دور "الدلالين" في ركود بيع وشراء العقارات ببغداد
في واقعة لشراء بيت جرت في بغداد بيع بيت في تعامل مباشر بين البائع والشاري، وكان الفرق في سعر البيت نفسه المعروض في مكتب العقار بنحو 15 مليون دينار، وهو فرق كبير يؤثر على الأشخاص محدودي الدخل الذين يرومون شراء منزل.
ان ممارسات بعض دلالي العقارات في العراق لها تأثير سلبي على حركة بيع وشراء العقارات، بخاصة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية التي تشهد ركودا في عمليات البيع والشراء.
و عندما يقوم الدلال برفع سعر العقار بشكل كبير عن السعر الذي يطلبه المالك الأصلي، يصبح العقار أقل جاذبية للمشترين المحتملين؛ وفي سوق يشهد بالفعل تقلبات في الأسعار، يصبح المشترون أكثر حساسية للسعر ويبحثون عن أفضل العروض المتاحة، لذا ان رفع السعر بشكل مصطنع يؤدي إلى بقاء العقار معروضا لمدة أطول، مما يسهم في ركود السوق.
و يشعر كثير من العازمين على شراء البيوت بالإحباط أو حتى الغضب عندما يكتشفون أن السعر المعروض من قبل الدلال أعلى بكثير من القيمة الحقيقية للعقار أو السعر الذي يطلبه المالك، هذا يؤدي إلى العزوف عن التعامل مع هؤلاء الدلالين أو حتى فقدان الثقة في سوق العقارات بشكل عام.
و فيما يتعلق بالمالك الذي يرغب في بيع عقاره بسرعة لحاجته، فإن تدخل الدلال ورفع السعر يؤدي إلى تأخير عملية البيع لفترة طويلة؛ هذا قد يسبب له خسائر مالية أو يعرقل خططه الأخرى التي تعتمد على بيع العقار.
وعادة لا يكون المشتري على علم بالهامش الربحي الذي يضيفه الدلال الذي يفترض ان يكون واضحا ومقبولا، ما يخلق حالة من عدم الثقة ويؤثر سلبا على قرارات الشراء.
وفي ظل ركود السوق، قد يحاول بعض الدلالين تعويض انخفاض عمولاتهم عن طريق رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه لتحقيق أرباح أكبر من الصفقات القليلة التي تجري، وقد يقوم بعض الدلالين استغلالا لحاجة بعض الناس، بشراء العقارات بأسعار منخفضة بهدف إعادة بيعها بسعر أعلى لاحقا، ولكن إذا انخفضت أسعار الشراء تلك، قد يجدون صعوبة في تحقيق الأرباح المتوقعة، مما يزيد من حالة الركود.
من الضروري وضع قوانين ولوائح تنظم عمل دلاليي العقارات وتحدد نسبة العمولة بشكل واضح وشفاف، وتمنع المبالغة في رفع الأسعار، و يجب توعية المشترين بحقوقهم وكيفية التفاوض على الأسعار والتحقق من القيمة الحقيقية للعقارات؛ ومن الضروري تشجيع التعامل المباشر بين البائع والمشتري قدر الإمكان لتقليل تدخل الوسطاء وتكاليفهم.
وفيما يتعلق بقيمة البيت يتطلب ذلك توفير معلومات دقيقة وحديثة عن أسعار العقارات وحركة السوق اذ يساعد ذلك المشترين والبائعين على اتخاذ قرارات مستنيرة ويقلل من تأثير الممارسات غير الشفافة، وقطعا فان تدخل الحكومة بتنظيم حركة بيع وشراء العقارات ينتج بيئة عقارية أكثر شفافية وعدالة.
وبحسب متخصصين فان حركة عرض وبيع المنازل في العراق تختلف بصورة كبيرة عن الدول الأخرى ما يولد حرمانا كبيرا لفئات واسعة من العراقيين من امتلاك منزل.
