مقالات

عندما يحتج السفّاح على صوت الضحية- الانسحاب من عضوية مجلس

– في عالم تتآكل فيه فكرة العدالة تحت وطأة الحسابات السياسية، وتتحول فيه حقوق الإنسان إلى رفاه لغوي أكثر منها التزامًا قانونيًا، جاءت صفعة نيكاراغوا لمنظومة الأمم المتحدة أشد إيلامًا مما تصوّره كثيرون. ففي نهاية فبراير 2025، أعلنت حكومة دانييل أورتيغا انسحابها رسميًا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بعد تقريرٍ أممي وُصف بأنه بمثابة لائحة اتهام ثقيلة توثّق انتهاكات ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية. ومنذ تلك اللحظة، لم تعد نيكاراغوا مجرّد دولة منتهكة لحقوق الإنسان، بل أصبحت نموذجًا علنيًا للدولة التي تقرّر عن سبق إصرار وترصّد الانفصال عن النظام الأخلاقي والقانوني الدولي.
– الانسحاب لم يكن ردًا فنيًا أو تحفظًا على فقرة في تقرير، بل كان تمردًا صريحًا على المنظومة الحقوقية برمتها. خطاب الحكومة النيكاراغوية أظهر بوضوح نواياها؛ استخدمت مصطلحات مثل “الكذب” و“التشهير” و“التحامل السياسي” و“الكرامة السيادية”، لتقول للعالم: لم نعد نقبل منكم حتى أن تسألونا. لكن السؤال الذي يجب أن يُطرح هنا ليس لماذا انسحبت نيكاراغوا، بل لماذا شعرت أنه بإمكانها أن تفعل ذلك دون تبعات؟ ولماذا أصبح الخروج من مجلس حقوق الإنسان خطوة ممكنة لدولة تواجه اتهامات بحجم المأساة التي تعيشها نيكاراغوا منذ عام 2018؟
– منذ اندلاع الاحتجاجات في نيسان/أبريل 2018، تعاملت حكومة أورتيغا مع مطالب الشعب بالحديد والنار. كانت الاحتجاجات سلمية، تطالب بإصلاحات اقتصادية واجتماعية، لكن الرد كان همجيًا وغير متناسب؛ أكثر من 320 قتيلًا، آلاف الجرحى، اعتقالات جماعية، تعذيب ممنهج، اختفاءات قسرية، إغلاق أكثر من 5000 منظمة مجتمع مدني، تهجير إعلاميين، ونزع جنسيات عن المعارضين، بما فيهم قساوسة وأكاديميون ومحامون. تحولت نيكاراغوا إلى دولة بوليسية مكتملة الأركان، يحكمها رجل وامرأة يتقاسمان بينهما السلطة والاحتكار والرقابة والتأليه.
– ومع كل ذلك، بقيت الأمم المتحدة تصدر بيانات وتحذيرات وتقارير، بينما الواقع يتدهور. حين أصدرت مجموعة الخبراء تقريرها الشامل في أوائل 2025، لم يكن مفاجئًا أن تصفه حكومة ماناغوا بأنه “عمل عدائي”، لكنه كان صادمًا أن تختار الرد بالانسحاب لا الدفاع أو الإصلاح. فهذا القرار تجاوز كونه احتجاجًا على مضمون تقرير، ليصبح تحديًا للمنظومة القانونية الدولية بأكملها، وتكريسًا لنهج الإفلات من العقاب.
– وما يعمّق من خطورة هذا القرار أن نيكاراغوا لم تكتف بالانسحاب من مجلس حقوق الإنسان، بل سحبت عضويتها أيضًا من منظمات دولية أخرى مثل منظمة الأغذية والزراعة (FAO)، منظمة العمل الدولية (ILO)، والمنظمة الدولية للهجرة (IOM). المشهد بدا وكأن الدولة تعلن خلعها للثوب الدولي، واختيارها العزلة كأداة حكم، والانغلاق كسياسة بقاء. في لحظة كهذه، لم يعد بالإمكان الحديث عن “شراكة دولية” أو “التزام تعاقدي”، بل عن تمرد على القانون ذاته.
