آراء متنوعة

من السلاح الكيمياوي الى سلاح الاقتصاد والتجويع .. قمع الكورد

شهد التاريخ الحديث للكورد في العراق فصولًا مأساوية من القمع والاضطهاد، بدأت بالعمليات العسكرية التي استخدمت فيها الأسلحة الكيمياوية، مرورًا بحملات التهجير والتغييب القسري، وانتهاءً اليوم بسياسات اقتصادية باتت تشكل تهديدًا حقيقيًا لحياة المواطنين في إقليم كوردستان.ففي ظل الأزمات السياسية المتكررة، انتقلت أدوات القمع من أساليب العن*ف المباشر إلى استراتيجيات التجويع والحرمان المالي، مما يثير تساؤلات حول نوايا هذه السياسات وتأثيرها على مستقبل الشعب الكوردي في العراق.

خلال حقبة النظام السابق، تعرض الكورد في العراق لعمليات إبادة ممنهجة، كان أبرزها قصف حلبجة بالأسلحة الكيمياوية عام 1988، إلى جانب حملات الأنفال بمراحلها الثمانية التي أسفرت عن مق*ت*ل عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء.وبعد سقوط ذلك النظام، كان من المفترض أن تعيش كوردستان حقبة جديدة من التعايش والاستقرار ضمن العراق الاتحادي، لكن الواقع أثبت أن أشكال القمع لم تختفِ، بل تحولت إلى سياسات اقتصادية خانقة تستهدف الإقليم ومواطنيه.

ومن أبرز الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الاتحادية خلال السنوات الأخيرة:أولا – مرحلة قطع حصة الإقليم من الميزانية أو تأخيرها لفترات طويلة، مما تسبب بأزمات مالية حادة أثرت على دفع رواتب الموظفين في الإقليم.ثانيا مرحلة فرض قيود اقتصادية تعرقل التجارة والنشاط الاقتصادي، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وصعوبة تأمين الموارد الأساسية للمواطنين في كوردستان.ثالثا مرحلة عرقلة الاتفاقات النفطية ومنع تصدير نفط الإقليم بحرية، مما أدى إلى انخفاض الإيرادات التي يعتمد عليها الإقليم لتأمين احتياجات السكان.

هذه السياسات لا تختلف جوهريًا عن أساليب الحصار الاقتصادي، حيث يتم استهداف المواطنين بسبب خلافات سياسية بين أربيل وبغداد مما يجعل الحياة اليومية في الإقليم أكثر صعوبة ويزيد من معاناة الفئات الفقيرة.

وفقًا للقانون الدولي، فإن الإبادة الجماعية لا تقتصر على الق*ت*ل المباشر ، بل تشمل أيضًا كل السياسات التي تهدف إلى تدمير جماعة قومية أو إثنية، سواء عبر العن*ف أو التجويع أو الحرمان من الموارد الأساسية.وعندما يتم استهداف مجموعة عرقية بشكل ممنهج عبر أدوات اقتصادية، فإن ذلك يُعد شكلًا من أشكال الإبادة غير المباشرة ، حيث تتحول الضغوط المالية إلى أداة لتعطيل الحياة الطبيعية ودفع السكان نحو النزوح الجماعي أو فقدان القدرة على الاستمرار

ومع استمرار هذه السياسات، يواجه إقليم كوردستان تحديات خطيرة، منها زيادة معدلات الفقر بسبب تراجع الدعم المالي والاقتصادي.

خبراء الاقتصاد والسياسة يرون إن الحل يكمن في تعزيز الحوار السياسي مع الحكومة الاتحادية والضغط القانوني والدبلوماسي عبر تدويل المشكلة وضرورة تدخل الأمم المتحدة لإنهاء هذه الممارسات، إضافةً إلى تقوية الاقتصاد الداخلي للإقليم عبر مشاريع تنموية تقلل الاعتماد على بغداد .

عموما مع استخدام اسلحة الق*ت*ل الجماعية أو اللجوء الى سلاح التجويع للقضاء على مكون اصيل ظلمته الظروف السياسية منذ اكثر من قرن على العيش والتكيف مع أعدائه

يبقى الصمود هو الخيار الوحيد للكورد مثلما فعلوا مع كل محاولات الإبادة السابقة، فإن إرادة الحياة والإصرار على الحقوق ستظل أقوى من أي سياسة تجويع تُمارس ضدهم.إلا أن التحدي الأكبر اليوم هو مواجهة هذه السياسات بأساليب أكثر فاعلية، وإيجاد حلول تضمن الحياة الكريمة لشعب كوردستان .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!