الحروب تأتي بالسلام
الحروب تأتي بالسلام
د . فاتح عبد السلام
إس*رائي*ل نفذت هجومها على إيران قبل يومين من جولة المفاوضات النووية السادسة مع الولايات المتحدة في مسقط، وهذا عنصر مفاجأة كبير من الناحية العسكرية والاستخبارية. الا انّه من الناحية الاستراتيجية يبدو انّ إس*رائي*ل لا تمتلك اية قناعة بأهمية المفاوضات الامريكية أو حتى الاتفاق فيما لو تمّ توقيعه.
والتركيز ذو الأولوية المستحقة كما هو واضح، ليس لتدمير كل المنشآت النووية الإيرانية، انّما هناك استهداف لمراكز تخصيب اليورانيوم ومواقع انتاج القدرات الصاروخية.
خطر الصواريخ والمسيرات الإيرانية هو الأساس في التأثير الميداني على إس*رائي*ل أو اية دولة في الشرق الأوسط، وليس السلاح النووي فيما لو حازت عليه.
اليوم تسعى اس*رائ*يل لوضع خارطة جديدة للتفاوض بين الولايات المتحدة وإيران في المجال النووي، ذلك انّ ثمة واقعا نوويا جديدا سيكون حتماً على طاولة المفاوضات فيما لو عادت يوما الى الوجود، وهو الخيار الوحيد لكي تحقق إيران من خلاله بعض المكاسب بدل خسارة كل شيء، ومن ثمّ فقدان النظام السياسي كله.
لو ذهبت إيران الى الاتفاق السريع خلال مهلة الشهرين مع واشنطن لوضعت إس*رائي*ل في موقف محرج دوليا، فالهجوم من دون وجود اتفاق نووي يختلف عن الهجوم مع وجود اتفاق.
حتى الان، لا أرى في المعطيات الموجودة لحرب كبيرة القت بظلالها على الوضع العالمي كله، ان إيران التي تلقت ضربات موجعة وعميقة قد خسرت كل شيء، إذ يبدو انها اختارت ان يتم تدمير قدرات التخصيب لديها بالحرب بدل منح الولايات المتحدة هذا التخلي السهل عن إمكاناتها في مجال التخصيب، بعد أن قال المرشد الأعلى الإيراني انّ حق تخصيب اليورانيوم خط احمر لا يمكن التنازل عنه وهو ما يشكل عقبة نهائية امام تقدم المفاوضات على طريق الاتفاق.
أمّا الآن فهناك فرصة للدخول في جولة حاسمة لتوقيع اتفاق ضمن الواقع الجديد بعد الضربات الإ*سر*ائي*لية. ودائما تأتي الحروب بفرص للسلام ذات مواصفات مختلفة وتتيح التع-اط*ي مع ما كان من المحرمات في السابق.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.