– الواقع أن الانسحاب من مجلس حقوق الإنسان ليس مجرد إجراء بيروقراطي، بل خطوة سياسية ذات أبعاد رمزية ومادية. فالعضوية في المجلس ليست رفاهًا سياسيًا، بل التزام بمبدأ الرقابة والشفافية والتعاون مع آليات الرصد الدولية، وعلى رأسها آلية الاستعراض الدوري الشامل (UPR). والانسحاب يعني تعطيل هذه الآلية، وهو ما فعلته نيكاراغوا فعليًا، إذ لم تقدم تقريرها الدوري، ولم تحضر الجلسة المقررة في مارس 2025. ومن ثمّ، تأجل اعتماد تقريرها، وباتت البلاد في خانة “الفراغ التعاوني”، وهو المصطلح الذي تستخدمه الأمم المتحدة لتوصيف الدول التي تتوقف عن الاستجابة لأي شكل من أشكال الرقابة.
– هذا الانقطاع عن المنظومة الحقوقية يفتح الباب أمام أسئلة مرعبة حول مصير الضحايا في الداخل. فبغياب أدوات الرصد، تُترك المجتمعات لقدرها، وتُغلق النوافذ أمام مناشدات التغيير. في ظل نظام يمسك بكل مفاصل السلطة – من القضاء إلى الأمن إلى الإعلام – يصبح غياب الرقابة الدولية بمثابة تصريح مفتوح للاعتقال، للتعذيب، للمحو.
– والأخطر أن نيكاراغوا ليست حالة استثنائية بالكامل. فالعالم شهد من قبل انسحاب الولايات المتحدة من مجلس حقوق الإنسان عام 2018 احتجاجًا على ما اعتبرته “تحيزًا ضد إس*رائي*ل”، قبل أن تعود إلى عضويتها في 2021. كما عُلّقت عضوية ليبيا في عام 2011 إثر القمع الدموي الذي مارسه نظام القذافي ضد المتظاهرين. وعلّقت الجمعية العامة عضوية روسيا في أبريل 2022 بعد غزوها لأوكرانيا وارتكابها انتهاكات جسيمة موثقة ضد المدنيين. لكن حالة نيكاراغوا تختلف، لأنها تمثل نموذجًا للدولة التي تتخلى طوعًا عن الالتزام الحقوقي وتتباهى بذلك، دون أن تكون هناك كلفة سياسية تذكر.
– وإذا كان انسحاب نيكاراغوا يمثل موقفًا استثنائيًا من حيث توقيته وحدته، فإن خطورته تنبع من كونه تعبيرًا صريحًا عن اتجاه آخذ في التبلور لدى عدد من الأنظمة الاستبدادية التي بدأت تتعامل مع مبادئ حقوق الإنسان لا كمرجعية قانونية ملزمة، بل كحالة من “الإزعاج الأخلاقي” الواجب التخلص منه. لقد تحوّلت هذه المبادئ، التي تأسس عليها النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية، إلى ما يشبه العقد غير المكتوب بين الشعوب والمجتمع الدولي. فإذا انفرط هذا العقد، وإذا أصبحت الدول قادرة على مغادرة ساحة المساءلة من دون أن تُكلف نفسها حتى عناء التبرير القانوني، فإننا نكون قد دخلنا عهدًا جديدًا تذوب فيه الحدود بين الداخل والخارج، ويعلو فيه منطق “أنا أق*ت*ل، وأنتم لا تتدخلوا”.
– الأدهى من ذلك أن الانسحاب تم تقديمه من قبل الحكومة النيكاراغوية كفعل سيادي نبيل، وكأن المذنب يعلن انقلابه على قضاءٍ غير عادل. وفي هذا الخطاب تتجلى مفارقة شديدة الخطورة: استخدام مفردات الكرامة والسيادة الوطنية لتبرير الانتهاك الداخلي، وشيطنة القانون الدولي ووسائل الرقابة على أنها أدوات استعمارية جديدة. إنه خطاب يُعيد تكرار نظريات المؤامرة التي طالما استخدمتها الأنظمة القمعية لتجريد شعوبها من شرعية المطالبة بالحقوق. وهنا تتجلى المأساة على نحو مركّب: ليس فقط أن النظام لا يعترف بجرائمه، بل إنه يعيد تعريف الج#ريم*ة كمؤامرة أجنبية، ويقدّم القمع كأداة دفاع وطني.
