مقالات دينية

إفرغ نفسك وخذ صورة عبد

إفرغ نفسك وخذ صورة عبد

بقلم / وردا إسحاق قلّو

( من أراد أن يكون أول القوم ، فليكن آخرهم جميعاً وخادمهم ) ” مر 35:9 “

 الرب يسوع أسس طريق الخلاص على قاعدة الإتضاع ، فأول محاضرة له لبني البشر عندما ولد في حضيرة الحيوانات كانت عن التواضع ، رغم كونه ملك الملوك وإبن الله ، وهكذا كانت سيرة حياته كلها درساً بليغاً في التواضع ، فعلّمنا هذا الذي لم يكن له مسنداً ليضع عليه رأسه المحبة القلبية والتضحية من أجل آخر .

سَبَقنا يوحنا المعمدان الذي كان إنساناً واقفاً بإزاء الله متضعاً ، بعيداً عن كل ما في هذا العالم ، فعاش حياة التقشف والنسك والقداسة والتواضع ، فهو الذي ارثضى أن يكون يسوع الذي عمده في نهر الأردن سيده وربه .

   كل إنسان يعاني من الأنانية وحب التسلط لأنه مريض . وأعراض هذا المرض موجودة في البشرية منذ السقوط . فالذي يميل إلى السيادة على أخيه الإنسان سينمو في مستنقع الكبرياء وحب الذات ليصبح عبيداً لنفسه ، لأنه يطلب مشيئته فعلى الآخرين إطاعته فلا بد أن يسقط في أوجاع كثيرة . والسبب يعود إلى تمسكه بقناعته وإصراره على التمسك بآرائه التي يفرضها على الآخرين ، وهكذا سيسلك الطريق المدبر عن الهدف الذي يبعده عن الرب .

تَجسَّد الرب يسوع فأخذ صورة عبد ، فكان خادماً لكل الناس يعظ فيهم ويشفيهم من أمراضهم ويدافع عنهم ، بل مات من أجلهم . وهكذا ينبغي أن يقتدي به كل مؤمن ويعمل بوصاياه . طلبت أم أبني زبدي من يسوع لكي يجلسوا أبنيها عن يمينه ويساره ، فكان رده أمام جميع التلاميذ . من أراد أن يكون سيداً بينكم فليكن خادماً . الرسول بولس فَهِم رسالة السيد فأفرغ نفسه وأخذ صورة عبد ، فكان يفرح بآلامه وأتعابه ، بل كان يتحدى الموت من أجل رسالة سيّده ، فكان يحسب الموت ربحاً . ألغى في حياته كل أسباب الحزن ، ما دام كل ما يفعله يدخل ضمن دائرة سيده . أي لا كما يريد هو ، بل ما يريد معلمه . بعض رجال الأكليروس يستخدمون سيادة الله ليمدوا سلطانهم هم بدل أن يستعبدوا أنفسهم ليسوع ويصبحوا خداماً حقيقيين لقطيع الرب فيتمجد أسم الرب بهم . مشكلة بعض الخدام في حقل الرب هي أنهم يتصادرون سيادة الله ، وبإسم الله يتصرفون كأسياد متسلطين ، بينما عليهم أن يفرغوا ذواتهم من كل كرامة ذاتية حتى يصبح الرب يسوع وحده هو السيد عليهم ، وعلى كل أبناء رعيتهم .

   على المؤمن أن لا يفرح بما لديهِ ، بل بما لله ، والله يريد أن يعيش الإنسان حياة التواضع والخدمة . والمهم هو أن كل إنسان مؤمن بالمسيح مهما كان موقفه ووظيفته أن يعيش كالعبد كما فعل مخلصه ليخدمه في الآخرين . فعلى الإنسان أن لا يطلب المجد لنفسه ولا يتسَيّد على أخوته ، إنما عليه أن يبذل كل طاقته لا لأهوائه ومصالحه بل ليسوع الذي ينتظر منه الإيمان الصادق وأعمال حسنة ، فكل خدمة يقدمها ومهما كان حجمها وإن كان كأس ماء بارد ، فسينال بسببها التكريم . إذاً طريق التسلط يبعد الإنسان عن طريق الخلاص وحتى بين الزوجين لا يجوز التسلط ، إنما على الإنسان أن يحتمل أخيه الإنسان فليبادر كل واحد أن يحمل حمل الآخر بمحبة وذلك بإزاله الأنا من أجل أل ( نحن ) ، وفي الآخر نرى صورة المسيح . والله أوصى الإنسان ، فقال ( أحب قريبك كنفسك ) وهذه الوصية تحتاج إلى المحبة الحقيقية ، والتضحية لكي أعمل للآخر وكما أريد أن هو يعمل لي . فمتى ما إستقامت الأمور إلى هذا الحد ، سيشعر المؤمنون بالفرح والسلام ، والمسيح سيكون في وسطهم بالروح ، إلى أن يلتقي بوجهه البهي في ملكوته مع كل من أحبه وعمل بوصاياه .

ولألهنا المحب المجد الدائم

التوقيع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1 

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!

يستخدم موقعنا الإلكتروني ملفات تعريف الارتباط وبالتالي يجمع معلومات حول زيارتك لتحسين موقعنا (عن طريق التحليل) ، وإظهار محتوى الوسائط الاجتماعية والإعلانات ذات الصلة. يرجى الاطلاع على صفحة سياسة الخصوصية الخاصة بنا للحصول على مزيد من التفاصيل أو الموافقة عن طريق النقر على الزر "موافق".

إعدادات ملفات تعريف الارتباط
أدناه يمكنك اختيار نوع ملفات تعريف الارتباط التي تسمح بها على هذا الموقع. انقر فوق الزر "حفظ إعدادات ملفات تعريف الارتباط" لتطبيق اختيارك.

وظائفيستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط الوظيفية. ملفات تعريف الارتباط هذه ضرورية للسماح لموقعنا بالعمل.

وسائل التواصل الاجتماعييستخدم موقعنا الإلكتروني ملفات تعريف الارتباط الخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي لعرض محتوى تابع لجهة خارجية مثل YouTube و FaceBook. قد تتعقب ملفات تعريف الارتباط هذه بياناتك الشخصية.

أعلاناتيستخدم موقعنا الإلكتروني ملفات تعريف ارتباط إعلانية لعرض إعلانات الجهات الخارجية بناءً على اهتماماتك. قد تتعقب ملفات تعريف الارتباط هذه بياناتك الشخصية.