آراء متنوعة

الزعامات الفاسدة ـــ الواقع السياسي والمشهد

نهاد الحديثي

كلما اقترب موعد الانتخابات زادت الخلافات والتصارع من أجل النفوذ بعد أن كان الجميع في مركب واحد لتبدو الصورة أن أحدهم ينوي القفز من المركب ليعوم بعيداً عن الآخرين,, المشهد الضبابي الذي يكتنف الواقع السياسي في العراق تعلمنا منه حكمة تقول “إن الشعب الذي يرهن مستقبله وحاضره إلى القدر وأيادي المتلاعبين بمصيره لا يلوم إلا نفسه, ازدواجية التفكير السياسي والتخبط في إدارة دفة السلطة جعلا أغلب قيادات وزعامات الإطار التنسيقي الحاكم بزمام السلطة تلجأ إلى حيلة جديدة تتلخص في التحضير لقانون انتخابات جديد بتعديلات تهدف إلى تقليل حظوظ رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني في البرلمان المقبل,,, وأغلب قيادات وزعامات الإطار التنسيقي تلجأ إلى حيلة جديدة تتلخص في التحضير لقانون انتخابات جديد بتعديلات تهدف إلى تقليل حظوظ السوداني في البرلمان المقبل,,
التحدي السياسي الأبرز الذي يواجه السوداني هو الحراك السياسي الناشئ ضده من حلفاء شيعة داخل التحالف الحاكم , والسوداني يدرك محاولات قادة متنفذون في «الإطار التنسيقي» فرض قيود على السوداني تحول دون مشاركته في الانتخابات المقبلة المتوقعة في 2025كما يدرك ان الإطار التنسيقي منقسم بشأن المخاوف من المكاسب التي سيحققها السوداني من زيارة واشنطن لصالحه، بينما هم بأمس الحاجة إليها، لا سيما على صعيد العقوبات المالية, ويدرك أن الحديث عن انتخابات مبكرة مجرد استهلاك إعلامي لأنها لو حدثت وأقيلت الحكومة وتحولت إلى تصريف أعمال، فإن ذلك يتطلب حل مجلس النواب نفسه، وهو أمر مستبعد,, والسوداني مازال في وضع أفضل الآن بسبب تركيزه على البرنامج الوزاري الذي يركز على الخدمات وتطوير علاقات العراق الإقليمية والدولية, ويرغب بإجراء تعديل وزاري تكنه ينتظر أن يحسم البرلمان منصب رئيسه
ويقول مراقبون ، إن «التحالفات المكوناتية للشيعة والسنة والكرد لا تبدو اليوم في أفضل حالاتها، بعد مرور 21 عاماً على تأسيس ما يعرف بالعملية السياسية بمساعدة الولايات المتحدة الأميركية, وهيمنت النزاعات الدامية والفساد وعدم الاستقرار على العراق على مدى السنوات التي أعقبت الغزو الأميركي عام 2003 , ومنذ ذلك الحين، تأسست 6 حكومات وانتخب العراقيون 5 برلمانات بأنظمة اقتراع مختلفة, وعلى مدار تلك المحطات، اصطفت القوى السياسية على أساس مكوناتي للظفر بمراكز السلطة، لكن الوضع اليوم مختلف تماماً بسبب حالة التفكك داخل تلك المكونات, نظام المحاصصة فشل فعلياً، حتى إن الاتفاقات بين الكتل السياسية عندما كانت في المعارضة، خصوصاً الشيعة والكرد، لتوزيع المناصب والسلطات فيما بينهم، قد اختلت الآن, الإشكالية العراقية تكمن في تطبيق التوافقية؛ لأنه لم يكن خاضعاً لمعايير هذا الشكل من أنظمة الحكم، فضلاً عن عدم تطبيق الفيدرالية وحصرها في إقليم كردستان، ما تسبب بإخلال بالتوازن الفعلي للقوى السياسية
تشير التلميحات من داخل غرف السياسة إلى وجوب إيجاد قانون انتخابي يسعى إلى تثبيت أوزان قوى الإطار التنسيقي سلفاً، ووضع خطوط حمراء لتجنب فوز أي حليف شيعي جديد بعدد أكبر من المقاعد يظهر على الساحة السياسية, قوى الاطار تريد مزج القانون الانتخابي الجديد ببعض الوصفات التي من شأنها أن تمنع السوداني أو غيره من عبور الخطوط الحمراء التي وضعتها له كتل وأحزاب الإطار التنسيقي وشروطها التي ألزمته بعدم مشاركة حزبه “تيار الفراتين” بالانتخابات المحلية التي أُجريت مؤخراً, لم ينتظر السوداني ردود الأفعال حين وجد أن الهجوم أفضل وسيلة للدفاع ضد الموقف المتصاعد من خصومه فقام بمحاولات إرضاء للكرد عبر إرسال دفعات شهرية من الأموال للإقليم لغرض تسديد رواتب موظفيه وفي أن يكون بيضة القبّان في ترشيح الشخصية الملائمة لمنصب رئيس البرلمان
