مقالات دينية

مناجات أرواح الموتى والتحدث معها

الكاتب: وردااسحاق
 

مناجات أرواح الموتى والتحدث معها

 
( فلا تسمعوا أنتم لأنبيائكم وعرافيكم وحالميكم وعائفيكم وسحرتكم … لأنهم أنما يتنبأون لكم بالكذب .. )  ” 27: 9-10″
أولاً علينا أن نعترف بوجود ظواهر غامضة وأمور خارقة للطبيعة وقوانينها . فهناك ظواهر روحانية لا سبيل الى تعليلها بموجب المبادىء العلمية ، الا أن تلك الظواهر تستمد قوتها من قوة الشيطان نتيجة أيمان الأنسان به وتسليم الذات له . ففي غرفة تحضير الأرواح التي تشهد جلسات لمن يؤمن بتلك القدرات فأنه يعتمد على الوسيط الذي سيكون بينه وبين تلك الأرواح والوسطاء كثيرون يحملون أسماء وألقاب كثيرة مثل السحرة ، والعرافين ، وأصحاب التوابع والفال ، وأصحاب الجان ، والوسطاء الروحانيين وغيرهم وهؤلاء يلعبون دور الوسيط بين الأنسان الحاضر وروح الميت كروح والده أو جده المتوفي للحصول على بعض الأسرار الغامضة أو المخفية أو الغير معلنة أساساً ، ومن الغباء أن يصدق الأنسان الحاضر تلك الجلسات وبذلك الروح الناطق هو فعلاً روح نفس الأنسان المطلوب الذي مات منذ سنين عدة ، وأنه لا يرى صورته أبداً بل يسمع صوت ما . البعض يقررون بأن الأرواح تصرح بأشياء لا يستطيع أحد من الحاضرين أن يعرفها . أي لا يوجد يقين من ذلك . قد تكون ثمة أرواح لا نراها ، وليست هي بأرواح المطلوبة كروح الوالد أو الجد أو الأبن ، لأن تلك الأرواح الشريرة الناطقة تكون مطلعة على كل الأحداث التي وقعت في حياة الميت ، كذلك تعرف أسرار ونوايا الشخص الحاضر في الجلسة ، لا وبل تسمع حتى همساته السرية . فليس من الغريب أن تثير دهشته حين تعلن له تلك الأسرار وهو يظن بأنها خفية على الجميع . الله لا يعلن أسراره للشيطان وأعوانه من الأرواح الشريرة ، بل ينقلها الى الأنسان من خلال أنبيائه ومختاريه المؤمنين به ، فعلى الأنسان أن يتذكر آيات الكتاب المقدس ذات العلاقة ، ومنها  ( 2 مل 6:21 وأش 9:8 ولا31:19 و6:20و27 …الخ ) وهنا وصية الرسول يوحنا عن تلك الأرواح ( أيها الأحباء ، لا تصدقوا كل روح ، بل أمتحنوا الأرواح لتتأكدوا من كونها أو عدم كومنها من عند الله ، لأن عدداً كبيراً من الأنبياء الدجالين قد أنتشرت في العالم ) ” 1 يو 1:4″ .
