مقالات

من سجن الحلة إلى بقية السجون.. لماذا يفقد العراق سيطرته على

تتكرر حوادث هروب السجناء في العراق بوتيرة مقلقة، وآخرها حادثة سجن الحلة المركزي اليوم، لتطرح أسئلةً كبيرة حول قدرة الدولة على إدارة ملف السجون. فما بين اتهامات بالفساد داخل المؤسسات الأمنية وشكاوى من ظروف احتجاز قاسية، تبدو الأزمة متعددة الأبعاد، وتستدعي وقفةً جادة لمعالجة أسبابها الحقيقية قبل استفحال تداعياتها.
تشير الوقائع إلى أن هروب السجناء لم يعد حدثاً استثنائياً، بل تحوّل إلى ظاهرة تعكس خللاً بنيوياً في نظام الإدارة السجنية. فمن ناحية، تنتشر تقارير عن تعامل غير إنساني داخل السجون، حيث يعاني النزلاء من سوء التغذية ونقص الرعاية الصحية، ناهيك عن حالات التعذيب التي تدفع البعض إلى المخاطرة بحياتهم للخروج من هذا الجحيم. ومن ناحية أخرى، تؤكد العديد من الشهادات وجود فساد مالي وإداري يسهّل عمليات الهروب، سواء عبر رشاوى أو تواطؤ مريب من بعض عناصر الأمن.
وإذا كانت هذه العوامل تشرح دوافع الهروب وسببه، فإنها تكشف أيضاً عن أزمة أعمق تتعلق بضعف الرقابة وترهل المؤسسات الأمنية. فكيف يمكن لسجينين أو أكثر أن يتجاوزا نقاط التفتيش المتعددة ويخرجا من منشأة محروسة دون أن يلاحظ أحد؟ السؤال ليس عن قدرة السجناء على التخطيط للهروب، بل عن فشل النظام القائم في تأمين السجون بالشكل المطلوب.
الحكومة العراقية مطالبة اليوم بمراجعة شاملة لملف السجون، ليس فقط من خلال تحسين البنى التحتية، بل أيضاً بتطهير المؤسسات الأمنية من الفساد، وضمان معاملة إنسانية للنزلاء وفق المعايير الدولية. فاستمرار الوضع على ما هو عليه لن يؤدي إلا إلى مزيد من الهروب، ومعه تآكل ثقة المواطنين بقدرة الدولة على فرض القانون. السجون ليست مجرد أماكن لعزل المخالفين، بل هي جزء من منظومة العدالة التي إن اختلت، اختل معها الأمن المجتمعي بأكمله.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!