نكسات جامعية.. ومجتمعية
نكسات جامعية.. ومجتمعية
د . فاتح عبد السلام
كثرة استحداث الجامعات في العراق، مسألة تحتاج الى وقفة عميقة، فالكمُ العددي الاستيعابي لقوائم الطلبة المتخرجين في المرحلة الاعدادية لا يعني انّ البلد يتوافر على قاعدة علمية مؤهلة للارتقاء الى مرتبة أعلى في البحث العلمي والدراسات العليا ورفد مفاصل العمل في المجتمع.
بقي العراق سنوات عديدة محافظاً على مستوى علمي مقبول في سلّم التعليم العالي بالعالم، ومتفوقاً على كثير من جامعات دول الجوار، حين كانت في البلد ست جامعات رئيسية هي بغداد والموصل والبصرة والسليمانية والمستنصرية والجامعة التكنولوجية. غير انّ مواكبة التوسع السكاني وحاجة المجتمعات المحلية ومؤسسات الدولة تدفع الى توسيع ينبغي ان يكون مسيطرا عليه في استحداث جامعات جديدة، تخضع لشروط الحد الأدنى من جودة التعليم.
التوسع الجاري لا يراعي الحاجة الى التخصصات الأساسية لتنمية بلد محطم في بنيته التحتية وفي أحسن الأحوال يبحث عن الإصلاح من شركات اجنبية لا يهمها الأفق المستقبلي لنهضة البلد.
هناك عدم توازن بين التخصصات العلمية والإنسانية، بشكل ينعكس على مساحة البطالة الواسعة بعد التخرج، والتي تتحجج بها المؤسسات العامة أو الخاصة في استيعاب اليد العاملة.
لكي يواكب البلد عوامل النهوض، يحتاج الى تكريس الايدي العاملة الوسطية الماهرة والتي يمكن ان تنتجها المعاهد والتعليم المهني وليس الجامعات بالضرورة. غير انّ عدم الاهتمام في اعلان خطة استراتيجية لبناء صناعات وطنية مستقرة كبيرة وأخرى تحويلية انتقالية، يجعل الرؤية ضبابية ومبنية على اجتهادات مبعثرة من دون تنسيق، وأحياناً لا توجد رؤية أساساً.
كم من المؤتمرات شهدنا بين وزارات الصناعة والزراعة والصحة والتعليم العالي، على افتراض الخط الجامع بين النواحي الإنتاجية الاستهلاكية، والبحث العلمي المتخصص واليد العاملة المتخرجة من المعاهد والجامعات؟ حين تكون لدينا إجابة علمية وعملية دقيقة، نتحدث بعدها عن أدوار الهيئات التشريعية والتنفيذية في إرساء القوانين وإقرار الموازنات الداعمة.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.