– وفي المقابل، فإن رد فعل المجتمع الدولي بقي في إطار البيانات الرسمية والقلق الدبلوماسي والتعبيرات النمطية عن “الأسف العميق”. وهذا النمط في الاستجابة لم يعد مقنعًا، بل صار جزءًا من المشكلة. لأنه في الوقت الذي تسير فيه الأنظمة المستبدة بسرعة مذهلة نحو تفكيك أي التزام بمنظومة حقوق الإنسان، لا يزال المجتمع الدولي يتصرف كما لو أن شيئًا لم يتغير. الإدانة وحدها لم تعد كافية، خاصة حين يصاحبها عجزٌ تام عن اتخاذ تدابير ملموسة من شأنها أن تعيد رسم حدود المساءلة.
– ولذلك فإن السؤال الأهم لا يتعلق بما فعلته نيكاراغوا، بل بما لم يفعله العالم. أين كانت الضغوط الدبلوماسية الجماعية؟ أين كانت الدعوة إلى جلسة خاصة في الجمعية العامة للأمم المتحدة؟ أين كان التهديد بفرض عقوبات فردية على المتورطين؟ أين كان التنسيق الإقليمي على مستوى دول أمريكا اللاتينية؟ الغائب الأكبر عن هذا المشهد كان الفعل، أما الحضور فكان للبيانات والتقارير التي تُقرأ ثم تُنسى.
– ومن هنا تبدأ مسؤولية جديدة تقع على عاتق الشعوب الحرة، والمنظمات غير الحكومية، والضمير الحقوقي العالمي. لأن الانسحاب من مجلس حقوق الإنسان لا يعني فقط مغادرة قاعة الاجتماعات في جنيف، بل يعني خنق أصوات الضحايا الذين كانوا يعتمدون على تلك المنصة كي يُسمِعوا العالم صوتهم. لقد فقدوا آخر منفذٍ للعدالة، ليس بسبب صلف النظام فحسب، بل بسبب ضعف أدوات الضغط الدولية. لم يعد لديهم محكمة يخاطبونها، ولا مقرر خاص يزورهم، ولا جلسة دورية تُناقش قضيتهم. والأنظمة تعرف ذلك، بل تراهن عليه.
– وإذا كان هذا الانسحاب يفتح شهية أنظمة أخرى لنهج الانكفاء، فإننا نكون أمام ظاهرة يجب توصيفها سياسيًا وأخلاقيًا باعتبارها “أزمة في شرعية النظام الدولي لحقوق الإنسان”. أزمة لا تتعلق فقط بفعالية المجلس أو بنيته، بل بشرعية الفكرة ذاتها. فالحق في الحياة، في السلامة الجسدية، في التعبير، في الكرامة، كلها لم تعد تُعامل على أنها التزامات، بل مطالب تعجيزية تُفصّل بحسب هوى النظام الحاكم.
– بعض الدول، مثل إيران وميانمار، لم تنسحب رسميًا من مجلس حقوق الإنسان، لكنها تتعامل مع آلياته كما لو أنها غير موجودة. ترفض استقبال المقررين الخاصين، تتجاهل التوصيات، تُصعّد من القمع حين تُصدر التقارير، وتتعامل مع الأمم المتحدة باعتبارها خصمًا لا شريكًا. وهذه الظاهرة تستمد جزءًا من مشروعيتها من أمثلة مثل نيكاراغوا، التي لم يُلحق بها أي ضرر حقيقي نتيجة انسحابها. وبالتالي فإن الصمت الدولي لا يشجع فقط على الإفلات من العقاب، بل يُحوّل فكرة حقوق الإنسان من مبدأ عالمي إلى خيار سياسي يخضع للتفاوض.