كيف نمتحن تلك الأرواح ؟ نمتحنها بأنها هل تؤمن بيسوع المسيح أنه الرب الأله الذي تجسد وصلب ومات من أجل خلاص البشرية ؟ كذلك نمتحن مدّعيات الروحانية بشريعة الأسفار المقدسة فأن كانوا لا يعترفون أو يعلّمون تعليماً مطابقاً لهذا المحك الألهي فليس فيما يعلّمون به هو نور من الله ، فأذا أمتحنت الروحية بهذا المقياس الألهي نراها تخيب أجمالاً وتفصيلاً . فالتعليم الذي يقوم عليه منهاجها يتناقض مع أبسط نصوص الوحي . فعلى الحاضر الى تلك الجلسات أن يطلع على كل آيات الكتاب المقدس التي تتحدث عن هذا الموضوع لكي نتعامل مع الحدث وفق الأيمان الصحيح ، فالنبي أشعياء يقول في 8: 19-20 ” ( وعندما يقول الناس لك : أسأل أصحاب التوابع والعرافين  والمتهامسين المجمجمين قُل ، أليس على الشعب أن يسأل إلهه ؟ أعليكم أن يسألوا الأموات عن الأحياء ؟ فالى الشريعة والى الشهادة : ومن لا ينطق بمثل هذا القول ، فلا فجر له ) أما الروحانية فتعلم العكس أي أن الأموات يشعرون وبأستطاعة الأحياء أن يسألوهم ، بينما الكتاب المقدسيقول لا يجوز لروح الميت أن تأتي الى هذا العالم وتخبر عن أسرارها ، وكما قال أبراهيم للغني الذي طلب منه ذهاب لعازر الى أخوته وأخبارهم بحقيقته وسره . أذاً روح من هي التي تتحدث الى طالبها في غرفة تحضير الأرواح وصوت الذي يسمعه الجالس لمن يعود ؟ أنها بحسب تعليم الكتاب المقدس ليست روح موتانا الراقدين على رجاء القيامة ، بل أنهم أرواح الشياطين الناطقة والقادرة حتى على صنع المعجزات ( رؤ 14:16) . أذاً تلك الأصوات التي تسمع في تلك الغرف المظلمة أوقد يكون ضوئها باهتاً وكأنها غرفة عمليات حربية روحية معدة لهذا الهدف ؟ يقول الكتاب ، عدونا الشيطان يجول في الأرض كأسد زائر ملتمساً من يبتلعه . فالحاضر في تلك الجلسات فريسة من فرائسه التي يتلذذ بها . علينا أن نعلم جيداً بأن الشيطان كان ملاكاً مقتدراً وبقي هكذا بعد السقوط لأن الله سحب منه النعمة فقط ، أي أن الشيطان هو ملاك شرير . والكتاب يعلمنا أن لكل مؤمن بالله ملاك حارس يلازمه ( مت 10:18 ؛ أع 12: 12 – 16) ومن غير شك يلازم ذلك المؤمن ملاك شرير والذي يتلقى أوامره من الشيطان ، أنه يعرف كل سوابق الأنسان وأسراره التي قالها أو عاشها ، ويعلم بكل ما يمتلك من أموال وأشياء وأين وضعها ، كما يعلم بجميع أسراره التي جرت في النور أو في جنح الظلام والتي أخفاها عن عيون الآخرين . وذلك الملاك الساقط يستطيع أن يكشف ويشخص بعض تلك الأسرار لطالبها مع خلطها في أهداف يرسمها الشيطان للأيقاع بذلك الشخص ، لأن غاية الشيطان هو الهدم لأنه عدو الخير . هكذا سيحصل الحاضر على بعض الأسرار والتي لم يكن يعرف بها أحد الا الميت والآن عرفها المستفسر في حجرة المناجاة ، والصوت لم يكن للميت بل للشيطان المحتال والمقلد لصوت الميت . وهذا العمل يبدو خارقاً للطبيعة وقوانينها بحيث يجعل المفسر الذي لم يحصن نفسه بما يقوله الوحي عن حالة الأموات . فيقتنع بأنه على أتصال فعلي بروح قريبه الميت وأن روحه هي التي تحدثت اليه فينقاد الى الأيمان بتعاليم الشيطان (1تيمو 1:4) هكذا يقتنع بأن ذلك هو روح قريبه فيصدق الرسالة وينجرف بعيداً عن الله والحقيقة الى تلك الضلالة المريعة . كل الأرواح التي تظهر في جلسات مناجات الأرواح تعزى الى أرواح الشياطين وروح الشيطان المتحدثة من حقها أن تقول الحق والكذب معاً وحتى الأنسان الشرير السائر في خطى الشيطان قد يقول الصدق أحياناً . هكذا ترمي تلك الأرواح الى الخداع والتضليل وهلاك الفريسة التي جاءت من أجل الوصول الى أسرار مخفية كالآموال أو الوصايا أو أوراق مهمة فيصطدم بالنصب والأحتيال .
