آراء متنوعة

استقالة القضاة من اجل خور عبدالله رسالة للشعب

الحاج صادق سعدون البهادلي

القضاء تحت التهديد ولا خير في أمة تصمت عن التفريط بسيادتها

في لحظة مفصلية من تاريخ العراق الحديث جاءت استقالة عدد من القضاة لتدق ناقوس الخطر وترفع أمام الشعب العراقي لافتة تحذير كبيرة القضاء يتعرض للضغط والسيادة تباع في المزاد السياسي لم تكن الاستقالة مجرد خطوة إدارية أو احتجاجية روتينية بل كانت صرخة مدوية تقول بوضوح إن العدالة لم تعد بأمان وأن الهيئات القضائية التي من المفترض أن تكون مستقلة ومحايدة أصبحت تدار من خلف الستار وتهدد حين ترفض الانصياع لرغبات قوى خارجية أو داخلية تسعى لإرضاء جيران على حساب الأرض والكرامة قضية خور عبد الله التي هي جزء من الجغرافيا العراقية وارتوت من دماء أبنائه وعرق صياديه تحولت اليوم إلى ورقة مساومة ومجاملة سياسية.

تسليم الخور للكويت وتطويع القضاء للموافقة أو الصمت على ذلك ليس مجرد تفريط بقطعة أرض بل هو تفريط بهيبة العراق وعدالة شعبه حين يهدد القاضي في بلده فاعلم أن الحق يدفن والعدل يكمّم. وحين تستقيل مؤسسة القضاء فإنها لا تهرب من المسؤولية بل تقول بصوت عال: (لم نعد قادرين على إصدار الحكم باسم الشعب في ظل سيف التهديد والضغط السياسي).

إن صمت الشعب عن هذه الرسالة الخطيرة هو مشاركة في الج#ريم*ة وخذلان للرجال الذين أقسموا على العدل والحق وواجهوا الترهيب من أجل كرامة وطنهم. لا خير في أمة يهدد قضاؤها وتسكت ولا كرامة لوطن يفرط بأرضه من أجل رضا الآخر.

ليعلم الساسة وكل من يقف خلف ستار بيع السيادة أن الأرض التي دفنت فيها الأجداد لن تكون هدية لمن طمع بها. وأن صوت القاضي الحر، حتى وإن استقال يبقى أصدق من خطب السياسة وأوراق التنازل.
إنها لحظة وعي للشعب العراقي إن لم ينتصر للقضاء فليستعد لمستقبل بلا عدالة وبلا وطن.
نعم إن لم ينتصر القضاء العراقي لاستعادة خور عبد الله… فليستعد الوطن لمستقبل بلا عدالة وبلا كرامة

في لحظات حاسمة من تاريخ الأمم تقف الشعوب أمام مفترق طرق بين أن تنتصر للحق أو تنهار تحت ثقل الظلم والتفريط. واليوم يقف العراق في مفترق كهذا أمام قضية خور عبد الله هذا الشريان البحري الحيوي الذي يشكل رمزية سيادية لا تقل أهمية عن أي شبر من الأرض أو قطرة من المياه.
خور عبد الله ليس مجرد ممر مائي بين العراق والكويت بل هو بوابة العراق البحرية ورمز من رموز سيادته وحق من حقوقه التي كفلها التاريخ والجغرافيا والقانون الدولي. إن التفريط به أو تجاهل استعادته يمثل طعنة في جسد السيادة وتهديدا لمستقبل أمة ناضلت طويلا ضد الاحتلال والفساد والخذلان.
هنا يأتي دور القضاء العراقي هذا الحصن الأخير للعدالة والملاذ الذي يعول عليه في إنصاف الوطن وإنقاذه من التنازلات القاتلة. إن عيون العراقيين تتجه إليه الان تنتظر منه أن يكون على قدر المسؤولية وأن يثبت أنه ليس أداة في يد السياسة بل صوت الشعب وضميره الحي.فإذا لم ينتصر القضاء وإذا لم يتحرك بحزم لاستعادة خور عبد الله فإن العراق لا يفقد خورا فقط، بل يفقد ما هو أعمق يفقد الثقة بمؤسساته والإيمان بعدالته والشعور بالانتماء إلى وطن يحمي حدوده وكرامة شعبه.

حين تغيب العدالة لا تبقى أوطان… بل تتحول البلاد إلى مساحات مباحة للنهب وتتحول السلطة إلى سيف في يد الضعف والتبعية حينها لن نستغرب إن ضاعت أراض أخرى وإن تمادت الأطماع وتكالب الخصوم وتعمق الانقسام الداخلي. إنها لحظة صدق ووقفة ضمير
إما أن ينتصر القضاء ويكون الصوت الذي يصرخ في وجه التنازل والذل وإما أن يصمت ويكتب بيده شهادة وفاة للعدالة… ومقدمة لضياع وطن.
فلنختر الطريق الذي يستحقه العراق. فلنختر العدالة والسيادة. قبل أن نستيقظ على وطن بلا عنوان وشعب بلا كرامة وعدالة بلا قضاء. نعم التاريخ لا يرحم إذا خذل القضاء العراقي فسيلعنهم المستقبل وسيكتب على جبين الوطن (هنا دفنت العداله وهنا سقط الحلم بدولة القانون) أما إذا انتصر القضاة للشعب وللدستور فإن العراق سيقف من جديد شامخا بحضارته وعادلا في حكمه وامنا بمستقبله فأما قضاء عادل يصنع وطنا أو قضاء خانع يمهد للطغيان لاوطن فيه ولا امان .
حفظ الله الشعب العراقي بكافة اطيافه٠

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!