ونحن نعلم ان قوانين الانتخابات تخضع لأمزجة الفاعل السياسي، وحسب ما تقتضيه المصالح والمنافع لزعامات السلطة الحاكمة، فبعد قانون الدوائر المتعددة الذي أُجريت على أساسه الانتخابات العامة في العراق في العاشر من أكتوبر 2021 والتي فاز بها مقتدى الصدر، حاولت الكتل الخاسرة والتي شعرت بخطورة ذلك القانون على مصيرها السياسي من العودة إلى القانون القديم الذي بُنيت عليه الانتخابات السابقة وهو نظام “سانت ليغو”، ليتم إجراء الانتخابات المحلية، التي أُقيمت بعد أكثر من عشر سنوات على آخر انتخابات محلية، في الثامن عشر من ديسمبر 2023 على أنقاض ذلك النظام الذي تم رفضه سابقا, قانون الانتخاب الجديد المقترح يريد تقسيم العراق إلى 50 دائرة انتخابية واعتماد الفائز الأعلى، حيث تحتفظ بغداد العاصمة وحدها بعشر دوائر، مع اشتراط الاطار ان يقدم رئيس السلطة التنفيذية قبل الانتخابات بفترة لا تقل عن ستة أشهر، لكي لا يُوظّف إمكانية الدولة في خدمته أو يبقى في سلطته التنفيذية ولا يُشارك، في تلميح مُبطّن لعدم النيّة لتجديد الولاية الثانية للسوداني الذي قد لا يحصل على أكثر من أربعة مقاعد حسب تعديلات القانون الجديد، في الوقت الذي يروج فيه أنصار رئيس الوزراء إلى الفوز بنحو 60 مقعداً بناء على أرقام ووقائع ومعطيات الانتخابات المحلية التي أُجريت مؤخراً
عودة الصدريين ستقلب موازين القوى والارادات السياسية،وتزداد الخلافات والتصارع من أجل النفوذ بعد أن كان الجميع في مركب واحد لتبدو الصورة أن أحدهم ينوي القفز من ذلك المركب ليعوم بمفرده بعيداً عن الآخرين , يقول مراقبون إن أوضاعا متصاعدة في البلاد قد تعيد إحياء التحالف الثلاثي بصيغة جديدة، عقب قرار الحزب الديمقراطي الكردستاني مقاطعة الانتخابات، والتهديد بالانسحاب من العملية السياسية, وتأتي تطورات موقف الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود بارزاني، مع حراك جديد لزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، و”يأس” محمد الحلبوسي، زعيم تقدم، من تنفيذ مطالبه وتتصاعد الازمات حول رئاسة البرلمان، في آخر حوار لرئيس البرلمان المبعد محمد الحلبوسي، يلمح انه قد “ينسحب من العملية السياسية” اذا جرى الالتفاف على الاتفاق السياسي. ويقول زعيم حزب تقدم في الحوار التلفزيوني الذي أذيع قبل ايام قليلة، أنه “مع انتخابات مبكرة اذا طلب الصدر ذلك, وبات واضحا أن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أعد العدة لأي منازلة سياسية في حال رفضت بعض اطراف المكون الشيعي العمل وفق برنامج واضح, وأثبتت بعض قوى الاطار المهيمنة عجزها عن فرض ارادتها مقابل الارادة الوطنية الجامعة من جهة والخلاف الكبير بين مكوناتها من جهة ثانية, ولايمكن لتلك الاحزاب والقوى السياسية أن تنسجم وتعمل بروح وطنية وأن تضع مصلحة المواطن معيار حقيقي وقيمة عليا, بسبب إفتقارها الى أبسط القيم الأيديولوجية الأخلاقية والوطنية وغياب مقومات بناءها الصحيح لكونها أسست كمشروع مضاد أو مشروع طائفي استقطبت وافدين من الشارع السياسي بدلا من المدارس السياسية وكذلك الانقسامات التي تعصف بتلك المكونات السياسية التي تمثل أجندات خارجية تتحرك تبعا للحراك الاقليمي والدولي, قادة القوى السياسية قد خطوا لانفسهم سياق سياسي خارق لكل الانظمة المعروفة يتكئون عليه عندما يجدون أنفسهم في مأزق حقيقي. ولولا الدعم الدائم والناعم من قبل المحيط الاقليمي لمؤسساتهم التي من خلالها يهيمنون على القرار السياسي في البلد, لما طالت بهم الايام وزوالهم وإقصاءهم من قبل الشارع السياسي مؤكد. لان تلك الأحزاب أثبتت يوما بعد يوم هدف مشروع تكتلاتها واصطفافاتها الطائفية والحزبية, ولكي نفهم المشكلة السياسية في المشهد السياسي لابد من رؤية كل عناصر المشكلة التي تؤثر في تعطيل وتأخير تشكيل الحكومة ومؤسساتها الخدمية والامنية. وغض النظر عن تلك المشاكل والوقوف على مسافة بعيدة مما يحدث يخدم هؤلاء السياسيين ومشروعهم المتطرف, بتفتيت الدولة العراقية على أسس طائفية , لن يتحقق الاستقرار والازدهار إلا إذا تخلصنا من سياسيي الأزمات، الذين أثبتت التجربة أنهم جاؤوا لخدمة مصالحهم، فازدادوا ثراء فوق ثرائهم،
ايها السادة — لا تعلقوا اخــطاؤكم على شماعــة الآخــرين ، ولا نعيب زماننا والعيب فيــنا ، ودعــونا لانكثر الكلام وندعو الله اولا ان تعيدوا لنا امنــنا وابتسـاماتـنــا وان تجف دموع الحزن فينا ، ونرى عراقا هادئا مـوحـدا، انها والله قمة الاحلام

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!