مقالات دينية

لاهوت التجسد وعلاقة المؤمن باللاهوت والبنوة

الكاتب: وردااسحاق
لاهوت التجسد وعلاقة المؤمن باللاهوت والبنوة

خطأ الأنسان الى الله بسبب تمرده على وصية الخالق فتعرض الى موت أبدي . وحسب تحذير الله له في ( تك 17:2 ) .
مات الأنسان في الخطيئة ، وأجرة الخطيئة هي الموت ، والسبب لأن الأنسان لا يمتلك ما يدفعه عن خطيئته لكي يرضي به عدل الله . فظل عاجزاً وكان موته محتوماً . لكن الله المحب أظهر محبته له منذ البدء ، فخلقه على صورته ومثاله وباركه ، وفضّله على كل الكائنات المخلوقة ، بل سلّطه على الأرض كلها . لهذا قال لآبائنا في العهد القديم ( محبةً أبدية أحببتك .. نقشتك على كفي ) وأظهرتلك المحبة في رعاية الأنسان حتى بعد السقوط فأرسل له أنبياء ، ورعاة ، وقضاة ، وناموس لكي يكون له عوناً ورجاء في الخلاص . فعاش الأنسان في رجاء بسبب ثقته بأقوال الله . لكن هذا لا يكفي بدون دفع ثمن الخطية المرتكبة . رغم قيام الأنسان بتقديم ذبائح حيوانية الى الله من أجل مغفرة خطيته لكن كل تلك الذبائح لن ترضي الله ، وكذلك لم يسمح الله لأبراهيم أن يذبح أبنه أسحق لأن دم الأنسان الخاطىء لا يوازي مقام الله وعدله ولا الملائكة يمتلكون شىء ولا رئيس الملائكة ولا دماء الأنبياء التي سفكت أئتمنها الله . فكان موضوع التجسد هو الهدف الوحيد من تتميم العدل الألهي ودفع الثمن . لهذا أختار الله أبنه الوحيد لهذا الهدف ، وحدد زمناً لكي يرسله فيتجسد فيعلم الأنسان ناموساً جديداً ويدخل البشرية في عهد جديد ومن ثم يقوم بدفع ثمن كل الخطايا المرتكبة فتحدث المصالحة ، فغاية التجسد إذاً كانت الفداء والكفارة على خشبة الصليب . عندما جاء ملء الزمان أرسل الله أبنه الوحيد فولد من أمرأة ودخل في الزمن ، مولوداً تحت الناموس ليفدي الذين تحت الناموس ( غل 4: 4-5 ) فهدف التجسد والفداء كان لكي لا يهلك كل من يؤمن بالمتجسد المصلوب ، بل تكون له الحياة الأبدية ( يو 16:3 ) لأن الله أرسل أبنه كفارة لخطايانا ( 1يو 10:4 ) . وسبب أرسال الله وحيده القدوس هو لمحبته اللامتناهية لبني البشر ومن أجل خلاصهم . فهدف التجسد لم يكن لتبني الأنسان بل لخلاصه ، لأن التبني كان موجوداً في العهد القديم ، فالرسول بولس قال عن يهود العهد القديم ( أن لهم التبني والمجد والعهود والأشتراع ) ” رو 4:9 ” . أما أشعياء النبي فكتب قائلا ( والآن يا رب ، أنت أبونا ) ” أش 8:64 ” أي أن الله منذ البدء أعتبرنا أبناء له فقيل عن آدم أنه أبن الله ” لو 38:3 ” .
تجسد يسوع في أحشاء مريم العذراء الطوباوية واتخذ منها جسداً بشرياً فاتحد لاهوته بناسوتنا . الرأس هو اللاهوت والجسد هو الكنيسة المقدسة . فالكنيسة هي امتداد للجسد الألهي المتجسد ، وأسرارها المقدسة هي أمتداد لسر التجسد الألهي الفائق الوصف ، هكذا يستمر التجسد وتمتد العلاقة فيسوع يتجسد في الخبز والخمرفيحولهما الى جسده ودمه المباركان في سر عظيم يدخل فيه المؤمن المتناول لكي يتحد جسده