على الأمم المتحدة ودولها الأعضاء التزام قانوني لتوفير
المحامي علي ابوحبله
إن الجرائم الأخيرة التي ارتكبها نظام الاستعمار والفصل العنصري الإ*سر*ائي*لي ضد الشعب الفلسطيني، وخاصة ج#ريم*ة الإبادة الجماعية المستمرة في غ*ز*ة، تستدعي تفعيل التزام المجتمع الدولي بتوفير الحماية الدولية الشاملة للفلسطينيين.
وبموجب كافة القوانين والمواثيق الدولية تتحمل الأمم المتحدة ودولها الأعضاء التزامات قانونية واضحة لحماية الشعب الفلسطيني بموجب القانون الدولي، خاصة في ظل استمرار الاحتلال الإ*سر*ائي*لي والانتهاكات المرتكبة في الأراضي ا*لفلس*طينية المحتلة.
وبموجب تلك الالتزامات التي على الأمم المتحدة ودولها الأعضاء القيام بها وضمن ومسؤوليتها :-
1. مسؤولية الحماية (R2P): في عام 2005، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة مبدأ “مسؤولية الحماية”، الذي ينص على أن لكل دولة مسؤولية حماية سكانها من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم ضد الإنسانية. إذا فشلت دولة ما في ذلك، فإن المجتمع الدولي، من خلال الأمم المتحدة، يتحمل مسؤولية اتخاذ إجراءات جماعية لحماية السكان المتضررين .
2. فتوى محكمة العدل الدولية (2024): في يوليو 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية فتوى تؤكد أن استمرار وجود إس*رائي*ل في الأراضي ا*لفلس*طينية المحتلة غير قانوني، وتلزم إس*رائي*ل بإنهاء هذا الوجود فورًا. كما أكدت أن جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ملزمة بعدم الاعتراف بشرعية هذا الوضع وعدم تقديم أي دعم له .
3. اتفاقيات جنيف: بموجب اتفاقية جنيف الرابعة، تتحمل القوة المحتلة مسؤولية ضمان توفير الاحتياجات الأساسية للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة، بما في ذلك الغذاء والرعاية الطبية. إذا لم تتمكن من ذلك، يجب عليها السماح للمنظمات الإنسانية، مثل الأونروا، بتقديم المساعدة اللازمة .
4. قرارات الأمم المتحدة: أصدرت الجمعية العامة ومجلس الأمن عدة قرارات تؤكد حقوق الشعب الفلسطيني وتدين السياسات الإ*سر*ائي*لية، مثل قرار مجلس الأمن رقم 2334 الذي يعتبر المستوطنات الإ*سر*ائي*لية في الأراضي المحتلة غير قانونية ويطالب بوقفها .
وهناك التزامات محددة على الدول الأعضاء العمل بها والتقيد بمضمونها ألا وهي ، عدم الاعتراف بالوضع غير القانوني: يجب على الدول الأعضاء عدم الاعتراف بشرعية الاحتلال الإ*سر*ائي*لي للأراضي ا*لفلس*طينية.
عدم تقديم الدعم: يُحظر على الدول تقديم أي دعم مادي أو سياسي يعزز من استمرار الاحتلال أو الانتهاكات المرتكبة.
اتخاذ إجراءات فعالة: يتعين على الدول اتخاذ خطوات ملموسة، مثل فرض عقوبات أو دعم مبادرات دولية، للضغط على إس*رائي*ل لإنهاء احتلالها واحترام حقوق الفلسطينيين.
إن الهجمات الوحشية التي تشنها منظومة الاستعمار والفصل العنصري الإ*سر*ائي*لية على غ*ز*ة والضفة الغربية والتي تستهدف عمدا المدنيين والبنية التحتية بما في ذلك المدارس والمستشفيات وغيرها من الأهداف المحمية بموجب القانون الإنساني الدولي (مثل العاملين في القطاع الإنساني، والقطاع الطبي، والصحفيين)، إلى جانب قرارها بقطع الوقود والكهرباء والمياه والغذاء وغيرها من الإمدادات والاحتياجات الأساسية من دخول قطاع غ*ز*ة، إنما هي مؤشرات واضحة وصارخة على الإبادة الجماعية.
وقد شددت اللجنة الدولية للصليب الأحمر على أن المستشفيات في غ*ز*ة “مهددة بالتحول إلى مشارح بدون كهرباء”، وأن أوامر الإخلاء التي أصدرتها السلطات الإ*سر*ائي*لية “لا تتوافق مع القانون الإنساني الدولي”. وشددت على أنه يجب السماح للمدنيين بالإخلاء طواعية من المنطقة المحاصرة، وأنه يُحظر تمامًا مهاجمتهم أثناء عملية الإخلاء. مع تشديد اللجنة على أن القانون الدولي الإنساني يحظر استخدام سياسة تجويع السكان كوسيلة من وسائل الحرب.
لم تتخذ الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها أي تدابير لمحاسبة إس*رائي*ل على التدمير المتعمد لمرافق الأمم المتحدة والبنية التحتية واستهداف موظفي الأمم المتحدة. وبدلاً من الضغط على إس*رائي*ل من أجل وقف إطلاق النار، اضطر المجتمع الدولي إلى التوسل عملياً إلى إس*رائي*ل من أجل توفير ممرات إنسانية للسماح بمرور المساعدات الإغاثة الإنسانية الموجودة حالياً على حدود قطاع غ*ز*ة.
ولم تتخذ الأمم المتحدة والدول الأعضاء أية تدابير عملية للوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لفرض وقف إطلاق النار أو توفير الحماية للشعب الفلسطيني أو ضمان الوصول إلى الخدمات الإنسانية للفلسطينيين في قطاع غ*ز*ة.وهذا كله يقع على عاتق المجتمع الدولي، عملاً بمشروع القرارات المتعلقة بمسؤولية الدول عن الأفعال غير المشروعة دولياً،
وبناءً على ما سبق، فإن الأمم المتحدة ودولها الأعضاء ملزمون قانونيًا باتخاذ إجراءات لحماية الشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال الإ*سر*ائي*لي. ويشمل ذلك الامتناع عن دعم الاحتلال، واتخاذ خطوات فعالة لضمان احترام حقوق الفلسطينيين وفقًا للقانون الدولي.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.