مقالات

هل أصبحت المادة (97/1) من قانون إدارة البلديات رقم 165 لسنة

أولا: الوقائع:
1. كانت محكمة التمييز الاتحادية العليا قد قضت بعدم دستورية المادة (97/1) من قانون إدارة البلديات بموجب قرارها العدد 108 وموحدتها 104/اتحادية/2019 في 20/1/2020، وعند نظر دعوى لتطبيق النص أعلاه، قضت محكمة التمييز الاتحادية وبهيئتها العامة اعتبار قرار المحكمة الاتحادية العليا أعلاه غير سليم تحت وازع عدم اكتمال نصابها لنقصٍ في تشكيلتها، وعلى وفق التفصيل الوارد في قرارها العدد 2/هيئة عامة/ في 2020 في 27/1/2020، ومن ثم لم يعمل بأحكام قرار المحكمة الاتحادية العليا واصبح معطلاً، واستمر العمل على وفق نص المادة (97) من قانون إدارة البلديات باعتبارها نصٌ نافذ،
2. ثم أقيمت دعوى لاحقة امام المحكمة الاتحادية العليا يطلب فيها المدعي الحكم بعدم دستورية تلك المادة مرة اخرى، لاعتبارين الأول لان الحكم السابق اصبح غير ملزم بحكم قضائي صادر من الهيئة العامة في محكمة التمييز، والاعتبار الثاني ان المحكمة بتشكيلتها الحالية عام 2025 وقت إقامة الدعوى الدستورية مكتملة النصاب القانوني، الا ان المحكمة الاتحادية العليا الحالية قضت برد الدعوى وبموجب قراراها العدد 67/اتحادية/2025 في 14/5/2025 لسبق الفصل فيها والقضاء بعدم دستوريتها سابقاً بموجب قراراها العدد 108وموحدتها104/اتحادية/2019 في 20/1/2020
ثانياً: التحليل:
1. ان محكمة التمييز الاتحادية الموقرة بموجب قراراها العدد 2/هيئة عامة/ 2020 في 27/1/2020 الذي قضى باعتبار قرار المحكمة الاتحادية العدد 108/اتحادية/2019 فاقد الشكل القانوني لصدوره من محكمة غير مكتملة النصاب، ومن ثم اعتبرته غير ملزم وعلى وفق ما ورد في القرار أعلاه الذي جاء فيه (ما جاء بقرار المحكمة الاتحادية بالعدد ۱۰۸ / وموحدتها / ١٢٤ /اتحادية/ ۲۰۱۹ في ۱/۲۰/ ۲۰۲۰ والذي قضى بعدم دستوريتها لان قرار الحكم هذا قد صدر وهو فاقداً لشكله القانوني لصدوره من محكمة غير مكتملة النصاب القانوني من حيث التشكيل العددي وهذا الأمر يخالف ما جاء بصراحة نص المادتين (۳ و ٥) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم ٣٠ لسنة ٢٠٠٥ وبهذا يكون غير ملزم لاي محكمة ولا يُعد باتاً وتكون المادة (۹۷) من قانون ادارة البلديات واجبة التطبيق عند تحقق شروطها سواء كانت ملكية العقار خاصة للأفراد ام ملكية عامة)
2. يلاحظ ان سبب الامتناع عن تنفيذه هو صدوره من محكمة تشكيلها غير موافق للقانون على اعتبار ان احد أعضائها لا يتوفر على شروط التعيين فيها وعلى وفق ما قررته محكمة التمييز الاتحادية لاحقاً، ومن ذلك التسبيب نرى بان الامتناع عن تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية شكلياً يتعلق بعدم اكتمال نصاب المحكمة الاتحادية العليا،
3. بعد ذلك اعيد طلب الحكم بعدم دستورية تلك المادة في عام 2025 على اعتبار ان محكمة التمييز الاتحادية تعاملت معها على انها نافذة وغير معطلة دستورياً للسبب أعلاه، وان المحكمة الاتحادية العليا في عام 2025 قد اكتمل تشكيلها، بعد صدور القانون رقم 25 لسنة 2021 قانون تعديل قانون المحكمة الاتحادية العليا، وبعد إقامة الدعوى بالعدد 67/اتحادية/2025 أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارها المؤرخ في 14/5/2025 وقضت فيه برد الدعوى وسبب الرد انها سبق وان فصلت فيها بموجب قرارها العدد 108/اتحادية/2020 في 20/1/2020 وهذا الرد للدعوى لسبق الفصل فيها هو رد موضوعي وله دلالات منها الاتي:
‌أ. ان سبق الفصل في الدعوى يعني ان القرار السابق الذي فصل فيها كان صحيحاً ولا يجوز مناقشته لأنه اصبح ذو حجة على الناس كافة بما فصل فيه، واكتسب حجية الامر المقضي به، وعلى وفق ما ورد في المادة (105) من قانون الاثبات رقم 107 لسنة 1979 المعدل (للأحكام الصادرة من المحاكم العراقية التي حازت درجة البتات تكون حجة بما فصلت فيه من الحقوق اذا اتحد اطراف الدعوى ولم تتغير صفاتهم وتعلق النزاع بذات الحق محلا وسببا.)