بجسد الرب المبارك . الكنيسة لوحدها لا تتحد باللاهوت بدون الرأس . تظهر الكنيسة بأنها قائمة أساساً على مشاركة الطبيعة الألهية بواسطة الروح القدس الماكث معها . لذلك تظهر في عمق كيانها أنها وحدة بين اللاهوت والناسوت بواسطة الروح القدس ، كأمتداد الوحدة الأقنومية التي تمت في المسيح . أي هناك نوع من التساوي بين المسيح والبشر أعضاء الكنيسة ! في الوحدة بين اللاهوت والناسوت ، لهذا استعاد الأنسان صورة الله ومثاله ، لكنه لم يصبح شريكاً له في الطبيعة الألهية ، وإلا ما كان ممكناً أن يسقط في الخطيئة . تجسد المسيح يشمل البشرية كلها ، لأنه ولد من العذراء مريم وهي تمثل حواء الأولى أي أم لكل البشر . جسد المسيح المقدس ممتد لا حدود له لأنه الله فيشمل البشرية كلها بالتبني . فبنوة المسيح للآب هي بنوة طبيعية من جوهره ولاهوته قبل كل الدهور لا يمكن أن يرتقي اليها أحداً من البشر . لذلك سمي ب ( الأبن الوحيد ) ” يو 18:1 ” و ” يو 16:3 ” . فكيف رفع البشرية الى بنوته لكي تقول ( أبانا ) ؟ رفعها بالتبني ، أي نحن أولاد الله بالأيمان كما كان أبينا أبراهيم هكذا نحن ” يو 12:1 ” . تقول الآية ( وأما الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله ) لهذا قال الرسول ( انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعو أولاد الله ) ” 1يو 1:3 ” .
ختاماً نقول : المسيح بتجسده أخذ ناسوتنا وصار أنساناً مثلنا خلا الخطيئة . ونحن أخذنا لاهوته لكننا لن نصبح آلهة . أنه متحد مع الكنيسة لكي تكتسب منه الكثيير فتصبح جسداً له وهو رأسها . المؤمنين في الكنيسة لم يتألهوا ، بل صاروا أبناء الله .
في بيت لحم تم أتحاد الطبيعة الألهية بالبشرية في شخص المسيح . وغاية التجسد الألهي قد بلغت ذروتها في يوم الخمسين فولدت الكنيسة المقدسة وتجسد فيها الروح القدس لكي تصبح عروس المسيح . للكنيسة طبيعةً أنسانية متحدة بالرأس الذي له طبيعة لاهوتية . فكل المؤمنين المنتمين الى الكنيسة لديهم طبيعة أنسانية متحدة بطبيعة لاهوتية لكن المسيح لم يحل بملء لاهوته في الأنسان ، والأنسان المتحد بطبيعة الله لا تعني أنه أصبح كالله لا يخطأ ، ومن يعتقد ذلك فأنه يضل وليس الحق فيه ” طالع الآية 1 يو 8:1 ” كما لم نمتلىء بكل معرفة المسيح والآب ، لهذا قال يسوع لتلاميذه ( ليس لكم أن تعرفوا الأزمنة والأوقات التي حددها الآب بسلطته ) ” أع 7:1 ” فلمن منا معرفة أكثر من الرسل الأطهار ؟ المهم في الأنسان أن يعرف بأن الله هو الإله الحقيقي كما قال الرب يسوع في صلاته قبل الذهاب الى جثسيماني ، قال ( هذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ) ” يو 3:17 ” .
صرنا نحن المؤمنين أبناء لله ، لكن ليس في درجة بنوة المسيح ، فعليهم أن يتضعوا ويتكلوا على رأس كنيستهم وهو يقودهم الى الحياة الأبدية .
ليتمجد أسم المسيح المتجسد .
بقلم
وردا أسحاق عيسى
وندزر – كندا
 ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!