26″

  خلق الله الإنسان ووضع فيه قدرة من العن*ف كسلاح يرد به على هجمات العدو في وقت التجربة ، لأن الله كان يعرف بأن الإنسان سيتعرض إلى حيَّل وخداع الشيطان الذي سيحاول السيطرة عليه . أعطاه وصية حدد فيها ما يجب أن يعمل به ، فأراد أن يكون عنيفاً ومخلصاً في التمسك بوصاياه للتمسك بالحق الإلهي الذي سُلِّمَ إليه . كذلك كان يسوع عنيفاً ومتمسكاً بذاك الحق ، فكان عن*فه نقياً إستعمله لمواجهة خطط الإبليس في تطهير الهيكل ، أو مقاومة الشرائع اليهودية التي كانت من صنع الإنسان والتي كانت تعادي وصايا الله الحقيقية . هذا النوع من العن*ف مسموح ومقدس ومطلوب من كل مؤمن لكي يتحدى به الظلم ، وهذا العن*ف يجب أن يصدر من طبيعة الإنسان النقية وحتى إن لم يدرك وصايا الله الواجب تطبيقها . فينبغي إستعمال العن*ف بدقة لكي لا يخطأ أو يتنازل أو يساوم .

   أما العن*ف الآخر الذي مصدره الشرير فغايته تحريض الإنسان إلى كسر الوصايا وإخضاع الآخرين لفكر معين بعيداً عن طريق الحق بإشاعة جو من الخوف والرعب ، وأساس الار*ها*ب هو الفكر ، ووسيلة إخضاع البشر يبدأ في وقت الخوف والتهديد وإستعمال العن*ف ، والعن*ف تتوسع دائرته إلى حروب تسفك دماء كثيرة  . فعن*ف قايين في ق*ت*ل أخيه هابيل النقي والمحب لله وقع  لأنه شعر بأن أخيه مخلص وأمين لخالقه أكثر منه ، فحرضه المجرب ودفعه للإنتقام فقرر إستخدام سلاح العن*ف لتصفية أخيه . المسيحية لا تبرر هذا النوع من العن*ف إطلاقاً . وكل ق*ت*ل نفس ليس من الله ، بل من الشيطان ، فالجهاد في سبيل الله بإستعمال قوة السيف هو خدمة لمخطط الشيطان ضد بني البشر ، وإهانة لذات الله الذي خلق تلك النفس حرة ، لهذا قال يسوع لبطرس إغمد سيفك …

   الإنجيل يعطينا الحكمة والوداعة ، والصبر لكي نعمل بالعقل والحكمة ، ويسوع هو حكمة الله ، ومن حكمته الذاتية أعطانا دروساً لنعمل بها فقال ( تعلموا مني ، فإني وديع ومتواضع القلب ) ” مت 29: 11 ” . العائلة المسيحية هي كنيسة صغيرة ، بل واحة للسلام والسعادة مبنية على أسس المحبة ، وبعدها الكنيسة التي تعلم الصغار والكبار وصايا الله لكي يبتعد المؤمن من كل فكر خاطىء لنتخطى نحو القداسة . والله الذي صنعنا على صورته يريدنا أن نصير مثله قديسين وذلك عندما نقتني حكمته ووداعته ومحبته وسلِكنا فيهما . المسيح يريدنا أن نصير حملاناً لله . وأن تع-اط*ي العن*ف يجب أن يكون مرتبطاً بالحق والحكمة لكي لا يناقض الوصايا المسيحية وكما فعل الكثير من القديسين بتمسكهم بكلمات الكتاب فتعاطوا العن*ف النقي الواجب أن يصر عليه كل مؤمن حتى الموت ، فالقديسين قاوموا الشرير بعن*ف ، وكل ما يمت له بصلة ، لذلك نعتبر القديس أكثر الناس عن*فاً لمواجهة أهواء النفس والجسد ، كان عن*فهم داخلي موجه ضد الخطيئة ، لكنهم لم يستعملوا العن*ف يوماً ضد البشر ، بل كانوا يضَحّونَ ليق*ت*لوا أنانيتهم لكي يتمموا كلام الرب ( أحب قريبك كنفسك ) ” مت 19:19 ” وكذلك ( ليس حب أعظم من أن يبذا الإنسان نفسه عن أحبائه ) ” يو 13:15 ” إذاً العن*ف هو عن*ف الروح ضد الأرواح المقاومة التي تريد زرع الزوان في حياة الإنسان . بينما العن*ف في العالم موجه ضد البشرية لكي يجعل الإنسان مستعبداً للشيطان . وهناك من يستخدم العن*ف كشعار من أجل حرية الإنسان . لكن في حقيقته ما هو إلا شعاراً أجوف ، لأن هذا النوع من العن*ف الذي يتعاطونه يجعلهم عبيداً لخطيئة ، لذلك قيل ( من يصنع الخطيئة ، فهو عبد للخطيئة ) ” يو 34:8 ” .

   العن*ف الذي يمارسه الناس في العالم مقرون بكذبة زرعها الشيطان في أذهانهم ومفادها ، أن العن*ف يحرر . بينما العن*ف هو أداة ق*ت*ل وإستعباد تجعل الإنسان عنيفاً ومنتقماً ودموياً ، بل يدفع الإنسان إلى تبرير ذلك العن*ف على أنه جهاد ونضال وبركة من الله فيجعلون العن*ف والق*ت*ل من الشعارات المطلوبة من إله السماء ، وبهذا يحولون إله المحبة إلى إله غضوب ، ومجرم وعنيف مجرد من الرحمة ، بل إله محتال يتصرف بخباثةٍ ووصاياه لا تدل على الفضيلة والعدالة والمحبة . إذاً الشيطان الذي يريد العن*ف والقسوة وسفك الدماء هو الإله الذي يعمل في تلك العقول المريضة التي تحمل تلك المعتقدات وتعمل بها .

   المسيحية انتشرت بسيف السلام والمحبة ، وتحملت عن*ف وشر العالم ، وتركت الإنتقام لله وحده الذي قال ( لي الإنتقام ) ، وستتحمل بمحبة إلى نهاية الدهر بصبر أساسه قوة الإيمان بالرب يسوع . ونحن اليوم إذا ما سلكنا في سراط الرب سنغلب العالم الشرير ، والرب الذي مات من أجلنا قال  ( ثقوا أنا قد غلبت العالم ) وهذه العلامة نأخذها من صاحب المزمور ، قال ( كل الأمم أحاطت بي ، وبإسم الرب قهرتها ) ” 10 : 117

ليتبارك إسم الرب إلى الأبد

  التوقيع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1 ”  

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!