مقالات

مبدعون في الغربة قصة نجاح الدكتور معتز سامي الزهيري – محمد

مبدعون في الغربة
قصة نجاح
الدكتور معتز سامي الزهيري

حاوره: محمـد الكحـط

((هنا يكون الاندماج ضروري جدا، فالعلم لم يعطيك بعضه ان لم تعطيه كلك. وكذلك الظروف، لا تنفع ان لم يكن لديك إصرار تام ورفض الاستسلام.))

هكذا يحكي الدكتور معتز سامي الزهيري، المولود في بغداد ٦/٦/١٩٩٨ والحاصل على لقب أصغر سويدي يحصل على الدكتوراه المزدوجة MD PhD في سن الـ 26، أي حاصل على شهادة الطب ودكتوراه في علوم الطب
– تخصص علوم وجراحة الأعصاب، من المستشفى الأكاديمي في أوبسالا عن أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه بعنوان:
” المؤشرات البايلوجية في الصحة العصبية والنفسية”.
– خريج كلية الطب (Uppsala University) عام 2022
– طبيب مقيم (medical intern) في مستشفى اوبسالا التعليمي (Uppsala University Hospital)
– دكتوراه (PhD) في علوم الاعصاب وجراحة الدماغ عن أطروحته “المؤشرات البيولوجية في الصحة العصبية والنفسية”
Identification of Candidate Biomarkers in Neurological and Psychiatric Health”
– مدرس في كلية الطب جامعة اوبسالا
– محاضر (lecturer) في مجالات مختلفة في المجتمع المدني السويدي
– المؤسس الرئيسي لجمعيتين للطلبة في أوبسالا ضمن مجالي الجراحة والبحوث العلمية:
الجمعية الطلابية للجراحة
Kirurgiska Föreningen Uppsala
الجمعية الطلابية للبحوث العلمية
Studenter i Forskning Uppsala
– شريك بتأسيس جمعيتين أخرى في السويد:
Dandy Neurosurgical Society Sweden
Swedish Young Neuroscientists
– حاصل على لقب طالب العام في جامعة أوبسالا (Uppsala Student of the Year) سنة 2021 كأول عربي يحصل على الجائزة في تاريخ الجامعة
– حاصل على تكريم من ملك السويد Carl XVI Gustaf للقيادة الشابة المبنية على القيم والمبادئ (value-based leadership) سنة 2022.
ليصبح طالب طب متخصص ثم باحثا، وهو اليوم اسما عالمياً، يحاضر في مجال اختصاصه في أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية والجنوبية، ويحضر مختلف المؤتمرات العالمية بالإضافة إلى متابعته للأحداث والأبحاث الطبية.

نشأ وترعرع في مدينة الثورة (الصدر حاليا) ثم انتقل إلى شارع فلسطين في سن العاشرة من عمره. أما والداه فهما من ولادة ميسان من الطائفة الصابئة المندائية، الوالد مهندس مدني اختصاص طرق وجسور ولكن كان يعمل أيضا في مجال الصياغة في شارع النهر، أما الوالدة فقد درست التجارة في الثانوية ولكنها لم تعمل بعد الزواج بل كان تركيزها الأول هو تربية أولادها. في هكذا عائلة بدأ معتز مشواره الأول، حيث أكمل الدراسة الابتدائية في مدرسة في شارع فلسطين وكان من الأوائل على العراق في الامتحانات الوزارية. غادرت العائلة العراق باتجاه سوريا ومكث مدة سنة ووصلت الى السويد سنة ٢٠١١ وكان معتز حينها في الثالثة عشرة من عمره، كانت المسيرة صعبة نظرا للتحديات اللغوية والاجتماعية والثقافية في البلد الجديد، حتى النظام الدراسي كان مختلفا جدا ومتطورا قياسا بالعراق، فشعر بالضعف مع زملائه مقارنة في المستوى الدراسي العالي في السويد مما صعب المسيرة وتطلب منه جهدا كبيرا في البداية.

ويقر بأنه كان واقعا صعبا ومليئا بالتحديات، فالظروف مختلفة تماما، خصوصا الصعوبات مع اللغة السويدية، والمنهاج مختلف تماما في السويد، فتوجب عليه تعويض وإعادة دراسة المناهج الدراسية في السنوات التي لم يدرسها سابقا، فكان في المرحلة الثامنة من المرحلة الأساسية، ويقوم بدراسة المواد التكميلية في أوقات فراغه.

هذه الظروف المغايرة في السويد شكلت له دافعا كبيرا، لكن هنالك مجالات متاحة واعتبرها بمثابة حلم عليه تفعيلها واستغلالها بأفضل الطرق. يقول ((كنت وأنا صغير اسمع بشخص ذهب للخارج لإكمال مسيرته الدراسية، والآن انا أصبحت في الخارج الذي يعتبر حلما للآخرين، فلابد من استغلال ذلك)).