المؤمن المتكل على الله يحارب هذه الأعمال بكل قوته كما أوصت الشريعة وكما فعل الملك شاول عندما كان يسكن فيه روح الله بعد مسحه بالزيت المقدس فصار مسيح الله ، لكن بعد أن رفضه الله فارق ذلك الروح شاول وأعطاه لداود بعد أن مسحه النبي صموئيل فسكن في شاول روح شريرفتخبط شاول في سيرته وأبتعد عن الأيمان لكي يتكل على الروح الجديدة الساكنة فيه والتي دفعته الى البحث عن غرفة مناجات الأرواح ويلتقي بالوسيط لكي يسأل من الذي سينتصر في الحرب هو أم الخصم ! وهكذا دفعته أفكاره وقلقه للبحث عن عرافة لتحضر اليه روح صموئيل النبي الميت ، علماً بأن آيات الشريعة كانت تحرم هذه الأعمال ومنها هذه الآية ( لا يوجد بينكم من يجيز أبنه أو بنته في النار ولا من يعرف عرافة ، ولا عائف ، ولا متفائل ، ولا ساحر ، ولا من يرقي رقية ولا من يسأل جاناً أو تابعة ولا من يستشير الموتى . لأن كل من يفعل ذلك مكروه عند الرب ) ” تث 18 : 10-12″  لهذا نقول ، أن كانت أستشارة الميت محرمة لماذا لجأ شاول الى العرافة لأحضار روح الميت صموئيل ، وهل تستطيع عرافة أن تحضر روح نبي الله ؟ الجواب كلا بل الله هنا هو الذي تدخل فأعطاه المشورة الصحيحة عن المستقبل الآتي وهي خسارته في الحرب وق*ت*له هو وأبنائه في اليوم التالي . لم يكن لشاول مبرر ليسأل روح صموئيل عن طريق عرافة ، بل كان عليه أن يسأل ألهه القدير ويق*ت*ل تلك العرافة كما ق*ت*ل غيرها ( لا 27:20 ) . الله يرفض كل تلك الممارسات التي مصدرها الشيطان كما قال الرسول في ( غل 5: 19-20) . نفهم من هذا أن كل أتصال من هذا القبيل هو رجس من عمل الشيطان فعلى المؤمن أجتنابه .
نختم مقالنا فنقول : يزعم الذين يعملون في مجال الروحانية بأنهم قادرون أن يحسرون الستار عن المستقبل ويقرأونه بكل دقة ويكتشفون الخفايا والأسرار ، لكن كل أدعائاتهم لا تخدم الأنسان لأنها مستندة على قوة الشيطان عدو الأنسان رغم قدرتها على أستخلاص بعض النتائج المنطقية لغرض أقناع الضحية أما النتيجة النهائية فستكون لتحطيمه وأبعاده من الله وسبله المستقيمة ودفعه لتسليم الذات الى خطط تلك الأرواح الشريرة . كما أن تلك الأرواح لا تمتلك المعرفة الخارقة للطبيعة فيما يتعلق بمستقبل العالم .
كل المتصلين بالأرواح التي تشخص لهم أخبار الأموات يجدون أنفسهم إزاء قوة غريبة لا يستطيعون مغالبتها أو الصمود لها . فمن أغراء وأستمالة الى آيات ومعجزات تجرى أمام عيونهم ، الى سائر ما يحملهم على الأقتناع بأنها قوة الله العظيمة ويترتب في ذلك أن يشّكوا في كلمة الله  الصادقة والتي تقاوم سبل الروحانية ، هؤلاء الوسطاء يندفعون في الطريق الخاطىء الى حيث يفارقهم الله كما فارق شاول الملك . كما علينا أن نتذكر بأن الروح الأولى التي دفعت حواء الى تصديقها كانت روح الشيطان الذي كذب وعد الله المبرم بينه وبين آدم  وبينها . هكذا سيهلك مئات الألوف لأنهم يصدقون أقوال الأبليس الهادفة الى تضليل الحقائق وأسقاط العالم كله . حصننا الوحيد نحن المؤمنون هو أن نصد تلك الهجمات التي يقوم بها عدو الخير بأيماننا بكلمة الله . هذا هو حرزنا الحريز وحصننا المنيع الذي نلجأ اليه ونتأمن به . فحين نؤمن بما يقوله الوحي عن حالة الأموات وأرواحهم لا نحتاج الى من يكشف لنا أسراراً عن طريق الروحانية المزيفة .  
بقلم
وردا أسحاق عيسى
ونزرد – كندا
..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!