نسور العراق… حراس السماء والتاريخ
الحقوقية انوار داود الخفاجي
في الثاني والعشرين من نيسان، يقف العراقيون وقفة فخر واعتزاز وهم يستذكرون تاريخاً مجيداً سطّرته القوة الجوية العراقية في سماء الوطن. مناسبة وطنية لا تكتفي بالاحتفال بذكرى تأسيس مؤسسة عسكرية فحسب، بل تكرّم رجالاً كتبوا أسماءهم في سجل الشجاعة والبطولة، وخلّدوا تضحياتهم في كل شبر من أرض العراق.
تأسست القوة الجوية العراقية عام 1931، بعد أن أرسلت الحكومة العراقية آنذاك أولى بعثات الطيارين للتدريب في بريطانيا. وما لبث هؤلاء الرواد أن عادوا حاملين معهم أحلام التحليق والدفاع عن سيادة الدولة الوليدة. في بداياتها، كانت القوة الجوية متواضعة في العدد والتجهيز، لكن الإصرار على بناء قوة قادرة على حماية الأجواء العراقية جعل من هذا السلاح واحدًا من أعمدة الجيش الوطني.
على مر العقود، تطورت القوة الجوية بشكل ملحوظ، ومرت بمراحل متعددة من التحديث والتوسع. في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، بدأت بغداد بتنويع مصادر التسليح، وامتلاك طائرات قتالية وتدريبية من دول مختلفة، ما مكّن الطيار العراقي من صقل مهاراته ومواكبة التطورات العسكرية في العالم. تدريجيًا، تحولت القوة الجوية إلى مؤسسة محترفة، تضم نخبة من الضباط والفنيين الذين كانوا قادرين على خوض أعقد المهام الجوية بكفاءة واقتدار.
شهدت القوة الجوية العراقية لحظات فاصلة في تاريخها، حيث لعبت دورًا محوريًا في الدفاع عن الوطن في أحلك الظروف. في كل مرة كانت سماء العراق مهددة، كانت الطائرات العراقية تنطلق من قواعدها لتردّ التحدي، وتحمي الأرض والشعب من الأخطار. وقد قدم طيارونا أرواحهم في سبيل الواجب، ورسموا بأجنحتهم حدود العزة والكرامة.
رغم ما واجهته القوة الجوية من تحديات جسيمة في العقود الأخيرة، خاصة بعد عام 2003، فإن الإرادة العراقية أبت إلا أن تعيد لهذا السلاح هيبته ودوره. من خلال جهود مضنية لإعادة البناء والتدريب والتسليح، عاد سلاح الجو العراقي ليتصدر مشهد الأمن الوطني من جديد، مشاركًا بفاعلية في عمليات محاربة الار*ها*ب، وتأمين الحدود، وحماية السيادة.
اليوم، تمتلك القوة الجوية طائرات مقاتلة حديثة، وأنظمة مراقبة واستطلاع متقدمة، وطواقم مدربة تدريبًا عاليًا في الداخل والخارج. وبفضل عزيمة رجالها، أصبحت قادرة على تنفيذ المهام الدقيقة والمعقدة، وتقديم الإسناد الجوي اللازم في كل ساحة من ساحات الوطن.
عيد القوة الجوية ليس مجرد تاريخ يُحتفل به، بل هو تذكير دائم بأن في سماء العراق من يحرسها ويذود عنها. هو تحية لكل طيار، لكل فني، ولكل شهيد ارتقى وهو يحلّق دفاعًا عن هذا الوطن الكبير.
فكل عام وقواتنا الجوية بخير، وكل عام وسماء العراق مصانة بأجنحة الأبطال
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.