العن*ف الأسري كج#ريم*ة جنائية: دراسة في ضوء القانون العراقي –
العن*ف الأسري، يعد من أبرز التحديات التي تواجه البنية الاجتماعية والقانونية في العراق، نظراً لآثاره النفسية والجسدية على الضحايا، وخاصة النساء والأطفال، ورغم أنه غالباً ما يقع ضمن نطاق الأسرة الخاص، إلا أن عواقبه تمتد إلى المجتمع ككل، مما يستدعي النظر إليه ليس كقضية اجتماعية فحسب، بل كج#ريم*ة جنائية تستدعي تدخلاً قانونياً لحماية الضحايا وردع مرتكبيها، ولا يقتصر العن*ف الأسري على الاعتداء الجسدي أو الإساءة، بل يشمل أيضاً الإساءة النفسية والجنسية والاقتصادية، ويتخذ أشكالاً متعددة، كالتهديد والحبس والإكراه أو حجب الدعم المالي، ويكمن التحدي في أن الضحايا غالباً ما يكونوا في وضع ضعف، إما بسبب التبعية الاقتصادية أو الضغوط الاجتماعية أو العاطفية، مما يجعلهم يترددون في تقديم شكوى.
في القانون العراقي، لا يوجد حالياً أي تشريع محدد ومفصل يتناول ج#ريم*ة العن*ف الأسري، بل تُعالج هذه الأفعال ضمن الأحكام العامة لقانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969، مثل المواد المتعلقة بالإساءة والاعتداء والتهديد؛ مع ذلك، لا تراعي هذه الأحكام خصوصية العلاقات الأسرية، ولا توفر حماية وقائية كافية، اذ برزت دعوات متكررة في السنوات الأخيرة لإصدار قانون خاص “للوقاية من العن*ف الأسري”، وقد قُدّم مشروع قانون إلى مجلس النواب، يتضمن إنشاء مراكز لحماية الأسرة، وتحديد آليات الإبلاغ، وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي والقانوني للضحايا؛ إلا أن مشروع القانون هذا لا يزال مثيراً للجدل ولم يُعتمد بعد، وتجدر الإشارة إلى أن الثقافة المجتمعية لا تزال تعيق تطبيق القانون، إذ يُنظر أحياناً إلى العن*ف الأسري على أنه “مسألة خاصة”، مما يُقلل من فعالية الشكاوى ويُعيق عمل السلطات القضائية.
وبالختام، فإن اعتبار العن*ف الأسري ج#ريم*ة جنائية مستقلة يتطلب وجود قانون خاص يُعالج خصوصية هذه الج#ريم*ة، ويُوفر حماية شاملة للضحايا، ويضمن عدم إفلات الجناة من العقاب، كما يجب تعزيز هذا النظام القانوني ببرامج توعية مجتمعية، ودعم نفسي واجتماعي، وتدريب موظفي إنفاذ القانون على التعامل مع هذه القضايا بحساسية ومسؤولية.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.