آراء متنوعة

واشنطن والرؤية الجديدة للشرق الأوسط

واشنطن والرؤية الجديدة للشرق الأوسط

واضح من خلال سيطرة ترامب على البيت الأبيض واختياره لنائب لا علاقة له بعمله أنه لا يرغب في فريق يناقشه في قراراته بل فريق ينفذ الأوامر دون مناقشة أو رفض أو استقالة.

إثبات وجود أم محاولة سيطرة على العالم
منذ فوز دونالد ترامب بولاية ثانية لرئاسة الولايات المتحدة والنية تتجه نحو إعادة نفوذ أميركا على العالم، خصوصا أنها تسعى إلى هندسة اقتصادها على أساس الاقتصاد القومي، وحتى بين الدول الحليفة لها. كما تعمل على ترحيل الأزمات من الداخل إلى الخارج، والذهاب نحو إعادة العمل بالتعامل المالي مع العالم وفق رسوم جمركية وضرائب جديدة، بالإضافة إلى إعلانه عن سعيه لجعل غ*ز*ة “ريفييرا” جديدة لتكون متنزها لليهود الإ*سر*ائي*ليين إلى الأبد.

واشنطن تسعى إلى أن يكون للعالم أجمع دور في تطوير ترسانتها التسليحية، لأنها تعتقد أن هذا التطوير للأسلحة جاء لخدمة الحلفاء. وبالتالي، ينبغي عليهم المشاركة في عملية التطوير من خلال تقديم الدعم المالي لها. كما تتجه نحو الاقتصاد الانفرادي، والاعتماد على المخرجات المالية الداخلية كالضرائب والجمارك، من أجل تحقيق توازن مالي داخلي للولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، تمارس ضغوطا باتجاه ضم كندا إليها، وفرض السيطرة على غرينلاند، والضغط على المكسيك بشأن عمليات الهجرة المنظمة إلى الداخل الأميركي.

◄ العالم أجمع يرفض مثل هذه السياسة الانفرادية على حساب الآخرين، ناهيك عن الإبادة الجماعية التي تمارسها الولايات المتحدة ضد الأقليات، وتحديدا في الشرق الأوسط

الخطاب الإعلامي اعتمد على الشفافية والدعوة إلى حل الصراعات والنزاعات في العالم عبر الدبلوماسية. ومنذ حملته الانتخابية، بدأ ترامب بالدعوة إلى ضرورة إنهاء الصراع في الشرق الأوسط قبل دخوله البيت الأبيض. ولكن في عمق سلوكه وقراراته التي اتخذها فور توليه منصبه، إلغاء إعفاء العراق من استيراد الغاز من إيران، الأمر الذي سبب حرجا للحكومة العراقية في ضمان توفير الغاز السائل لتشغيل المحطات الكهربائية في العراق. كما دعا إلى تهجير الفلسطينيين من غ*ز*ة وتوزيعهم على مصر والأردن، وهو قرار يعكس رؤية جديدة للشرق الأوسط، التي يبدو أنها بداية عصر جديد له.

أصبح واضحا من خلال سيطرة ترامب على البيت الأبيض واختياره لنائب لا علاقة له بعمله، إذ تم اختيار الفريق لتنفيذ الأوامر فقط خلال فترة ولايته، أن الرئيس الأميركي لا يرغب في فريق يناقشه في قراراته، على عكس دورته الأولى التي شابها الكثير من الاعتراضات على السياسات التي كان ينتهجها، بل يريد فريقا ينفذ الأوامر فقط دون مناقشة أو رفض أو استقالة، ما يعطينا رسائل مهمة تفيد بأن الولايات المتحدة تتجه نحو هيمنة الحزب الجمهوري، مقابل أفول وشيك للحزب الديمقراطي بصورة تدريجية. فبعد سيطرة ترامب على المحكمة العليا، التي تضم ستة قضاة تم تعيينهم من قبله، ربما نجد تعيينات أخرى بهذا الاتجاه.

الولايات المتحدة مقبلة على تغيّرات مهمة، خصوصا بعد هيمنة الحزب الجمهوري على مجلس النواب والكونغرس والقضاء، وإبعاد المنافسين. ما يعني أن الأوضاع الداخلية ذاهبة نحو عدم الاستقرار، إذا ما علمنا أن هناك صراعا قويا ومحتدما مع الخصوم الألدّاء: الصين، وروسيا، وكوريا الشمالية. وهي جبهات متعددة تحتاج إلى سياسة خاصة تتعامل بها واشنطن مع هذه الدول، الأمر الذي يعطينا رؤية بأن الولايات المتحدة دخلت في صراع داخلي ومحاولة إثبات الوجود والسيطرة على العالم. وهو بحد ذاته يعد سقوطا في الهاوية، لأنه لا يمكن لها أن تحكم العالم وحدها، ولا يمكنها السيطرة على الاقتصاد العالمي وحدها. لذلك يرفض العالم أجمع مثل هذه السياسة الانفرادية على حساب الآخرين، ناهيك عن الإبادة الجماعية التي تمارسها الولايات المتحدة ضد الأقليات، وتحديدا في الشرق الأوسط، والتي باتت تؤرقها وتجعلها تحت ضغوط غير مسبوقة.
محمد حسن الساعدي
كاتب عراقي

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!