هل يتحقق الحلم العراقي بالوصول مرة ثانية لكأس العالم بكرة
يعيش الشارع الرياضي العراقي حالة من القلق والتوجس على خلفية التذبذب الواضح في أداء ونتائج المنتخب الوطني خلال تصفيات كأس العالم 2026. وبين من يُحمّل المسؤولية للكادر التدريبي، وآخرين يوجهون أصابع الاتهام للإدارة والاتحاد، وقطاع يرى أن المشكلة في اللاعبين أنفسهم، يبقى السؤال الأهم: هل يمكن للاتحاد العراقي لكرة القدم أن يعالج كل هذه التحديات في الفترة القصيرة المتبقية ويقود المنتخب نحو التأهل الثاني في تاريخه؟
فوضى فنية أم فشل إداري؟
من حيث الشكل، يضم المنتخب العراقي جهازاً تدريبياً يمتلك الخبرة النظرية، لكن التطبيق العملي على أرض الملعب كشف عن غياب الرؤية الفنية المتكاملة، وارتباك في اختيارات التشكيل والتبديلات، إضافة إلى ضعف في قراءة المباريات وغياب الخطط البديلة.
لكن هذا لا يعفي اتحاد الكرة من المسؤولية. فالأحاديث عن تدخلات شخصية في اختيار اللاعبين، وضغوطات من بعض الأطراف الفاعلة داخل الاتحاد، تشير إلى وجود أزمة إدارية عميقة تفرض نفسها على الجانب الفني وتشلّ حركته. وغياب هيكلية واضحة في العمل الإداري يؤثر سلباً على الاستقرار الفني والنفسي للاعبين.
اللاعبون… بين قلة المهارة وضعف اللياقة
على صعيد اللاعبين، لا يمكن إنكار وجود فجوة مهارية مقارنة بمنتخبات آسيوية تتطور بسرعة. اللاعب العراقي اليوم يفتقر في أحيان كثيرة إلى الانضباط التكتيكي والاحتراف الذهني، ولا يحظى بإعداد بدني يوازي الطموحات. كما أن الانتقالات العشوائية للاعبين بين الأندية، داخل العراق وخارجه، تساهم في انعدام الاستقرار الفني وتفقدهم التركيز.
الجمهور… من الدعم إلى الضغط السلبي
لا شك أن الجمهور العراقي يمثل طاقة هائلة ودعماً نفسياً كبيراً للمنتخب، لكن حين يتحول الغضب الجماهيري إلى شتائم وتشكيك دائم، فإنه يؤثر مباشرة على الأداء الذهني للاعبين، ويدفعهم إلى فقدان التركيز واللعب تحت ضغط نفسي مفرط. وهنا يجب أن يُعاد تعريف دور الجمهور ليكون شريكاً في النجاح لا عاملاً إضافياً في الانهيار.
رئيس الاتحاد… مركزية القرار أم دكتاتورية رياضية؟
تُثار تساؤلات جدية حول أسلوب إدارة رئيس الاتحاد العراقي، حيث يصفه البعض بأنه يُدير المؤسسة بأسلوب فردي مركزي، مما يخلق بيئة خانقة تعيق روح الفريق وتغيب عنها الشفافية والمحاسبة. وقد تكون هذه الطريقة هي الجذر الرئيسي للمشكلات التي تظهر في كل مفاصل العمل الكروي بالعراق، من الفئات العمرية حتى المنتخب الأول.
هل هناك وقت للإصلاح؟
السؤال الجوهري الآن هو: هل ما زال بالإمكان إنقاذ التصفيات؟ من الناحية الزمنية، نعم. الفرص قائمة، والمنتخب لم يُقص بعد. لكن ذلك يتطلب قرارات شجاعة وفورية، تتضمن:
1. تفويض الصلاحيات الفنية بالكامل للكادر التدريبي دون تدخلات إدارية.
2. إعادة تقييم الوضع البدني والنفسي للاعبين، والعمل مع مختصين في الإعداد الذهني.
3. فتح الباب أمام اللاعبين المغتربين والمحترفين دون حسابات شخصية أو مناطقية.
4. تهدئة الرأي العام والجمهور عبر حملات إعلامية مسؤولة تُعيد الثقة وتحد من التحريض.
5. إجراء تغييرات في الهيكل الإداري داخل الاتحاد، ولو جزئياً، لإشاعة جو من الثقة والتجديد.
ختاماً…
الكرة العراقية تملك التاريخ، والجمهور، والمواهب، لكن ما ينقصها اليوم هو الانضباط، الاحتراف، والرؤية المستقبلية. وإذا لم يتغير شيء الآن، فإننا لا نضيّع فقط فرصة التأهل، بل نخسر جيلاً كاملاً من اللاعبين والجمهور.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.