يقول المتخصصون انه في أوروبا وأمريكا، هناك تركيز أكبر على الشفافية، والتكنولوجيا، ودور الوكلاء العقاريين المحترفين، فيجري اعتماد كبير على الإنترنت ومنصات العقارات الإلكترونية، لهذا تتواجد عديد المواقع الإلكترونية المتخصصة في عرض العقارات للبيع والإيجار، تتضمن هذه المواقع قوائم مفصلة للعقارات مع صور عالية الجودة (غالبا ما تشمل جولات افتراضية ثلاثية الأبعاد)، ومقاطع فيديو، وخرائط للموقع، ومعلومات شاملة عن العقار (عدد الغرف، المساحة، تاريخ البناء، الضرائب، المرافق القريبة مثل المدارس والمتاجر والمواصلات).
وتتيح هذه المنصات للمشترين المحتملين تصفية نتائج البحث بناء على معايير دقيقة مثل السعر، والموقع، وعدد الغرف، والميزات المطلوبة (مثل تواجد حديقة، مرآب، تكييف)؛ و في بعض الحالات، توفر هذه المواقع معلومات عن تاريخ بيع العقار في السابق وأسعار البيع السابقة، مما يساعد المشتري على تقويم القيمة.
يقوم الوكيل العقاري بتمثيل مصالح البائع، وتقديم المشورة بشأن التسعير المناسب بناء على تحليل السوق، وتنظيم عمليات العرض للمشترين المحتملين، والتفاوض على العروض، وإدارة عملية إتمام البيع.
ويمتلك الوكلاء شبكات واسعة من المشترين المحتملين والوكلاء الآخرين، مما يزيد من فرص العثور على مشتر مناسب بسرعة؛ ويكون الوكلاء على دراية بالإجراءات القانونية والمالية المتعلقة ببيع العقارات في منطقتهم، مما يسهل العملية على البائع ويتجنب الأخطاء المحتملة.
والشيء الأهم، ان عمولة الوكيل عادة ما تكون نسبة مئوية محددة من سعر البيع يجري الاتفاق عليها مسبقا بين البائع والوكيل.
ويسمح للمشترين المحتملين بالتجول في العقار عبر الإنترنت كما لو كانوا متواجدين فيه، مما يوفر الوقت والجهد في زيارة العقارات غير المناسبة؛ ويجري استخدام مصورين محترفين لالتقاط صور عالية الجودة تبرز أفضل ميزات العقار، وتنتج مقاطع فيديو قصيرة تعرض العقار ومحيطه بطريقة جذابة.
يجري تحديد أوقات معينة لفتح أبواب العقار للجمهور لزيارته من دون الحاجة إلى موعد مسبق، و يستعمل الوكلاء وشركات العقارات وسائل التواصل الاجتماعي للترويج للعقارات المعروضة والوصول الى جمهور أوسع.
هذه الأساليب تسهم في خلق سوق عقاري أكثر شفافية وكفاءة، يمكّن المشترين الحصول على كثير من المعلومات قبل حتى زيارة العقار، مما يوفر وقتهم ويساعدهم على اتخاذ قرارات سليمة، كما أن دور الوكيل المحترف يوفر للبائع الدعم المطلوب لتحديد السعر المناسب وتسويق العقار بشكل فعال وإتمام عملية البيع بسلاسة.
على النقيض من ذلك، فإن نقص الشفافية والمبالغة في الأسعار من قبل بعض الدلالين في العراق عادة ما يؤدي إلى عزوف المشترين وإطالة أمد البيع، مما يسهم في ركود السوق.
ويأمل العراقيون في أن تشجعهم القرارات الحكومية على امتلاك عقار. وكان البنك المركزي العراقي أصدر قرارا يقضي بتخفيض الحد الأدنى لقيمة بيع العقارات، إذ جرى تحديد القيمة بـ 100 مليون دينار عراقي، بعد أن كانت 500 مليون دينار، وقد تقرر إعفاء كامل من العمولات، و”تُحدد نسبة العمولات الخاصة بإيداع الأموال الناتجة عن شراء العقارات المشمولة بالسقف المحدد لتكون بنسبة صفر بالمئة، حيث لن يتقاضى المصرف أي مبالغ مقابل هذه الخدمة”، بحسب بيان لمصرف الرافدين.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.