دور الحرب الأوكرانية في تغيير المعادلة في الشرق الأوسط
محمد رجب
منذ اندلاع الحرب بين روسيا و أوكرانية، شهدت السياسة الدولية تحولات كبرى أثرت على التوازنات الجيوسياسية، بما في ذلك الشرق الأوسط !هذه الحرب لم تقتصر على المواجهة بين روسيا وأوكرانيا، بل أعادت تشكيل التحالفات الدولية خاصة في اوروبا و الشرق الاوسط و بالتحديد اعادة النظر في رسم خارطة جديدة للعراق لما تتطلبه المرحلة القادمة و اثرت هذه التحالفات على المسار الذي كان مخطط له لبعض الدول في المنطقة !
فالقطار الذي مر على دمشق قد يعرج على بغداد قريبا .
هذه التحالفات ادت الى اعادة توجيه الأولويات الأمريكية في المنطقة بعد ان ادركت الولايات المتحدة الامريكية ان انشغال الحكومات السابقة للولايات المتحدة وأوروبا بالحرب في أوكرانيا أدى إلى تقليل تركيزهما على الشرق الأوسط، مما وفر فرصة أكبر لإيران لتعزيز نفوذها في العراق وسوريا ولبنان واليمن.
ومع ذلك، فإن الضغط الأمريكي على روسيا في أوكرانيا قد يدفع موسكو إلى تقليص دعمها لإيران خاصة بعد ان تخلصت دمشق من النفوذ ميليشات ايران في سوريا و هذا قد يقلص قوة الميليشيات المدعومة من طهران في العراق.
و بسبب خطورة التوسع الإيراني في المنطقة، اصبح لدى امريكا قناعة لكي تلعب دور أكبر في دعم استقرار العراق كحاجز ضد النفوذ الإيراني .
العراق كجسر استراتيجي لأمريكا نحو آسيا
امريكا تدرك ان العراق ليس مجرد ساحة صراع بين القوى الإقليمية، بل يمكن أن يكون عنصرًا أساسيًا في الاستراتيجية الأمريكية المستقبلية، خاصة فيما يتعلق بآسيا والمنافسة مع الصين وروسيا فالعراق يعتبر جسر و كنقطة عبور مهمة للعبور نحو باكستان باعتبارها دولة مسلمة نووية حدودها مجاورة للصين و روسيا و تمثل نقطة محورية في التوازنات الإقليمية خاصة في ظل علاقتها المتوترة مع الهند وتحالفها المتزايد مع الصين.
العراق القوي والمستقر يمكن أن يكون قاعدة أمريكية متقدمة للوصول إلى باكستان، مما يتيح لواشنطن تعزيز نفوذها في جنوب آسيا ومراقبة الأنشطة الصينية هناك.
كما تستطيع فتح جبهة جديدة على روسيا من الجنوب لتصبح محاصرة غربا من اوكرانيا و جنوبا من باكستان ( في حالة الاحتواء الامريكي المطلق ) .
فوجود أمريكي قوي في العراق و قريب من باكستان يتيح للولايات المتحدة تعزيز الضغط على روسيا من الجنوب، مما يشكل تهديدًا استراتيجيًا لموسكو، خاصة في ظل صراعها مع الناتو في أوكرانيا.
اذا العراق كحليف قوي و مستقر يمكن أن يضعف قدرة روسيا على دعم حلفائها في الشرق الأوسط، مما يغير موازين القوى لصالح امريكا و حلفاءها كما انه سيكون جزءاً من الاستراتيجية الأمريكية لاحتواء النفوذ الصيني المتزايد في الشرق الأوسط وجنوب آسيا.
فالصين تعمل على توسيع نفوذها في المنطقة من خلال “مبادرة الحزام والطريق”، وإذا تمكنت الولايات المتحدة من تعزيز علاقاتها مع العراق، فسيكون لديها موطئ قدم قوي لموازنة التوسع الصيني.
أهمية العراق في المستقبل القريب
إذا نجحت الولايات المتحدة في دعم حكومة عراقية مستقلة وقوية، فإن ذلك سيمنحها نقطة ارتكاز استراتيجية لا تقدر بثمن !
سيؤدي ذلك إلى تعزيز التحالفات الأمريكية في المنطقة، وخلق توازن جديد يحد من النفوذ الإيراني، ويقوض خطط الصين وروسيا في الشرق الأوسط وجنوب آسيا.
العراق القوي والمستقر يمكن أن يصبح عنصرًا رئيسيًا في الاستراتيجية الأمريكية، ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن أيضًا في المواجهة العالمية القادمة بين الغرب من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى.
و بينما تواصل الحرب الأوكرانية إعادة تشكيل المشهد الدولي فإن العراق يمثل عنصرًا حاسمًا في مستقبل التوازنات الجيوسياسية سواء تعلق الأمر بمواجهة إيران، أو بالاستعداد لمنافسة الصين وروسيا .
العراق يبقى نقطة استراتيجية مهمة يجب على الولايات المتحدة استغلالها بحكمة لضمان نفوذها في المنطقة وعلى مستوى العالم .
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.