مقالات

هل يسري قانون تعديل الأحوال الشخصية على واقعة الطلاق التي

شاع في مواقع التواصل الاجتماعي توصيات عدة صادرة عن المجلس العلمي في ديوان الوقف الشيعي حول استحقاق المطلقة لمهرها المؤجل مقوم بالذهب وكذلك للتعويض عن الطلاق التعسفي، وهذه الحقوق منحت للزوجة المطلقة بموجب تشريعات ما زالت نافذة فضلا عن الحقوق الأخرى ومنها حق السكنى وغيرها، وجاء في تلك التوصيات بان المطلقة لا تستحق أي من الحقوق أعلاه،
ولوحظ ان تلك التوصيات كانت بناء على طلب من محاكم الأحوال الشخصية التي تنظر في تلك الدعاوى واستندت في الإحالة الى المجلس العلمي في ديوان الوقف على نص المادة (2) من قانون الأحوال الشخصية المعدلة بموجب قانون التعديل رقم (1) لسنة 2025،
كما لوحظ بان حالات الطلاق كانت قد حصلت قبل صدور قانون التعديل، لذلك ينهض السؤال هل تسري احكام التعديل الأخير على حالات الطلاق الواقعة قبل صدوره؟، وسأعرض له على وفق الاتي:
أولا: ان قانون التعديل يسري اعتبارا من تاريخ نشره بالجريدة الرسمية وعلى وفق احكام المادة (2/ثانيا) التي جاء فيها ( ينفذ هذا القانون من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية) وحيث ان الجريدة الرسمية (الوقائع العراقية) نشرته بالعدد رقم 4814 في 17/2/2025، وبذلك اصبح سريان القانون من تاريخ النشر أعلاه، بمعنى ان نطاقه الزمني يبدأ من تاريخ نشره ، واي واقعة طلاق خلال فترة سريانه تخضع لأحكامه، اما الطلاق الواقع قبل تاريخ نفاذه لا تسري عليه احكام التعديل، لعدة أسباب ومنها الاتي:
‌أ. ان الدستور العراقي منع سريان القانون باثر رجعي الا اذا نص على ذلك فيه بشكل صريح وعلى وفق ما ورد في المادة (19/تاسعاً) من الدستور التي جاء فيها (ليس للقوانين اثر رجعي ما لم يُنص على خلاف ذلك، ولا يشمل هذا الاستثناء قوانين الضرائب والرسوم)
‌ب. ان القانون لا يعمل بأحكامه الا من وقت صيرورته نافذت، ولا يسري على ما سبق من الوقائع التي حدثت قبل نفاذه، الا إذا وجد نص فيه يقضي بغير ذلك وعلى وفق احكام المادة (10) من القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 التي جاء فيها (لا يعمل بالقانون الا من وقت صيرورته نافذا فلا يسري على ما سبق من الوقائع الا اذا وجد نص في القانون الجديد يقضي بغير ذلك او كان القانون الجديد متعلقا بالنظام العام او الاداب)
‌ج. ان قانون النشر في الجريدة الرسمية رقم 78 لسنة 1977 المعدل ورد فيه نص صريح بعدم سريان احكام القانون باثر رجعي الا اذا ورد فيه نص صريح بذلك وعلى وفق ما ورد في المادة (1/ثانياً) التي جاء فيها (يعتبر جميع ما ينشر في (الوقائع العراقية) النص الرسمي المعول عليه ، ويعمل به من تاريخ نشره، الا اذا نص فيه على خلاف ذلك.)
ثانياً: ان جميع حالات الطلاق التي أوصى بها المجلس العلمي في ديوان الوقف حالات طلاق وقعت قبل نفاذ قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية، وبذلك لا يجوز ان ينظر فيها، ولا يملك الصلاحية القانونية بذلك، لان صلاحيته في التوصية وردت في قانون التعديل الذي يسري من تاريخ 17/2/2025، وقبل ذلك التاريخ لم تكن له أي صلاحية،
ومما تقدم فان المحكمة المختصة غير ملزمة بإحالة الدعاوى المتعلقة بالطلاق الى المجلس العلمي الواقع قبل تاريخ 17/2/2025 لإنه وقع في ظل قانون لا يمنح المجلس هذه الصلاحية، كما انها تتعلق بحقوق اكتسبتها المطلقة بموجب تشريعات نافذة منذ لحظة وقوع الطلاق، وأصبحت من الحقوق التي وفرت مركزاً قانونيا ثابتاً للزوجة المطلقة في ظل تشريعات نافذة، كما انها أصبحت اجنبية عن الزوج منذ لحظة وقوع الطلاق، الا اذا حصل رجوع خلال فترة العدة، ومع ذلك تعتبر الطلقة قبل الرجوع صحيحة، وحيث ان الاتجاه القضائي ونص قانون التعديل يشير الى ان المطلقة اجنبية عن الزوج ولا يسري عليها التعديل الا اذا اتفقت مع الزوج (المطلق) وصدرت عدة احكام من محاكم الاستئناف بصفتها التمييزية بهذا الصدد،
وخلاصة القول لا يجوز لمحكمة الموضوع ان تطلب التوصية من المجلس العلمي وانما تمضي بالنظر فيها، لان المطلقة اجنبية عن الزوج منذ لحظة وقوع الطلاق، ولها حقوق مقررة بموجب تشريعات نافذة وتسري بحقها وقت وقوع الطلاق وتستحقها بموجب تلك التشريعات.
قاضٍ متقاعد

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!