الضحك يوحدنا
الضحك يوحدنا
تاريخ الضحك ليس تاريخ الإنسان
في الأول من يوليو 2025 يحتفل عشاق البهجة والفرح والضحك والمرح باليوم العالمي للنكات الذي سيرفع هذا العام شعار “الضحك يوحدنا” في إشارة إلى ضرورة أن يلتقي البشر على هدف وهو أن يضحكوا ولو قليلا بغض النظر عن خلفياتهم أو ظروفهم، وأن يتجاوزوا فوارق اللون والعرق والجنس والدين واللغة، ويرتفعوا فوق حواجز العقائد والأيديولوجيات والخلافات السياسية والثقافية والظروف الاقتصادية والاجتماعية من أجل ضحكة صافية تكرّس ذلك المفهوم التقليدي العابر للأزمنة والأمكنة وهو أن “الإنسان حيوان ضاحك،” والذي تم اقتباسه من مقولة ويليام هازليت (1778 – 1830) الشاعر والرسام والمؤرخ والناقد، الذي وصفه البعض بأنه رجل عصر النهضة، حين اعتبر أن “الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يضحك ويبكي لأنه الحيوان الوحيد الذي يتأثر بالفرق بين ما هي عليه الأشياء وما ينبغي أن تكون عليه.”
منظمو اليوم العالمي للضحك يقولون إن الضحكة الطيبة تذكرنا بإنسانيتنا المشتركة وبالأفراح البسيطة التي نعتز بها جميعا في عالم يعاني من الانقسام، ويهدفون من وراء شعار “الضحك يوحدنا” حث الجميع على إيجاد روح الدعابة في التفاصيل الصغيرة ونشر البهجة والإيجابية أينما كانوا.
تاريخ الضحك ليس بالضرورة تاريخ الإنسان ولكنه بالتأكيد تاريخ الحضارة. في أواخر القرن التاسع عشر اكتشف علماء الآثار في العراق لوحا طينيا قديما عمره 4000 عام، وعليه أول نكتة موثقة في العالم، وبترجمة تقريبية من اللغة السومرية القديمة تقول النكتة “كلب دخل حانة، لكنه لم ير شيئا داخلها ثم سأل نفسه: هل أفتح لي حانة؟” تم العثور على نكتة أخرى عمرها 3900 عام أشار من خلالها السومريون إلى زوجاتهم النكديات تقول “الشيء الذي لم يحدث من قبل في تاريخ البشرية، هو أن تبادر امرأة بالجلوس على ركبة زوجها وتلف يدها حول عنقه دون أن يكون هذا الدلال منزها عن الأغراض.”
أقدم نكتة في مصر القديمة تعود إلى العام 1600 قبل الميلاد، تم العثور عليها محفورة على المعابد القديمة وبالتحديد في عصر الملك سنفرو تقول «إذا أردت أن تسلّي الفرعون العظيم سنفرو وتخفف عنه همومه فعليك بدفع مركب في مياه النيل على متنها أجمل فتيات مصر، على أن تستبدل تلك الحسناوات ملابسهن بشباك للصيد، ثم تطلب من الفرعون الذهاب لصيد الأسماك في النيل دون شبكة صيد لينتقي الشباك التي تروق له.”
قد لا تبدو تلك النكات مضحكة، ولكنها تمثل بدايات علاقة الإنسان بصناعة النكتة التي تطورت بمرور الوقت، وتحولت إلى فسحة ورياضة للقلب والروح وفرصة لمغادرة مربعات القلق والنكد والاكتئاب والضيق .
منذ 1994 وعشاق الضحك يحتفلون باليوم العالمي للنكتة الذي تأسس على يد الكوميدي والكاتب واين ريناجل، وذلك بهدف إضحاك الناس وترويج كتبه الخاصة. لا يوجد لليوم العالمي للنكتة صفة رسمية، ولكن المؤكد أننا أمام فرضيتين: إما أن ننظر إلى العالم من جانب الملهاة فنضحك أو أن نغوص في جانب المأساة فنبكي.. والضحك أفضل في كل الأحوال.
الحبيب الأسود
كاتب تونسي
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.