مقالات

من المنتصر في الحرب الإيرانية الإ*سر*ائي*لية؟ – ناضل حسنين

انتهت الحرب الإيرانية الإ*سر*ائي*لية بإعلان مفاجئ لوقف إطلاق النار، بعد أيام من التصعيد العسكري الأعن*ف بين الطرفين منذ عقود. وبينما هدأت صفارات الإنذار وسُحبت الأصابع عن الزناد، بقي سؤال واحد يتردد في أروقة الصحافة العالمية وأذهان المراقبين: من خرج منتصرًا من هذه المواجهة غير المسبوقة؟
من الناحية العسكرية، تبدو إس*رائي*ل كما لو أنها حققت أهدافًا محددة. فقد نقلت وسائل إعلام غربية مثل “وول ستريت جورنال” أن سلاح الجو الإ*سر*ائي*لي نفذ ضربات دقيقة استهدفت منشآت نووية وعسكرية حساسة داخل إيران، بينها مواقع في طهران وقم وأصفهان. هذه الضربات أُنجزت دون انزلاق إلى مواجهة شاملة، ما يَعدّه بعض المحللين “استعادة للردع”، ورسالة بأن الخطوط الحمراء الإ*سر*ائي*لية لم تتغير.
لكن هذا النجاح التكتيكي لا يُخفي حقيقة أخرى: لم تستطع إس*رائي*ل إيقاف إطلاق الصواريخ والمسيرات بشكل فوري، كما أنها اضطرت إلى الدخول في وقف إطلاق نار دون أن تُنهي فعليًا التهديد الإيراني المستقبلي. وهو ما يضع علامة استفهام على مدى استدامة هذا “الردع”.
في المقابل، تبنت إيران خطاب “الانتصار المعنوي”. وسائل الإعلام المرتبطة بالحرس الثوري، مثل صحيفة كيهان، صورت وقف إطلاق النار كدليل على أن إس*رائي*ل خضعت لضغط القوة الإيرانية. صحيح أن الضربات الإ*سر*ائي*لية أوقعت خسائر واضحة، ومنها تصفية علماء نوويين وقادة عسكريين رفيعي المستوى وقصف منشآت حيوية، إلا أن إيران تمكّنت من الرد بصواريخ عابرة ومسيرات وصلت إلى العمق الإ*سر*ائي*لي، وأصابت أهدافًا في تل ابيب وحيفا والنقب وغيرها من المناطق.
من هذا المنظور، أثبتت طهران قدرتها على ضرب الداخل الإ*سر*ائي*لي رغم كل التحديات التقنية والعسكرية، ونجحت في فرض معادلة ردع متبادلة، حتى وإن كان الثمن باهظًا.
وتبنى بعض المحللين رؤية مختلفة، فقال إن الحرب انتهت، ولكن دون أن يخرج طرف بمكسب استراتيجي حاسم. إس*رائي*ل أظهرت تفوقها العسكري، وإيران أثبتت أنها لا تُردع بسهولة. لكن في نظر المجتمع الدولي، ما حدث كان تصعيدًا خطيرًا كاد يشعل حربًا إقليمية شاملة.
في الأسواق المالية، تنفس المستثمرون الصعداء فور إعلان وقف إطلاق النار، ما يكشف عن حجم القلق الذي سببته المواجهة. أما الشعوب في المنطقة، فترى في هذه الحرب فشلًا آخر للدبلوماسية وانشغالًا جديدًا بصراعات لا تنتهي.
خلاصة القول: بين صواريخ إيران وغارات إس*رائي*ل، لا يبدو أن طرفًا حسم الصراع لصالحه. تفوقت إس*رائي*ل في الجو، لكن إيران نجحت في ترسيخ حضورها كمنافس إقليمي شرس. ومع غياب حل سياسي شامل، تبقى النتيجة الأقرب إلى الحقيقة هي: لا منتصر في حرب مؤجلة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!