– وسط هذا السياق، يبدو مجلس حقوق الإنسان كمنصة تُقاتل للحفاظ على شرعيتها، بينما تُدار جلساتها أحيانًا من قبل ممثلي أنظمة هي ذاتها منتهكة. وهنا تظهر المعضلة الأعمق: كيف يُمكن لمجلس أن يُصدر إدانات وهو عاجز عن مراجعة تركيبته؟ كيف يُمكن لمنظمة أن تدعو للعدالة بينما تستقبل بين صفوفها ممثلين عن الجلاد؟ هذا الخلل البنيوي لا يُغتفر، وهو ما يجعل خطاب “ازدواجية المعايير” أكثر تأثيرًا حين يستخدمه الطغاة كمبرر للانسحاب.
– ومع ذلك، فإن من الخطأ أن نستسلم لهذا الواقع. فحقوق الإنسان، وإن فقدت أحيانًا أدواتها المؤسساتية، تبقى قوة أخلاقية هائلة، وذاكرة جماعية للشعوب، ومحكمة رمزية للضمير البشري. وكل انتهاك يُوثق، وكل صمت يُسجل، وكل انسحاب يُؤرشف. وفي نهاية المطاف، فإن الأنظمة التي تختار أن تعيش خارج القانون الدولي، إنما تُقصي نفسها من التاريخ.
– في نيكاراغوا، لا يحتاج الناس فقط إلى بيانات تضامن، بل إلى قنوات حقيقية للرصد والحماية. يحتاجون إلى منظومة قادرة على الردع، لا فقط على التوثيق. وفي غياب المجلس، فإن المجتمع المدني المستقل – داخل البلاد وخارجها – يصبح الجبهة الأمامية لحماية الحقيقة، وفضح الانتهاكات، ومحاسبة الجناة عبر وسائل بديلة: الإعلام، الضغط الدولي، التحركات القضائية العابرة للحدود.
– إن هذه المعركة ليست فقط عن نيكاراغوا. إنها اختبارٌ للعالم بأسره: هل سنسمح بتكريس منطق الخروج من النظام الدولي حين لا يروق للحاكم؟ أم سندافع عن فكرة أن الانضمام للمنظومة الحقوقية ليس امتيازًا بل واجبًا؟ الجواب سيحدد مستقبل العدالة العالمية.
– في قلب كل هذا المشهد الملبّد بالخذلان، يبقى السؤال الجوهري: كيف نحصّن منظومة حقوق الإنسان ضد موجات الانسحاب والتهرّب؟ وهل ما زال هناك أمل في أن تستعيد هذه المنظومة قدرتها على الردع والمساءلة؟ إن الخطورة في حالة نيكاراغوا لا تكمن فقط في فعل الانسحاب، بل في الرسالة التي تحملها إلى العالم: أن بالإمكان الإفلات من كل محاسبة دولية، ليس عبر الإنكار، بل عبر مغادرة طاولة العدالة برأس مرفوع.
– لكن لا يمكن معالجة هذه الأزمة إلا بمراجعة صريحة لبنية مجلس حقوق الإنسان وآلياته. لقد آن الأوان لأن يتوقف العالم عن المجاملة الشكلية في اختيار الأعضاء، وأن تُوضع معايير صارمة تحظر وصول الدول المنتهكة إلى مقاعد القرار الحقوقي. ليس من المعقول أن تُتاح لأنظمة تقمع شعوبها منصةً لتلميع الذات أو لتصفية الحسابات مع خصومها. كما أن آليات المجلس تحتاج إلى تطوير يضمن ألا يكون مجرد هيئة لإصدار التقارير، بل منصة تُلزم الدول – بالضغط أو بالعقوبات – على احترام التزاماتها.
– إن تجربة مجلس الأمن الدولي في فرض العقوبات، رغم كل انتقاداته، تُظهر أن الأمم المتحدة قادرة على فرض كلفة سياسية حقيقية على الدول حين توجد الإرادة. وإذا تعذّر اتخاذ قرار من داخل المجلس، فإن الجمعية العامة تبقى بديلًا سياسيًا مهمًا، خصوصًا في ضوء بند “الاتحاد من أجل السلام” الذي يسمح باتخاذ إجراءات في حالات العجز. الصمت أمام انسحاب نيكاراغوا ليس فقط تساهلًا، بل تخاذلًا أخلاقيًا.
