مقالات دينية

الإحسان مَلَك الفضائل

الإحسان مَلَك الفضائل

بقلم / وردا إسحاق قلّو

قال الرب يسوع ( من سألك فإعطهِ ، ومن أراد أن يقترض مِنك فلا تردهُ ) ” مت 42:5″

الإحسان أو الصدقة التي يقدمه الإنسان لأخيه المحتاج ينبغي أن يكون دافعه الحب النابع من القلب لكي يكون عملهُ مقبولاً في السماء ، وأنشودة المحبة التي سطرها لنا الرسول بولس في ( 1 قور 13 ) يقول فيها ( لو فرقتُ جميع أموالي … ولا محبة عندي فلا ينفعني شيئاً ) . طرق الإحسان كثيرة ومتنوعة ، فهناك من يحسن إلى غيرهِ بالمال ، أو بحمايته ، أو بمعالجتهِ ..إلخ وأفضل الإحسان هو النصح ، فرسل المسيح قدموا هذا الإحسان للعالم كلهُ وفرضوهُ على الإحسان بالمال والطعام ، لهذا أوكلوا هذا العمل لأخوتهم الشمامسة لكي يتفرغوا لخدمة التبشير لنصح الناس من أجل الإيمان والخلاص .

الغني بالمال يمتلك أكثر مما يحتاجهُ لحياته الزمنية ، والحاجة هي إمتلاك خبز الكفاف ، فالغني بالمال يكون فقيراً في الروح فلا يحسده المؤمن على وضعه ، لأن الفقير قد يكون أغنى منه كثيراً .

خير مثال على هذه الحقيقة ، يقول الكتاب ( حتى الكلاب التي كانت تلحس جروح لعازر بلسانها كانت تخفف من آلامه ، بينما الغني القاسي كان عديم الرحمة والإحسان ، فإنهُ لم يكن يعطي له حتى فضلات مائدتهِ)  . وهنا ليس المقصود كل الأغنياء ، بل المختلسين الأغبياء ، فالله الذي جعله غنياً فغايته أن يساعد أخوته المحتاجين . وعلى الغني أن لا يخجل في تقديم عطاياه بفرح لمن أحتاج إليه . وكل من يقدم الإحسان إلى الفقير فإنه يقرض الله ، بل يكنز لنفسه كنزاً لا يفنى في الملكوت ، فلا يضيع شيئاً لهُ وإن كان قدح ماء بارد ، فكم تكون المكافأة عندما تكون الصدقة بإستضافة فقير مهمش إجتماعياً على مائدة العائلة ليتناول معها ورب العائلة يقدم له الخدمة بنفسه كما فعل المسيح لتلاميذه وغسل أرجلهم .

   الذي يريد له بيتاً في السماء فليثق بأن أيادي الفقراء الذين يساعدهم هم الذين يبنون له مسكناً في الملكوت . المسيح لا يكرم الذين يصنعون المعجزات بسبب إيمانهم ، إنما الذين يعملون بوصاياه ، فيقول لهم في اليوم الأخير ( تعالوا يا مباركي أبي ورثوا الملكوت … لأني كنت جائعاً فأطعمتموني … إلخ ) .

   على الصائم أن يقدم الصدقة للفقير لكي يصبح صومه مقبولاً ، وعكس ذلك فصومه يكون أسوأ من السِّكر والشراهة لأنه لم يظهر أعمال الرحمة والمحبة .

   من يريد أن يصبح غنياً ، فمن الأفضل أن يصبح فقيراً في هذا العالم لكي يتمكن فيما بعد أن يغتني فليعطي ما يقتنيه إحسانات للمحتاجين لكي يحصد ما هو أفضل . وهذه كانت وصية الرب للشاب الغني .

الأعمى الفقير الذي ينال صدقة ، سيقود بيدهِ المحسن إليه الذي هو بصيرالعينين في الطريق الصحيح المؤدي إلى الخلاص . مؤمنون كثيرون عندما يصيبهم أمر محزن يسرعون إلى عمل الإحسان فيشعروه بفرح يدخل في قلوبهم .

  عمل الرحمة عظيم جداً لأنه يجعل الرحماء مساوون لله ، لهذا قال يسوع ( كونوا رحماء كما أن أباكم السماوي رحيم ) .

   الله عندما يشفق علينا نحن الجياع إلى البر فيطعمنا جسده السري . وعندما يريد أن يروينا فلم يحزن على دمهِ الثمين . أما نحن فنبخل على الفقير المحتاج على قطعة خبز أو المال . لهذا لا بد للمسيح أن يقول لكل إنسان ، إذا لم تحسن إليّ بمساعدة أؤلئك الفقراء علماً بأنني كابدت لأجلك ، فما أطلبه منك هو أن ترحم فقري في أخيك الإنسان الذي متُ من أجلهِ . تذكر عندما كنت عارياً على الصليب لأجل خلاصك ، فلماذا تريد أن أتعرى مرةً أخرى بسبب أنانيتك .

   كل عمل الإحسان يصعد إلى السماء أمام الله . يقول الكتاب ( يا كورنيليوس أن صلواتك وإحساناتك صعدت أمام الله ) وهكذا فمهما تحمل من خطايا فأن صدقاتك ستكون سبب في محو كل تلك الخطايا ، بل قال أحد القديسين ، سيحاسبنا الديان في يوم الدينونة على قدر المحبة التي نمتلكها .

إذاً لنلجأ إلى عمل الإحسان لأنه ملك الفضائل ، وهو الذي سيرافقنا إلى الفردوس ، فالرحمة أمر خالد لا يموت ، ولا ينال الفساد ، ولا تطفأ شعلته . فمن لديهِ موهبة الإحسان فإنه أعظم من الذي يمتلك قدرة لإقامة الموتى . فالصدقة ليست خسارة ، بل تجارة مربحة وناجحة .

أخيراً نقول : لا تبسط يديك نحو السماء أكثر مما تبسطها إلى الفقراء ، فعندما تبسط يدك إلى أيدي المحتاجين إليك عندها ستلامس قمة السماء بحد ذاتها . وذاك الجالس على عرش السماء هو الذي يستسلم صدقتك . الرسول بولس يوصينا بإعطاء الصدقة بفرح فيقول ( كل واحد كما ينوي بقلبهِ ، ليس عن حزن أو إضطرار ، لأن المعطي المسرور يحبه الله ) ” 2 قور 9:7 ” .

 لا وجود لمحبة الله دون محبة القريب أولاً . إذا كان الهلاك لمن يكنز أموالاً ولا يقدمها للفقراء ، فكم بالحري سيكون الحال أسوأ لمن يقدر أن يعطي نصيحة خلاص للآخرين ولا يعطيها ، ولا يبشر بالكلمة التي هي غذاء الروح ، وذلك لأنك أيها الإنسان عندما تعطي صدقة بالكلمة التي هي غذاء الروح ، وذلك لأنك عندما تعطي صدقة فأنت تغذي الجسد إلى حين ، ولكن عندما تبشر بكلمة الإنجيل فإنك تخلص النفس من الهلاك الأبدي .

   الصدقة تبعد الموت عن الجسد ، والكلمة الصالحة تبعد موت النفس .

 ونختم بالقول : أعط خبزاً للمحتاج قدر إستطاعتك . وإن لم تملك الخبز فإعطي فلساً واحداً . وإن لم تمتلك فلساً فإعط ماء بارد . أحتى هذا لا تملك ؟ فإحزن مع الحزانى ليكون لك أجراً في السماء .

التوقيع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1 ” 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!