مقالات عامة

التواصل الاجتماعي في رمضان: بين الفائدة والهدر

مع حلول شهر رمضان المبارك، حيث تتجلى أجواء الرحمة والبركة والإيمان، يسعى الجميع إلى قضاء أوقاتهم بطرق مختلفة، خصوصًا في أوقات الظهيرة والعصر، وقبيل الإفطار، وعند انتهاء اليوم قبيل النوم، وكذلك في ساعات ما قبل السحور، وأحيانًا خلال منتصف الليل وحتى الفجر. في هذه الأوقات، يلجأ الكثير من الأشخاص إلى قضاء وقت طويل على مواقع التواصل الاجتماعي، يتصفحون الفيديوهات والمنشورات والصور بلا توقف، مما قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على حياتهم اليومية ونمط تفكيرهم.

الآثار السلبية للإفراط في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي

إن قضاء ساعات طويلة في تصفح منصات التواصل الاجتماعي قد يسبب العديد من المشكلات النفسية والاجتماعية، حيث يؤدي إلى توليد مشاعر مختلطة من الفرح والحزن والطاقة السلبية التي قد تؤثر على نفسية المتلقي. ومع مرور الوقت، يمكن أن يتحول هذا التأثير إلى تصرفات غير متزنة، مثل قلة التركيز، وانخفاض الإنتاجية، وضعف التفاعل الاجتماعي الحقيقي.

يلاحظ ذلك بوضوح في أماكن العمل والدراسة خلال شهر رمضان، حيث يصل العديد من الموظفين والطلاب إلى أماكنهم وهم يعانون من قلة النوم والشعور المستمر بالنعاس، مما يؤثر على مستوى أدائهم وكفاءتهم. ويرجع ذلك إلى قضائهم ساعات الليل في تصفح مواقع التواصل دون إدراك مدى تأثير ذلك على صحتهم ونشاطهم اليومي.

البدائل المفيدة: تعزيز التواصل الحقيقي

في ظل هذه التأثيرات السلبية، من الضروري البحث عن بدائل أكثر فائدة لاستثمار الوقت خلال شهر رمضان. من أبرز هذه البدائل:

1. التواصل العائلي الحقيقي: حيث يمكن استغلال هذا الشهر لتعزيز العلاقات الأسرية من خلال الجلوس مع العائلة على مائدة الإفطار، وتبادل الأحاديث، ومشاهدة البرامج التلفزيونية ذات الطابع الرمضاني المشترك.

2. صلة الرحم: زيارة الأقارب والأصدقاء تعزز الروابط الاجتماعية وتزيد من المحبة والتآلف بين الناس، مما يسهم في خلق بيئة إيجابية وصحية.

3. العبادة والتأمل: شهر رمضان فرصة عظيمة لتقوية العلاقة مع الله من خلال الصلاة، وقراءة القرآن، والتسبيح، مما يساعد على تحقيق السكينة النفسية والراحة الروحية.

4. تطوير الذات: يمكن استثمار الوقت في القراءة، وتعلم مهارات جديدة، والانخراط في أنشطة تنموية مفيدة على المستوى الشخصي والمهني.

التوازن هو الحل

لا يعني هذا أن يتم الامتناع عن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي نهائيًا، لكن يجب أن يكون ذلك بحدود معقولة. يكفي تخصيص ساعة واحدة أو أقل يوميًا لمتابعة الأخبار والمستجدات، دون الانغماس في المحتوى غير المفيد الذي قد يستهلك الوقت والطاقة دون فائدة حقيقية. أما بالنسبة لمن يعتمد عمله على وسائل التواصل الاجتماعي، فمن المهم وضع جدول زمني محدد للاستفادة منها دون أن تؤثر على جودة حياته.

ختامًا

إن الوقت هو أثمن ما يمتلكه الإنسان، وهو يمضي دون أن نشعر به، لذلك من الضروري استغلاله بحكمة. رمضان هو فرصة لإعادة ترتيب الأولويات والتركيز على ما هو نافع ومفيد، سواء على المستوى الديني أو الشخصي أو الاجتماعي. لنحرص على أن يكون تواصلنا خلال هذا الشهر المبارك تواصلًا حقيقيًا يثري حياتنا، بدلاً من أن يكون مجرد استهلاك رقمي بلا جدوى.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!