أما الدافع الآخر والمهم جدا ليصر على تميزه والسير على نهج التفوق هو مرض والده في سن مبكرة في العراق حيث كان يعاني من التهاب مزمن في الأمعاء يتطلب منه الرقود في المستشفى بين فترة وأخرى، حيث كان يذهب معه في صغره، هذا ما شجعه وحفزه بأن يصبح طبيبا لمعالجة والده والمرضى الآخرين، رغم أنه بعد فترة قصيرة من وصولهم الى السويد أصيب والده بمرض السرطان وتوفي قبل ٦ أشهر من تخرجه من السادس العلمي، كان ظرفا قاسيا ومريرا للغاية، وكانت الظروف الدراسية صعبة وحاسمة والوضع الأسري مرير جدا، لكن هذا شكل دافعا له لتحقيق حلمه وحلم والده بأن يصبح طبيبا إكراما وتخليدا لذكراه. يقول ((لم يكن في عائلتي طبيب، ما ألهمني لأن اكون طبيبا هو الظرف الصحي المؤسف لوالدي، أشعر اليوم بالفخر والامتنان أمامه وأمام والدتي المناضلة لتحقيق حلمهم وحلمي معًا. لقد كان فضولي الوسيلة الكبرى. قد لا أكون أكثر موهبة من أي شخص آخر، ولكنني أعمل بجد ودائما ما أكون حريصا على التعلم والتقدم. وها أنا هنا)).
لذا في المرحلة اللاحقة كان لوالدته دور عظيم لوصوله الى تحقيق تفوق جديد، حيث حملت دور الأم والأب معا، حملت راية والده من بعده وسخرت حياتها من أجل العائلة وفعلت وما زالت تفعل كل ما بوسعها من أجل إسعادهم.

من الجميل ان السويد غنية بالفرص ولكن على الشخص إيجاد البحث عن تلك الفرص وتفعيلها بالشكل الصحيح، فتقريبا كل شيء متاح، لكن يتطلب العمل الجاد وبذل الجهد الكافي، ولربما يكون الجهد مضاعف نظراً لتحديات الغربة واختلاف اللغة والثقافة.
ويقول ((هنا يكون الاندماج ضروري جدا، فالعلم لم يعطيك بعضه ان لم تعطيه كلك. وكذلك الظروف، لا تنفع ان لم يكن لديك إصرار تام ورفض الاستسلام.))

وعن شعوره بلقائه مع ملك السويد وهو يكرمه يعترف بأنه ((شعور ملئ بالفخر والأمتنان، شهادة وأعتراف بالعمل الجاد لسنين متتالية، كان دافعا كبيرا لي نحو الامام ولتقديم ما هو أفضل.))

سألناه، ما الرابط بين التخصصين العلميين وما هو الطموح الذي تسعى اليه…؟
أجاب، كان هدفي ان أصبح جراح دماغ وان أكون ماهرا في الطب السريري وفي نفس الوقت مواصلة البحوث العلمية والمساهمة في تطوير المعرفة في علوم الأعصاب، فكان الحصول على الدكتوراه هي الخطوة الأولى في التسلق نحو الأعلى وأطمح بأن أكون بروفيسورا قبل الأربعين عاما. كما لدي مهام تدريسية في كلية الطب لنشر معرفتي والمساهمة في نشء جيل قادم من الأطباء والباحثين، انشاء لله أن أكون متألقا كجراح وباحث وأستاذ جامعي. كما أطمح دائما للعمل الاجتماعي والخيري ومساعدة الآخرين، قمت خلال الدراسة الجامعية من تأسيس جمعيتين للطلبة المهتمين في المجال الجراحي والعلمي، وما تزال لدي فعاليات ونشاطات في العمل التطوعي وأنا حاليا رئيس جمعية علوم الأعصاب للشباب Swedish Young Neuroscientists، كان طموحي الوصول إلى جامعة هارفارد Harvard Medical School في بوسطن المصنفة الأولى عالميا في الطب وحصلت على ذلك، وعملت في مستشفى NYU Langone Health، أحد المستشفيات الرائدة عالميًا في جراحة الدماغ والأعصاب.

– هل تفكر بالتواصل مع العلماء العراقيين في الوطن

بالتأكيد وأعتز وأتشرف بذلك، أود من خلال هذه المقابلة التعرف على شخصيات وعلماء من وطننا الحبيب وأطمح للتعلم والاستفادة من الخبرات وتبادل المعرفة بيننا، هدفي مشاركة خبراتي الحالية والمستقبلية لتطوير الواقع الطبي في بلدي.

هذا أبن الرافدين البار أبدع ووفى ومازال يواصل المسيرة ولم ينسى بلده العراق، نتمنى له تحقيق المزيد من الانجازات لخدمة الإنسانية والتألق الجميل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!