– وبالموازاة مع ذلك، يجب أن يكون هناك استثمار أكبر في دعم المجتمع المدني المستقل داخل الدول المنسحبة. حين تُغلق الأبواب الرسمية، تُصبح منظمات الداخل، والمهاجرون، والمنفيون، والمدافعون عن حقوق الإنسان هم رأس الحربة في المعركة. هؤلاء بحاجة إلى حماية دولية فعلية، من خلال تسهيل إجراءات اللجوء السياسي، وتوفير الدعم القانوني والإعلامي، وتمويل مشاريع التوثيق والمراقبة. لأن الحقيقة، في النهاية، لا تموت بالانسحاب من مجلس، بل بالسكوت على من يق*ت*لها كل يوم.
– لقد كشفت نيكاراغوا، دون أن تقصد، عن هشاشة التوازن القائم بين السيادة الوطنية والالتزام الدولي. وبيّنت كيف أن استغلال مفهوم “عدم التدخل” يمكن أن يتحوّل إلى ذريعة لإبادة حقوقية شاملة، تُمارَس باسم الاستقلال وتُبرَّر باسم الكرامة. وهنا يجب إعادة التأكيد على أن السيادة الحقيقية لا تُقاس بقدرة الدولة على الهرب من المراقبة، بل بمدى احترامها لحقوق مواطنيها. السيادة ليست امتلاك أدوات القمع، بل الالتزام بأخلاقيات الحكم العادل.
– انسحاب نيكاراغوا لا ينبغي أن يُؤخذ كواقعة معزولة. إنه جزء من سلسلة تتسارع في عالم اليوم، حيث باتت بعض الدول تستلهم من بعضها طرق التنصّل من القانون الدولي، وتُصاغ “سوابق” للتهرب بغطاء شرعي شكلي. وإن لم تتم مواجهة هذا الانزلاق، فسنجد أنفسنا أمام عالم تُصبح فيه فكرة حقوق الإنسان مجرد إعلان جميل في متاحف الأمم المتحدة، بينما تمارس معظم الأنظمة نقيضه في الواقع.
– إن المجتمعات الديمقراطية، والمنظمات الحقوقية، والمؤسسات الأكاديمية، مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى باستعادة زمام المبادرة. لا يجب أن يُترك الدفاع عن الكرامة الإنسانية رهينًا لحسابات الدول وموازنات المصالح. بل يجب أن يكون مشروعًا أخلاقيًا جماعيًا، يعيد الاعتبار لما هو عالمي في مواجهة ما هو سلطوي، ويؤسس لتحالف جديد بين الضحايا والناجين والمدافعين عن الحقيقة.
– أما نيكاراغوا، فهي اليوم ليست مجرد دولة انسحبت من مجلس حقوق الإنسان، بل أصبحت عنوانًا لوهم السيادة حين تتحول إلى قناع لإخفاء الج#ريم*ة. كل شهيد قُتل في احتجاج، كل صحفي نُفي، كل امرأة عُذبت، كل طالب فُصل، كل قسيس سُحبت جنسيته، يشهد بأن هذا الانسحاب لم يكن موقفًا قانونيًا، بل ج#ريم*ة إضافية ضد الضحايا.
– الردّ على هذا الانسحاب لا يكون برفع الحواجب، بل برفع الصوت. لا يُقابَل بالصمت، بل بمزيد من التوثيق والمحاسبة. لا يُعالج عبر بيانات “الأسف”، بل عبر سياسات جديدة تُعيد لمنظومة حقوق الإنسان قوتها، وللضحايا منصاتهم، وللجناة ما يستحقونه من عواقب.
– وفي النهاية، فإن الدول قد تنسحب من مجلس، لكن لا أحد ينسحب من وجه العدالة. فهذه ليست قاعة تُغلق، بل سجلٌّ يبقى، وضميرٌ يُحاكم، وذاكرة لا تموت.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!