خُلِقَ الكلبُ بذَنبٍ عَقف
علي الجنابي
قالَ بتَرَف: قد تعلمُ إنَّ الألفَ بألفٍ ونِصف، وكذا مع كلِّ مُستدينٍ لدنانيري أتعاملُ بلطف أو رُبَما بعن*ف، وما أنتَ عنهم بكائنٍ مميزٍ أو مخلوقٍ مختلف.
فقلتُ له بريقٍ يَبَسٍ وبحرفٍ مُرتَجِف: “ذلك مالا طاقةَ لي به وتعرفُ حالي وما فيها من تلف، ولوما عِلَّةُ ولدي وإذ شريانَهُ بالنزف قد أزِف، لَمَا طرقتُ لكَ بابَاً فولجتُ هذا الكهف، وإني لكَ وحدكَ فيما هَهُنا بذلكَ أعترف”! وفجأةً أذَّنَ مُؤذنُ الجُمعةِ، فقال بذرفٍ لطيفٍ أليفٍ مؤتَلِف: “دَعنا الآن نلتحق بصلاةِ الجمعة يا ذا طاقةٍ بكَفَف”.
ثمَّ قعدنا، وما إن قعدنا، حتى صَبَّ الخطيبُ الغضبَ كلَّهُ على الربا وأهلهِ بتقريعٍ وبأفَف، فأسررتُ في نفسي مُبتهجاً والعُرفُ منِّي قد وَقَف: “يالمَحاسنِ الصُّدَف! وحمدَاً لله الذي أنطقَ لسانَ الخطيبِ بذا هجومٍ مزلزلٍ بِعن*ف”.
ثمَّ اتممنا الصَّلاةَ باعتبارٍ ووَقارٍ وبشَرَف. فنهضتُ وإيَّاهُ، وإذ أنا متفاؤلٌ أيمَا تفاؤل بما نطقَ الخطيبُ وبما وَصف.
ثَمَّ وعندَ وسطِ حَرَمِ المسجد توقفَ صاحبي وقفةَ شَريفٍ عارفٍ علامَ يخَلَقُ الخَلَّاقُ النُّطَف، وإذ عيناهُ تَتأمَّلانِ بلَمعانٍ في بطنِ قبَّةٍ السَّقف، ثم إليَّ استدارَ بوجهٍ باسمٍ بشوشٍ قائِلَاً بصَرفٍ مُحترِف: قد سَمِعتَ وعلمتَ يا ذا طاقةٍ بكَفَف، ما سوفَ نلقاهُ نحنُ يومَ الدينِ من تقريعٍ بعَصف، وحيثُ العقابُ الأليمُ والعذابُ المُقيمُ بقرف، ومنَ المحالِ على بشرٍ أن يصفَ ذاك العذابَ بوَصف. فرددتُ بشغفٍ ضَامرٍ وبِغَامرٍ من لَهَف: ” أجل أجل، إي ورّبِّي، قد سَمِعتُ وفَقِهتُ بوَجَف، وإذِ لا نفعَ لدرهمٍ يومَئذٍ ولا شفعَ لخليلٍ إن حَلَف، وذلك مدعاةُ للاعتبار بأسَىً ولوعةٍ وبأسف”، فقالَ برَهَف: “وإذاً ياذا طاقةٍ بكَفَف، ما دمتَ قد غَرَفتَ فعَرفتَ مصيرنا بِسَبَِبِكَ يوم الدينِ يا قِحف. فأنَّ الألفَ لن تكونَ بألفٍ ونِصف، بلِ الألفُ بالضِّعف، فما قولُكَ يا ذا طاقةٍ كَفَف؟
تركتُهُ مُدندناً: “لعلَّ هذا يَظنُّ أن الدِّينَ إلى الرِّبا راكنٌ بل بهِ مُلتَحِف؟ كلَّا ، بل إنَّ الطبعَ غلَّاب، وقد خُلِقَ الكلبُ بذنبٍ عَقف”.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.