آراء متنوعة

في اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب: السياسات

رياض هاني بهار

يوم غدا المصادف السادس والعشرين من حزيران من كل عام يحيي العالم اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب في رسالة إنسانية وأخلاقية تؤكد أن الكرامة لا تُنتزع بالقوه وأن العدالة لا تُبنى على الألم.

وفي العراق حيث لا تزال الذاكرة الوطنية مثقلة بإرث من العن*ف والانتهاكات تبرز الحاجة الملحة إلى مراجعة شاملة للسياسات الأمنية بما يضمن ألا يتحول الأمن إلى ذريعة لانتهاك الإنسان.
إرث ثقيل وتحديات متراكمة خلال العقود الماضية تعرض العديد من العراقيين لممارسات عنيفة في السجون ومراكز التحقيق بعضها موثق وبعضها لا يزال في طي الكتمان.

ورغم التحولات السياسية والدستورية بقيت هناك فجوة بين النصوص القانونية والممارسات الميداني خاصة في ما يتعلق بآليات التحقيق وضمانات حقوق الموقوفين وغياب الرقابة المستقلة على أماكن التوقيف الاحتياطي والموسسات الاصلاحية.

التعذيب كأداة فاشلة للأمن التعذيب ليس فقط ج#ريم*ة أخلاقية وقانونية بل هو أيضًا أداة غير فعالة استخباريًا، فقد أثبتت التجارب أن الاعترافات المنتزعة بالإكراه غالبًا ما تكون مضللة، وتُفقد الأجهزة الأمنية قدرتها على بناء ملفات قضائية متماسكة، والأسوأ من ذلك أنها تقوّض ثقة المواطن بمؤسسات الدولة وتخلق بيئة خصبة للكراهية والانقسام.

الحاجة إلى إصلاح أمني شامل لكي تستعيد الاجهزه الأمنية في العراق ثقة الشارع فإن الإصلاح لا يجب أن يقتصر على تطوير المعدات والأنظمة، بل يجب أن يشمل:

تحديث آليات التحقيق والتحقيقات الجنائية بعيداً عن الاعتراف كدليل وحيد.
تدريب العناصر الأمنية على حقوق الإنسان وقوانين المعاملة الإنسانية.
إنشاء وحدات مستقلة لمراقبة الموسسات الاصلاحية واماكن التوقيف الاحتياطي.
ترسيخ مبدأ المحاسبة القانونية لأي تجاوز مهما كانت رتبته.

منطق الدولة لا منطق الانتقام إن إحياء هذا اليوم في العراق يجب ألا يقتصر على إصدار البيانات بل يجب أن يتحول إلى محطة تقييم صريحة للسياسات الأمنية، ومحفز لتأسيس عقل أمني جديد، يرى في العدالة عنصر قوة لا ضعف، ويؤمن بأن محاربة الج#ريم*ة لا تعني سحق حقوق الإنسان بل تتطلب توازنًا دقيقًا بين الفاعلية الأمنية والالتزام القانوني.

الخلاصة

الكرامة ليست خيارًا إنها حق والأمن الذي لا يحترم الإنسان فهو أمن هش قابل للانهيار عند أول اهتزاز سياسي أو اجتماعي فلنجعل من هذا اليوم الدولي منطلقًا حقيقيًا لبناء منظومة أمنية عراقية، تنطلق من قيم المواطنة وتحترم الدستور وتُحاكم من يعذّب لا من يُعذّب.

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!