تعريف بمشروع كتاب (بطاقة سفر ) من تأليفي – محسن عزالدين
كتاب بطاقة سفر
تأليف محسن عزالدين البكري
مقدمة: بطاقة سفر
حين تمنحك شركة بطاقة سفر إلى مدينة ما، لا تعطيك وصفًا مفصلًا لكل شارع أو فندق أو محل. بل تمنحك فرصة ثمينة، فتفتح أمامك بابًا لعالم جديد، لتبدأ رحلتك في استكشاف معالم المدينة، لتعيش تفاصيلها بنفسك، لترى الجمال الذي لا يراه إلا من خاض تجربته.
هذا الكتاب هو بطاقتك إلى عالم العلم والحقيقة، ليس ليقدم لك سردًا جامدًا أو مجرد معلومات متكررة، بل ليُشعل فيك رغبة الاكتشاف، ليقودك إلى أفق جديد حيث الحقيقة العلمية ليست بعيدة، بل هي أمامك، تضيء دربك نحو فهم أعمق وأمتع.
في عالمنا اليوم، حيث تنتشر الخرافات وتغيب الحقيقة أحيانًا، أو يُنظر إلى العلم بعين الخوف والرهبة كأنه شيء معقد بعيد، نحن هنا لنقول إن العلم ممتع وجميل، حق لكل إنسان، مفتاح لفهم الكون ولتقدير جماله وسحره.
قال لي أحدهم: “ما الذي تستفيد أنت من العلوم؟” فقلت له: تخيل أنك حبسّت نفسك داخل صومعة، وأنت محاط بحدائق وبساتين زاهية، لا تمتلك غلاتها ولا تزرع أرضها، لكن على الأقل، هل تمنع نفسك من رؤية ذلك الجمال الذي يحيط بك؟ إن كنت عاجزًا عن امتلاك الغلة، فليس من الحكمة أن تحرم نفسك على الأقل من استمتاع النظر إلى جمالها وسحرها.
العلم ليس مجرد تخمينات أو سرديات متداولة بين الشرق والغرب، ولا مجال فيه للمؤامرات أو التحامل. إنه منهج عالمي قابل للتحقق في أي مكان وزمان، وليس حكراً على أمة أو ثقافة. نحن نقدّر أولئك العلماء والبلدان التي بذلت جهدًا هائلًا عبر التاريخ، ولكن الحقيقة العلمية التي يقدمها العلم، مهما كان مصدرها، يمكن لأي إنسان في أي بقعة من العالم – بل في أي مكان من الكون – أن يختبرها ويتحقق منها.
الحقيقة العلمية لا تعتمد على شهرة من قالها أو على المرجعية التاريخية، بل تُثبت بالأدلة والاختبارات المتكررة. وأي معلومة تفتقر إلى هذه الأدلة، مهما كان القائل، تُعد زائفة من وجهة نظر المنهج العلمي.
في صفحات هذا الكتاب، ستجد رحلة قصيرة وممتعة عبر أهم محطات العلم والحقائق التي بني عليها فهمنا للكون والحياة. ستُفتح أمامك نوافذ جديدة، لا لتشبع فضولك بشكل ممل أو جامد، بل لتدفعك لتكون جزءًا من تلك الملحمة الرائعة التي خاضها البشر عبر العصور، ملحمة الاكتشاف والبحث والتحدي.
هنا، في “بطاقة سفر”، لن نمنحك كل التفاصيل، لأن الهدف أن تواصل الرحلة بنفسك، وأن ترى العالم كما هو، بعينيك، بعقل مفتوح، وقلب متلهف.
هي ليست مجرد مقالات، بل تجلّيات فكرٍ ، تنبع من لحظة نقاش، وتُكتب كأنها “ردّ حيّ” لا قالب جامد.
ليست هذه النصوص مقالاتٍ تقليدية، ولا دراسات أكاديمية، ولا حتى خواطر متأملة. إنها ردودٌ حيّة، انطلقت شرارتها من نقاش عابر، أو سؤالٍ استوقفني، أو لحظةِ تفكّرٍ وسط ضجيج العالم.
كثيرٌ منها وُلد في مجالس في اليمن، حيث تتقاطع الثرثرة بالأسئلة، ويتسلل الهاتف إلى يدي حين يصمت المجلس قليلًا، فأغوص في صفحات الكتب والمواقع العلمية، أبحث، أقرأ، ثم أدخل في نقاشات وقد أبدأ النقاش كتعقيب أو تعليق لتوضيح معلومة، وما يلبث النقاش أن يصبح مقالًا كاملًا. لذا ستجد في هذا الكتاب مقالات متنوعة من مجالات متعددة لن تجد فيها كل شيء، بل تجد أني أحاول تبسيط المعلومة إلى أبعد حد لأنها أصلًا كانت نقاشًا مع أشخاص قد لا يكونون من الفئة الأكاديمية، ، لذا تستطيع أن تسميه الكتاب الذي أوصل لغة العلم إلى الشارع الشعبي العام بعد أن كان حبيس الأكاديميات والفئات المتخصصة، ولكن ليس كل المعلومات، بل شرارات تحفيزية من معظم المجالات، ولهذا أسميته بطاقة سفر.
لقد كنت، طوال سنوات، أعيش بين الكتب القديمة، والمجلات الباهتة، والمناهج المدرسية الممزقة، أقرأ كل ما يقع في طريقي… ثم جاءت الإنترنت لتفتح لي أبوابًا لمكتباتٍ بلا جدران.
لكنني لا أحفظ ما أقرأ، بل أفهمه، أختزنه، ثم يُعاد تشكيله داخلي بلغتي الخاصة. لأني لم أقتبسها وأحفظها حرفيًا، بل عايشتها فكريًا، كما تُعايش التجربة لا الحفظ. ومع ذلك سارفق بعض المصادر مع كل فصل أو مقال للضرورة في الكتابة الأكاديمية وللأمانة العلمية في توثيق المعلومات. وهذه المصادر التي سارفقها ستجد فيها نفس المعلومات حتى تتحقق منها إن أردت.
ما بين سطرٍ وسطر، ستجد آثار هذه الرحلة — رحلة العقل المتنقّل بلا جواز، في زمنٍ بلا خرائط — ولهذا سميتها: بطاقة سفر.
بطاقة لا تؤرّخ مكانًا، بل تؤرّخ ذهنيًا لحظات عبورٍ من الجهل إلى المعرفة، ومن الحيرة إلى البصيرة.
“محسن عزالدين البكري – اليمن
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.