مقالات دينية

لا تضطرب قلوبكم

نعيش أياما لا يُحسد عليها من الألم الذي تعيشه البشرية جمعاء، من حروب ومجاعات وظلم واستبداد وفقر وفساد وجائحة كور*و*نا، وغيرها من الأمور التي جعلت البشرية في حالة غيبوبة شبه تامة، فلا شيء نفكر به، الا وايدينا على قلوبنا خوفاً اما من جائحة كور*و*نا او غيرها من الأمور التي نالت من السلام في داخلنا.
يجب على المؤمن المسيحي ان يعيش حياته بأيمان، لأننا نعلم ان الحياة ليست سهلة، ومن يعيشها عليه ان يعلم ان الرب لم يعدنا بالسعادة الكاملة هنا على الأرض، بل سعادتنا هي في الحياة الأبدية التي يجب ان نعمل الان من اجلها، بالتأكيد، هذا لا يعني ان نعيش حياتنا الأرضية بدون سعادة، او نحاول العيش بسعادة.
الايمان ضروري جداً لكي يعيش المؤمن حياته بصورة موفقة ومريحة روحياً، لأنه إذا غاب الايمان ستغيب معه السعادة وستغيب الثقة، وفي النتيجة سيصبح الانسان فريسة سهلة للإبليس وقواته، ويصبح عرضة للوقوع بسهولة. نرى في الكتاب المقدس امثلة عديدة، انه حين يفقد الانسان الايمان، او يضعف ايمانه، يحضر الخوف والالم والتعاسة، ومثال ذلك في العهد الجديد، وبالتحديد في انجيل متى،  ( عندما ركب التلاميذ السفينة مع يسوع واضطرب البحر والامواج قل ايمانهم، فأيقظ التلاميذ يسوع حيث كان نائماً في السفينة، فنهض، وقال لهم: (ما بالكم يا قليلي الايمان؟)، ثم قام وانتهر الرياح والحر، وإذا هدوء عظيم، فعندما يغيب الايمان، يحضر الخوف، لان فقدان الايمان هو فقدان السلام الداخلي، وفقدان حضور الله بداخلنا. ويقول لنا يسوع المسيح في انجيل يوحنا (14:27) سلاما اترك لكم، سلامي اعطيكم، ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا، لا تضطرب قلوبكم ولأترهب.
وكذلك في العهد القديم، وبعد مغادرة حران وقبل النزول الى مصر، تحدث إبراهيم مع سارة وطلب منها ان تخفي انها زوجته وتقول انها اخته، وقد كانت بالفعل اخته ابنة ابيه وليست ابنة امه(تك20:12)، وكان سبب طلب إبراهيم خوفاً من ان جمال سارة يلفت نظر المصريين اليها، فيق*ت*لونه ويأخذونها. فأطاعت سارة زوجها. اخذها ملك مصر، ولكن الله منعه من الاقتراب اليها، ووبخ فرعون زوجها عندما اعلن الله الامر، وحصل هذا بسبب شعور إبراهيم بالخوف، اذ قل ايمانه في تلك اللحظة.
بينما في الجانب الاخر، عندما يؤمن الانسان ولا يتزعزع لا يمكن لأي شيء ان يغلبه، ولا يسلب سلامه الداخلي. ونرى ايضاً في الكتاب المقدس، ان الايمان يصنع المعجزات، فجدعون بكل ايمان واجه ومعه ثلاثمئة رجل تقريباً 135000 جندي من الأعداء بلا معدات حربية ولا خبرة عسكرية، فأسلحته كانت مصابيح وجرار وابواق فقط، فهو بالفعل بطل ايمان تقوى لحد هذا اليوم.
على المؤمن ان لا يضطرب مهما كانت العاصفة قوية ومؤلمة، لأنه خلف كل الم، يوجد فرح، وخلف كل غيمة سوداء تُظلم عالمنا، توجد شمس تسطع وتنير حياتنا وعالمنا من جديد. لذا نحن مدعوون للأيمان، وخاصة في هذه الايام العصيبة، اذ يجب ان نتشدد، ونشدد القريبين الينا، وخاصة هؤلاء الذين بحاجة الينا، ان نصلي بأيمان وتقوى، لان عالمنا بحاجة للصلاة ويجب ان نثق ونؤمن ان الرب يستجيب لصلواتنا، ولكن في الوقت المناسب. نعم فقد العالم العديد من الناس، وفقدنا احبابنا، لم نكن نتوقع ان نفقدهم الى بعد سنوات عديدة، فهذه هي الحياة تختبرنا، لذا علينا ان نكون قادرين على حمل أي صليب في حياتنا، لان الرب قبل الصليب وواجه كل شيء حتى الموت وقام في الأخير.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!