آراء متنوعة

الصمت موقفٌ في زمن العجز السياسي

الصمت موقفٌ في زمن العجز السياسي

بقلم: حازم باجلان

في ظل التصعيد الخطير الدائر بين إيران وإس*رائي*ل، ووسط تسارع الخطى نحو حرب إقليمية مفتوحة قد تتسع رقعتها وتتعدد أطرافها، يختار البعض الصمت. وقد يبدو هذا الصمت للبعض ضعفًا أو لا مبالاة، لكنه في الحقيقة تعبير واعٍ عن حجم العجز الحقيقي الذي تمر به شعوب هذه المنطقة.

الكل يتحدث، الكل يكتب، الكل يُحلّل، وكأن الميكروفونات قد فتحت فجأة للجميع ليصبحوا ناطقين باسم “المنطقة”، يطلقون المواقف والتفسيرات والتحذيرات، بينما الحقيقة الصادمة أن ما يُنفّذ اليوم هو ضمن مخططات قديمة، رُسمت في دوائر مغلقة، لا مكان فيها لأصوات الناس، ولا اعتبار لإرادتهم.

لقد تحولت منطقتنا إلى ساحة صراع دولي – إقليمي، تُختبر فيها الأسلحة، وتُصفّى فيها الحسابات، وتُدار فيها المصالح الكبرى، دون أن يكون للشعوب المغلوبة على أمرها رأي أو قرار. وكلما ظنّ البعض أن الأمور وصلت إلى نهايتها، تظهر جولة جديدة، وخطاب جديد، وتحالفات تتغير حسب مقتضيات اللحظة.

أمام هذا المشهد الملبّد بالدخان والدجل السياسي، أجد أن التزام الصمت ليس خذلانًا، بل شكل من أشكال المقاومة العقلية. فالكلمة عندما تفقد معناها، وعندما تتحول إلى وسيلة للتضليل أو التحريض أو التبرير، يصبح الصمت أصدق وأشد وقعًا من ألف خطاب.

إن الحرب الدائرة اليوم ليست معركة “حق وباطل”، كما يحاول البعض تصويرها، بل هي حلقة جديدة في صراع النفوذ وتبادل الرسائل بين القوى الكبرى. وما على الأرض من دماء ودمار وتهجير، ما هو إلا وقود لتلك المعادلات الباردة التي لا ترى في الإنسان العربي إلا رقماً على شاشة.

لقد سُلب منا القرار، وتحوّلنا إلى متفرجين على مشهد كُتب سيناريوه منذ سنوات، ويُنفّذ الآن بدقة، تحت عناوين براقة ومضللة. لذلك، فإن التريث، والصمت، ورفض الانخراط في لعبة التحليل السطحي والتخندق الأعمى، هو موقف سياسي بحد ذاته. موقف يعبر عن وعيٍ بأننا لسنا شركاء في القرار، بل مجرد ضحايا محتملين لكل جولة قادمة.

لذلك أقول: في زمن العجز السياسي، الصمت وعي… والسكوت موقف

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!