‌ب. وحيث ان المحكمة الاتحادية في عام 2025 مكتملة النصاب ولا خلل في تشكيلها، فإنها قد قضت باعتبار ان الفقرة الحكمية الواردة في قرارها العدد 108/اتحادية/2020 سبق وان فصلت في الموضوع ولا يجوز إعادة النظر لأنه اصبح ذو حجية وجاء في الفقرة الحكمية للقرار رقم 67/اتحادية/2025 الاتي (ثانياً – الحكم برد دعوى المدعي عن المدعى عليه الأول رئيس مجلس النواب / إضافة لوظيفته لسبق الفصل في موضوعها بموجب الحكم الصادر عن هذه المحكمة بالعدد (۱۰۸) وموحدتها ١٢٤/ اتحادية/ ٢٠١٩ في 20/1/2020)
‌ج. لا حاجة لبيان معنى حجية الاحكام ودلالاته الفقهية، حيث انه متاح للجمهور القانوني والحقوقي وبالإمكان العودة الى كتب شراح قانون الاثبات، لان محكمة التمييز الاتحادية قد استقرت على ذلك في جميع تطبيقاتها القضائية ومنها قرارها العدد 115/هيئة مدنية موسعة/2025 في 21/4/2025 الذي جاء فيه (وحيث أن الأحكام الصادرة من المحاكم العراقية التي حازت درجة البتات تكون حجة بما فصلت فيه من الحقوق إذا اتحد أطراف الدعوى ولم تتغير صفاتهم وتعلق النزاع بذات الحق محلاً وسبباً ولا يجوز قبول دليل ينقض حجة الأحكام الباتة المادتين (١٠٥ و ١٠٦) من قانون الإثبات لذا فإن دعوى المدعي / إضافة لوظيفته فاقده لسندها وواجبة الرد لسبق الفصل فيها وهذا ما قضى به الحكم المميز لذا قرر تصديقه ورد الطعن التمييزي وتحميل المميز/إضافة لوظيفته رسم التمييز وصدر القرار بالاتفاق استناداً إلى أحكام المادة (٢١٠/٢) مرافعات مدنية في ٢١/٤/٢٠٢٥ م.)
ثالثاً: الاستنتاج
من اهم ما يترتب على قرار المحكمة الاتحادية اللاحق العدد 67/اتحادية/2025 في 14/5/2025 والذي أشار الى سبق الفصل في الطعن بدستورية المادة (97) من قانون إدارة البلديات، بان الحكم الوارد في القرار الصادر عام 2020 صحيح من حيث الموضوع وان فقرته الحكمية نافذة وملزمة والتي جاء فيها في حينه (قرر الحكم بعدم دستورية نص المادة (97/1) من قانون إدارة البلديات رقم (١٦٥) لسنة ١٩٦٤ بقدر تعلق الامر بالملكية الخاصة للعقارات التي تذهب، أو جزءاً منها الى شوارع حادثة قبل نفاذه او بعد نفاذه داخل حدود البلديات)
وبهذا الحكم أصبحت تلك المادة محكوم بعدم دستوريتها، وإنها معطلة، حيث ان القرار بعدم الدستورية صدر من المحكمة المختصة بالنظر بدستورية القوانين بموجب اختصاصها في المادة (93/أولا) من الدستور، فضلا عن كونها مكتملة النصاب،
رابعاً: الفرضية المطروحة:
بعد ان أصبحت تلك المادة غير دستورية وأنها معطلة، السؤال هو هل سريان عدم دستوريتها يكون من تاريخ صدور الحكم الأول بتاريخ 20/1/2020، ام من تاريخ صدور القرار اللاحق بتاريخ 24/5/2025 الذي اضفى المشروعية على القرار السابق، تتقاذف الموضوع فرضيتان وعلى وفق الاتي:
1. طالما ان قرار الحكم الصادر بتاريخ 14/5/2025 قد اعتبر الحكم السابق الصادر في 20/1/2020 صحيحاً لأنه اضفى عليه الحجية لسبق الفصل فيه، فان هذا الحكم ما هو الا كاشف عن الفقرة الحكمية بعدم الدستورية منذ عام 2020، ومن ثم تكون تلك المادة معطلة اعتباراً من تاريخ صدور الحكم الأول بتاريخ 20/1/2020، وكل ما ترتب عليها منذ ذلك التاريخ لا يستند الى نص في القانون، مع مراعاة بعض الاتجاهات الفقهية حول الحقوق المكتسبة ومبدأ ثبات المراكز القانونية والامن القانوني.
2. طالما ان الحكم الأخير هو الذي اعتبر الحكم السابق فصل فيها سابقاً، الا ان تشكيل المحكمة لم يكن بالنصاب القانوني في حينه مثلما افترضته محكمة التمييز الاتحادية، فان قرارها اللاحق هو تأكيد موضوع الحكم وتقرير لفقرته الحكمية التي قضت بعدم الدستورية، ولكن من تاريخ صدور قرارها اللاحق على اعتبار الان اكتمل النصاب وأصبحت قراراتها صحيحة وباتة وملزمة، وبذلك تكون اثاره اعتبارا من تاريخ صدوره بتاريخ24/5/2025
الخلاصة: يبقى الامر مرهون بما ستقضي به محاكم الموضوع عند إقامة دعوى تستند الى المادة (97/1) من قانون إدارة البلديات، حيث لها ان تفصل فيه من حيث تاريخ سريان الحكم بعدم الدستورية من تاريخ صدور القرار الأول عام 2020 ام من تاريخ صدور القرار الثاني عام 2025
كما ننتظر ما ستقرره محكمة التمييز الاتحادية تجاه قبولها للحكم الجديد عام 2025، بعدما استوفى الشكلية باكتمال النصاب والذي كان السبب الوحيد لعدم الالتزام بقرارها السابق في عام 2020، وفي حال القبول بما ورد فيه سننتظر ايضاً التوجه حول تاريخ سريان عدم دستورية المادة (97/1) من قانون إدارة البلديات رقم 165 لسنة 1964 المعدل

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!