مقالات

هنا الوردة ؛ امجد ناصر – مهند طلال الاخرس

هنا الوردة رواية لأمجد ناصر. تقع على متن 222 صفحة من القطع المتوسط ، والرواية صدرت لأوّل مرة عام 2016 عن دار الآداب للنشر والتوزيع في بيروت. ودخلت في القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية لعام 2018، المعروفة باسم «جائزة بوكر العربية».

يروي الكاتب الأردني «أمجد ناصر» في هذه الرواية حكاية «يونس الخطّاط»، سليل العائلة البرجوازية القريبة من نظام الحكم ، لابل هي احد دعائم نشأت النظام الحاكم منذ التاسيس.

يونس الخطاط السياسي والمثقف والاديب شخصية مثيرة للإعجاب: فهو مزيج من العاشق والمتمرد والمغامر والحالم الذي يمشي إلى هدفه الكبير، المتمثل في الحرية والعدالة الاجتماعية، فينتسب لتنظيم محظور ويخوض تجارب جمة ويلتقي بقائد التنظيم [الامين العام] في مهمة سرية حاملا رسالة له من التنظيم المطارد، ويعود بعد لقاءه مع الامين العام حاملا رسالة اخرى..وحول شخصية يونس الخطاط والحامية التي يعيش فيها [البلد الوليد الناشيء على اطراف الصحراء بعد انهيار الامبراطورية] ويحكمها الحفيد.

تدور الاحداث وتتوالد وتنسج الحكايات؛ فيونس هو بطل الرواية ومن حوله تدور الدوائر والاحداث..
يخطط التنظيم لاغتيال الحاكم الطاغية الفاسد والذي يبيع مقدرات البلد ومؤسساته ومستشفياته …
يقع الاختيار على مجموعة من اعضاء التنظيم بما فيهم يونس الخطاط، وتفشل المحاولة التي اسفرت عن اصابة الحاكم بكتفه وملاحقة اعضاء التنظيم ومطاردتهم حتى تمكنهم من الهروب والتسلل عبر الحدود الى خارج البلد ص 217 ولغاية ص 222 وهذه الصفحات هي الاكثر وجعا ومراجعة للنفس والذات.

الرواية فيها ما يمكن ان نعتبره اشارات عالية الرمز والدلالة، وكتبت من واقع واحداث متخيلة وقد تنطبق كثير من وقائعها على احداث ووقائع شخصيات ماضوية، وفي نفس الوقت فهي تحمل رؤية وبعدا مستقبليا وهذا ما يمنح الرواية بعدا اخر بانفتاح احداثها على عوالم مستقبلية، فالرواية فيها الكثير من الافق الرحب، لكن الاهم ان فيها كثيرا من التجارب الذاتية للمؤلف ولجيله الحالم بغد ومستقبل افضل …

أجمل ما في الرواية أن احداثها ووقائعها برمزيتها العالية يمكن أن تنطلي على كل الدول العربية البائسة بلا إستثناء..في تعبير حي عن قسوة الظروف التي يمر بها الانسان العربي في مواجهة انظمته المتسلطة والدكتاتورية ذات الاسر اللقيطة المتوالدة من رحم الاستعمار ومن بين ظهرانيه وجنباته …

واسوأ ما في الرواية خلوها من الحبكة وهنا الطامة الكبرى في الرواية، فرغم جهد الكاتب القائم على فكرة التنظير للثورة والتبشير بها وقيامه بتجميع الكثير من الأفكار(سياسية، دينية، اجتماعية، ثقافية، يسارية، ثورية، عائلية، تاريخية،…) الا انه اخفق في الحبكة والحياكة مما كان له الاثر الاكبر من الملل والضجر الذي اعتلى صفحات الرواية.

وما ينطبق على الحبكة يمتد اثره ليسري على عنوان الرواية؛ فلم يشكل العنوان مدخلا او عتبة الولوج للنص؛ هذا طبعا ان تجنبنا الفزلكات ومحاولات لي الحقائق وتطويعها بغية التبرير للكاتب؛ فمثلا يمكننا التبرير بان العنوان جاء مجازيا وفائق الدلالة والرمز؛ فهنا الوردة احسن امجد وسم الرواية بهذا العنوان والاستهلال؛ وهذا يتبين لللقاريء من خلال الاحداث ، فالذي يبشر بالثورة هو كحامل المسك والعطر والورد …بقي ان تفوح منه او منها الرائحة وتملأ المحيط وهو ما يمكن اسقاطه على نجاح الثورة من عدمها…لكن تبقى مهمة الثائر والمناضل ان يقدم الامل تماما كالحبيب الذي يقدم الوردة عربونا على ذلك الحب، وكذلك الامر بالنسبة للثورة وابنائها حاملين هذه الوردة..

خلاصة القول : الرواية على وفرة احداثها ومعلوماتها إلاّ انها جائت بلا روح وخالية من الديناميكية ورتيبة السرد ، وهذا قد يكون خطأ لم يستطع صاحبنا تفاديه، او انه جاء بالتقصد من باب التوافق مع حالة التصحر التي تمر بها اوطاننا العربية وحالتها السياسية الرتيبة والرثة والتي تسببت بها الانظمة العميلة والرجعية والمتخلفة والمستبدة…

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!