الصحفيون.. بين التغطية والحفاظ على حياتهم
الصحفيون.. بين التغطية والحفاظ على حياتهم
يحيى الزيدي
رئيس تحرير صحيفة صوت القلم
يتعرض الصحفيون والإعلاميون في بلدان كثيرة للقمع والاعتداءات، خلال عملهم المهني في تغطية الأحداث ونقل الأخبار من كافة البلدان، لاسيما التي تشهد أحداثاً ساخنة وبشكل يومي.
تشكّل حرية الصحافة والإعلام في نقل الأحداث والأنباء حول القضايا التي تهمُّ الجمهور وتمس الحياة حجر الأساس لبناء أي مجتمع يحترم الحقوق.
وتذكيراً بالدور المحوري للصحافة والإعلام، وحق الوصول إلى المعلومة، يحتفل العالم في الثالث من أيار من كل عام بـ”اليوم العالمي لحرية الصحافة”، لتجديد الالتزام العالمي بحرية الصحافة.
يعود أصل هذه المناسبة إلى اعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة اليوم العالمي لحرية الصحافة في عام 1993 بناءً على التوصية التي اعتمدها المؤتمر العام لليونسكو في دورته السادسة والعشرين التي عُقدت في عام 1991. وقد كانت هذه التوصية بدورها رداً على نداء أطلقه الصحفيون الأفريقيون الذين أصدروا في عام 1991 إعلان ويندهوك.
وقد مهّد هذا الإعلان الطريق لتأكيد العلاقة الجوهرية بين حرية الوصول إلى المعلومات ونشرها وتلقيها من جهة، وبين المصلحة العامة من جهة أخرى، وهو الارتباط الذي لا يزال يحتفظ بأهميته الكاملة بعد مرور أكثر من ثلاثة عقود على إقراره.
وإنَّ اليوم العالمي لحرية الصحافة هو فرصة للوقوف إلى جانب وسائل الإعلام الملجومة والمحرومة من حقها في ممارسة حريتها، وهو يوم لإحياء ذكرى أولئك الصحفيين الذين قضوا نحبهم أثناء تغطيتهم الأحداث الساخنة والحروب.
وكذلك تقييم حرية الصحافة في جميع أنحاء العالم، والدفاع عن وسائل الإعلام في مواجهة الاعتداءات على استقلاليتها، وإحياء ذكرى الصحفيين الذين خسروا حياتهم أثناء ممارستهم مهنتهم.
وهو أيضا بمثابة تذكير للحكومات بضرورة الوفاء بالتزاماتها تجاه حرية الصحافة، وهو يتيح للمهنيين العاملين في وسائل الإعلام فرصة التوقف على مسائل حرية الصحافة والأخلاقيات المهنية.
نعم ..على مدار أكثر من عام ونصف مضى، تابع العالم تطورات الحرب في غ*ز*ة، هذا الصراع الذي أودى بحياة أكثر من 52 ألف شهيد و118 ألفا مصابا أغلبهم من النساء والأطفال منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول2023، والصحفيون الفلسطينيون هم القادرون على نقل رؤية واضحة والأحداث المتسارعة، والجرائم التي يرتكبها الإحتلال الاس*رائ*يلي في غ*ز*ة للعالم.
لكن الصراع، الذي اندلع في 7 أكتوبر، جعل هذه المنطقة الصغيرة من أخطر الأماكن في العالم للتغطية الصحفية والإعلامية، وفقا للجنة حماية الصحفيي (CPJ)، وهي منظمةٌ تُراقب حرية الصحافة عبر العالم ومقرها نيويورك.
وفي اليوم العالمي لحرية الصحافة، نذكّر بأن صحفيي غ*ز*ة ” يق*ت*لون على الهواء مباشرة بأسلحة الاحتلال الإ*سر*ائي*لي، والعالم يتفرج ويحتفل بصمت”، فمنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، ق*ت*لت القوات الإ*سر*ائي*لية 212 صحفياً وعاملاً في المجال الإعلامي، وأُصيب 409 آخرون بإصابات متفاوتة بعضهم فقد أطرافه، واعتقلت 48 صحفياً ممن عرفت أسماؤهم، وتعرض العديد منهم للتعذيب والمعاملة المهينة، في مخالفة واضحة لكل المواثيق الدولية.
ورغم ذلك يواصل الصحفيون والإعلاميون بقطاع غ*ز*ة أداء واجبهم المهني والإنساني بنقل جرائم الإبادة التي يرتكبها الاحتلال الاس*رائ*يلي منذ 7 تشرين الأول (اكتوبر) 2024، رغم الاستهداف المباشر الذي يتعرضون له بالقصف والقنص والاعتقال.
ما تزال معركة الصحفيين مستمرة في مواجهة مزدوجة بين التغطية الصحفية والحفاظ على حياتهم.
يأتي ذلك وسط صمت المجتمع الدولي والمؤسسات العالمية المعنية بحقوق الصحفيين، الأمر الذي اعتبرته مؤسسات حكومية وحقوقية تشجيعا للاحتلال على مواصلة جرائمه.
ودائما ما تندد مراكز حقوقية ومؤسسات أممية بالاستهداف المتواصل للصحفيين بغ*ز*ة، دون إتخاذ إجراءات تحول دون إستهدافهم وتمنحهم حقهم في حرية الصحافة.
ختاماً أقول ..رغم كل الإعتداءات التي تعرض لها الصحفيون والإعلاميون، والتضحيات الكبيرة التي قدموها في ميدان عملهم أمام أنظار العالم، سيستمر الصحفيون بممارسة مهنتهم، وأيصال رسالتهم الصحفية الى العالم أجمع، وفضح كل جرائم الإعتداء عليهم.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.