مقالات دينية

يسوع الكاهن والذبيح على الصليب

يسوع الكاهن والذبيح على الصليب

بقلم / وردا إسحاق قلّو

يسوع الكاهن والذبيح على الصليب

( هذا هو اليوم الذي صنعه الرب فلنبتهج ونفرح به ) ” مز25:118

في العهد القديم كان الكاهن الأعلى في شعب الله المختار يدخل مرة واحدة كل سنة إلى قدس الأقداس بدم غير دمه . أما في العهد الجديد فإنتهى زمن تقديم الذبائح الحيوانية من قبل الكهنة . فالمسيح هو الكاهن الأعلى على رتبة ملكي صادق . إنهُ ليس من نسل لاوي كباقي الكهنة . هو الكاهن الذي يقدم نفسه ذبيحة مرضية على مذبح الصليب ، وحياة المسيح منذ ولادته وإلى صلبه كانت ذبيحة كفارية ، فكان الموت المحكوم به يعمل في شخصهِ كل يوم كقول المزمور ( إلا أننا من أجلك نعاني الموتَ طول النهارِ . وقد حُسبنا مثل غنم معدةٍ للذبح ) ” 22:44 ” .

   المسيح أخضع ذاته لتطبيق كل شريعة وضعها الله لبني البشر . ومارس جميع الفضائل التي عجز الإنسان عن ممارستها لكي يعيش حياة البر ، وكما قال ليوحنا المعمدان ( لأنه هكذا يليق أن نكمل كل بر ) فعند يوحنا تعمد بالماء ، وعلى الصليب تعمد بدمه الطاهر ” معمودية الدم ” وأقبل على الصليب الموت بصفته حمل الله الذي يرفع خطية العالم ( يو 29:1 ) . ولما كان الحكم الصادر على آدم الخاطىء من الله . فكان لا بد أن يصدر الحكم بالموت على آدم الجديد من البشر من هيئة دينية ورسمية تمثل الله . فمن مجمع اليهود الأعلى الذي يمثل صوت الله ( خر 18 و 24 ) وكذلك من السلطة الزمنية المرتبة من الله ، والذي يقاومها ، يقوم ترتيب الله ( رو 1:  1-32 ) بهذا صار البار يسوع الذبيحة الرسمية المقدمة لله عن خطية البشر ، من آدم إلى يوم القيامة . كانت النار قديماً تنزل أحياناً من السماء على الذبيحة فتلتهمها ، وكان نزولها علامة القبول والرضى بالذبيحة المقدمة . هكذا حصل مع ذبيحة المسيح على الصليب فنزلت نار الغضب الإلهي من السماء لأن غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس وإثمهم ( رو 18:1 ) يسوع المصلوب هو الحمل الطاهر من كل خطيئة ، صار خطية لأجلنا كما يقول بولس الرسول ( لأنه جعل الذي لم يعرف خطية لأجلنا نحن بر الله فيه ) ” 2 قور 21:5 ” . ومن السماء نزل نار غضبه على الخطية التي حصرت في جسد واحد هو جسد إبنه المصلوب . وهكذا ظهرت علامات رضى الله عن الذبيحة بحدوث خوارق كثيرة في تلك الساعة ، فستار الهيكل قد إنشق شطرين ، من الأعلى إلى الأسفل ، وتزلزلت الأرض ، وتشققت الصخور ، وتفتحت القبور ، وقامت أجساد كثيرة لقديسين كانوا قد رقدوا … ( مت 27: 51-53 ) كان لا بد للمسيح ان يموت كما كان يقول لتلاميذه ويتحمل الألم بجسده وروحه كإنسان دون أن يشترك لاهوته بناسوته أثناء الصلب . وهذا الأمر لم يحصل مع الذبائح الحيوانية لخلوها من الروح والعقل ، أما المسيح فقد تألم وتعذبَ في كل من جسدهِ وروحهِ وحواسهِ . تعذب في جسدهِ بالجلد والبصقِ والضربِ بقصبة على رأسهِ وألبسوه أكليلاً من الشوك حتى إنغرس في جلد رأسهِ . وبعد ذلك أرغموه بحمل الصليب الثقيل في طريق الجلجلة الطويل .

 بعد وصولهِ إلى القمة ، مدوهُ على خشبة الصليب ، وشدوا يديه بكل عن*ف ومدوها لدق المسامير الحادة بمطرقة حديدية فراحت المسامير تخترق الجلد واللحم والعظم حتى نفذت على خشبة الصليب وكذلك بالنسبة إلى القدمين . مات يسوع على الصليب متأثراً بجراح إحساساته وكذلك أذية شعوره كما تنبأ به داود إذ قال ( العار قد كسر قلبي ) ” مز 20: 69 ” . لم يعطف عليه إنساناً ، بينما الشمس إحتجبت نورها لكي تكسي عري خالقها . فخيَّمَ الظلام على الأرض كلها .

 لما أكمل المصلوب الواجب بتقديم ذبيحته إلى الله أتم عمل الفداء والخلاص ، فصاح بأعلى صوته قائلاً  ( يا أبتِ ، في يديك أجعل روحي ! ) ، لفظ الروح ومات على مذبح الصليب ، وبعد ذلك طُعِنَ بالحربة في جنبهِ فخرج الدم والماء رمزاً للمعمودية والإفخارستيا . وبعد ذلك أنزلوا ذبيحة الصليب ليدفنوهُ في القبر ، وإلى القبر أخذ يسوع معه كل خطية العالم التي أمات مفعولها وسلطانها بموته على خشبة الصليب إذ سَمَّرها معهُ ، وق*ت*لها ، وهناك دفنها بحيث ما عادت تقوم بسلطانها وسيادتها كما كانت قبلاً . فرقدت الخطيئة في القبر ، أما المسيح فقام ليملك القلوب بدلاً من الخطية التي كانت تتملكها كما يقول بولس ( كذلك أنتم أيضاً إحسبوا أنفسكم أمواتاً عن الخطية ولكن أحياء لله بالمسيح يسوع ربنا . فلا تسودنَّ الخطيئة جسدكم المائت لكي تطيعوها في شهواته … فإن الخطية لن تسودكم لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النِعمة ) ” رو 11:6 و 12 و 14 ” .

الشكر والتسبيح والسجود والمجد للمسيح الذي مات من أجلنا .

   توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) ” رو 16:1″

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!