آراء متنوعة

التحليل السياسي ..

نزار العوصجي

التحليل السياسي اي ما يسمى بالإنكليزية Political analysis ، هو عملية فهم و إدراك عميق لجذور و أصول الممارسة السياسية و تشعباتها ، و يشمل ذلك الاهتمام بالأيديولوجيات و المعتقدات الفكرية المرتبطة بمصالح أطراف معنية ، فالسياسة كما يطلق عليها البعض بانها فن الممكن ، و هذا يعني ان من الممكن توجيهها وفقاً للمصالح الذاتية و الشخصية ، و حتى الأقتصادية ..
لذا تتمثل اهمية التحليل السياسي في مدى حيادية المحلل و مصداقيته و قدرته على تشخيص الواقع و طرح حقائق الامور بعيداً عن العواطف و الميول و المجاملات ، و هذا يعتمد على مدى ادراكه لجوهر القضية التي يتناولها في تحليله ..
في سياق أخر نجد ان التحليل السياسي لا يختلف عن التحليل الطبي بشكله العام ، فالأثنان يهدفان الى كشف مكامن الخلل حيثما وجدت ، و تحديد الأسباب التي ادت الى حدوثها ، مما يسهل عملية وضع المعالجات الموجبة للسيطرة على الوضع ، و منع حالة التفشي و الأستشراء ، او الحد منها على اقل تقدير ..

من هنا يتبين لنا ان التحليل السياسي لا يخلوا من المكاشفة الصريحة التي تشخص ( اصل العله ) ، العله التي قد تطال جانب من حالة القربيين منا ، لذا لابد من تقبلها لضمان عدم استشرائها ، حفاظاً على المستقبل السياسي لمن يؤمن به من الأجيال القادمة ، كونه امانة تأريخية يتحمل المحلل تبعاتها ..
و من هنا نخلص الى ان التحليل في المحصلة ، هو تقسيم الشيئ إلى اجزاء ، من عناصر أو صفات أو خصائص ، و عزل بعضها عن البعض الأخر ، ثم دراستها كلً على حدا ، الواحد تل و الأخر ، للوصول الى معرفة العلاقة القائمة بينها ، كما انه يعني تجزئة العناصر الاساسية للحالة أيضاً ، بما يمكننا من الفهم الدقيق و العميق لكل جزيئياتها ، مما يوفر لنا إمكانية أستيعاب الوضع بصورته الشاملة و إدراك مضمونه ، فالتحليل كمنهج لا يقتصر على الفلسفة وحدها ، بل نجده متمثلاً في أكثر من مجال فكري ..
لكي لا نطيل أكثر في الشرح ، سنستعرض بعض من جوانب الحالة التي نمر بها :

حين يظهر لنا الأعلام إحد شخوص العملية السياسية البائسة التي جاء بها الإحتلال الأمريكي الصهيوني الفارسي البغيض في 2003 ، و هو معروف لدى الحميع ، ليتحدث بثقة و صراحة عن الدور التخريبي المناط اليه ، و من معه من سياسيي الصدفة الأذلاء ، فيقول :
نحن مقاولين تفليش جئنا لكي نهدم ما بناه الوطنيين الأحرار من ابناء الوطن ، و ننتقم من البناة الشرفاء الذين ساهموا في بناء العراق ، و نضع العراقيل للحيلولة دون تقدمه و استتبابه ..
و في حديث إخر يقول :
ان زعيم الحزب السياسي الأول ، المعارض للأحتلال و مخرجاته ، هو من أبناء عمومتنا ( أبن عمنا ) ، و لنا تنسيق وثيق و مستمر معه ..
و رغم ذلك نجد ان القيادة العليا للحزب متمسكة به و ترفض اي مساس دستوري ببقائه على رأس الهرم ..
و في حديث إخر يقول :
ان السياسيين الذين إطلاق سراحهم ، قد تم الإتفاق معهم على تنفيذ الدور الخياني المعهود لهم ، في تحجيم تأثير الحزب لدى الشارع العراقي ، خلال المرحلة اللاحقة لأطلاق سراحهم .. و هذا ما إكدته الجهات المشرفة على اعتقالهم ..

ما ورد اعلاه ليس تجنياً على إحد ، بل انه استعراض لما يجري على الساحة ، لذا فأن المخلصين اليوم ، هم بأمس الحاجة الى إجراء تحليل سياسي تشخيصي معمق ، للوقوف على مكامن الخلل بدقة ، بعيداً عن العواطف و الميول و المجاملات ، يمكننا من وضع النقاط على الحروف و يسهم في رسم صورة المستقبل ..

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!