آراء متنوعة

مستحقات شعب كوردستان وتعقيدات بغداد: اختبار صبر لم يعد

لا تزال مستحقات شعب كوردستان من الموازنة العامة ورواتب الموظفين تتعرض لتعقيدات متكررة من قبل وزارة المالية الاتحادية أو بعض المسؤولين المعنيين في بغداد، ما يثير تساؤلات جدية حول النوايا السياسية الكامنة خلف هذه الإجراءات، التي باتت تمس حياة المواطنين بشكل مباشر وتثير غضبًا شعبيًا متزايدًا في الإقليم.

في هذا السياق، جاءت تصريحات الرئيس مسعود بارزاني لتضع النقاط على الحروف، مؤكدًا أن الشعب الكوردستاني لم يبدأ نضاله أو ثورته من أجل الرواتب أو المعونات المالية. بل كان الدافع الأساسي للنضال الكوردي هو الكرامة، والحرية، وبناء عراق ديمقراطي، تعددي، وفيدرالي، يضمن حقوق جميع مكوناته، أما اليوم، فإننا نواجه تعقيدات ومماطلات أصبحت تمس جوهر شراكتنا في العراق.”

الشراكة في العراق على المحك

إن الشكوك حول وجود شراكة حقيقية في العراق تتزايد يومًا بعد آخر، لا سيما مع تكرار سياسة التسويف والتعامل الانتقائي مع حقوق الشعب الكوردستاني. فالعراق الذي ضحى الكورد من أجله، وساهموا في إعادة بنائه بعد 2003، بات اليوم يُدار بعقلية تتناقض مع مبادئ الدستور وروح الفيدرالية.

الأمر لم يعد فقط أزمة بين سياسيين، بل أصبح رأيًا عامًا شعبيًا في كوردستان. هناك إحساس عميق لدى المواطنين بأن بغداد تتلاعب بحقوقهم وتجرب صبرهم. وهذا الصبر، كما يراه الكثيرون، على وشك النفاد. وإذا استمرت بغداد بهذا النهج، فإن العراق كما نعرفه اليوم قد لا يبقى على حاله، وقد يُقدم الشعب الكوردستاني على قرارات غير محسوبة بالنسبة للبعض، لكنها مبررة ومفهومة بالنسبة لأبناء الإقليم.

المسؤولية على عاتق ممثلي كوردستان في بغداد

في ظل هذه الظروف، يحق للشعب الكوردستاني أن يوجه سؤاله العلني إلى ممثليه في بغداد، بدءًا من رئيس الجمهورية، ونواب رئيس الوزراء، ونواب البرلمان، مرورًا بالوزراء والنواب الكورد. هل أنتم فعلاً ممثلون لهذا الشعب الذي أرسل بكم إلى بغداد؟

أم أنكم أصبحتم تمثلون مصالحكم الشخصية فقط؟

إن احترام إرادة الشعب الكوردستاني يتطلب موقفًا موحدًا، وقرارًا سياسيًا جريئًا. فإما أن تكونوا صفًا واحدًا في الدفاع عن مصالح العراق وإقليم كوردستان معًا، أو أن تعلنوا انسحابًا سياسيًا شاملًا من هذه العملية السياسية التي تحولت، بنظر العديد من المواطنين، إلى ما يشبه “الخرابة” التي لم تعد تمثل لا الشراكة ولا العدالة.

الكرة في ملعبكم

الرئيس مسعود بارزاني، كمرجعية عليا للشعب الكوردستاني، أطلق تحذيره الأخير، مؤكدًا أن البقاء في بغداد بدون كرامة واحترام لإرادة شعب كوردستان هو إهانة لدماء الشهداء والمؤنفلين، وتجاوز على تضحيات استمرت لعقود.

اليوم، الكرة في ملعب ممثلي الإقليم في بغداد، إما أن تختاروا الوقوف إلى جانب مصالح شعبكم، أو أن تختاروا العيش بينه وتتحملوا مسؤولية الدفاع عنه من الداخل. أما البقاء في مواقعكم دون موقف واضح، فهو خيانة للأمانة، وإهانة للتاريخ.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!