مقالات

قراءات تحليلية وتعليقات فقهية، في ضوء أحكام القضاء

كتاب جديد : (قراءات تحليلية وتعليقات فقهية، في ضوء أحكام القضاء الدستوري)

بفضل الله ورعايته سيوزع قريباً في المكتبات الكتاب الموسوم (قراءات تحليلية وتعليقات فقهية في ضوء أحكام القضاء الدستوري) والصادر عن مكتبة صباح القانونية في مجمع محاكم الكرادة في بغداد بطبغته الاولى ويعد الاصدار الثالث والعشرين في سلسلة الكتب التي صدرت لي وبلغت عدد صفحاته اكثر من (490) صفحة من حجم A4 وبغلاف كارتوني وجاء في مقدمته الاتي :

(يسعى المختصون في علم القانون وفن القضاء بين الحين والأخر الى تحليل الاحكام القضائية الصادرة عن المحاكم العليا بدرجتها في سلم التقاضي، لان أهميتها تكمن في ترسيخها المبادئ القضائية التي تقدم فائدة ثمينة وعظيمة للفقه القانوني، وتسمح بادراك كيفية تطور العلاقات القانونية، كما ندرك من خلالها خطورة أي جهاز قانوني والموقع الذي يشغله في سوح المعاملات القانونية، وبواسطة القضاء يمكن ادراك وظائف هذه الأجهزة القانونية،
لذلك لا يستطيع احد ان يفهم القاعدة القانونية فهماً جيداً ولا ان يعرف مدى خطورتها ما لم يتحقق من القرارات التي تصدر بمناسبة تطبيقها، الا من خلال تحليلها وابداء الملاحظة تجاه الفقرة الحكمية واسبابها، وهذا ما أشار اليه الفقيه الفرنسي الكبير هنري كابيتان “Henri Capitant”، الذي يرى بان الواجب الملقى على رجال القانون من الفقهاء يتجلى في مهمة تحليل الاحكام القضائية، وعليه ان لا يقف عند ابداء الملاحظة، وانما يتعدى الى نقد الحكم ، كما يلتزم بإبداء الرأي بالحكم الصادر، اما بالثناء عليه او برفض ما ورد فيه، ويرى كابيتان بان الفقيه لا يستطيع ان يفخر بمعرفة القانون، الا اذا اكمل وأحيا دراسة النصوص من خلال دراسة احكام القضاء، ويقول ايضاً، بان الدراسات النقدية المستندة الى حكم العقل، تعد قطاعاً جوهرياً من قطاعات التربية القانونية،
ومن خلال ما تقدم كان لابد من الوقوف على اتجاهات القضاء الدستوري في العراق وعلى وجه الخصوص بعد تغير تشكيلة المحكمة الاتحادية العليا في عام 2021 بموجب القانون رقم 25 لسنة 2021 قانون تعديل الامر التشريعي رقم 30 لسنة 2005 قانون المحكمة الاتحادية العليا النافذ، حيث كنت قد أصدر كتاب سابق صدر عام 2019 والموسوم “دراسات في القضاء الدستوري العراقي” وتضمن عدة دراسات في اصلها تعليق على بعض احكام المحكمة الاتحادية العليا في حينه، الا ان التعليق على احكام المحكمة الاتحادية العليا استمر في ظل تشكيلها الجديد من مجموعة من القضاة الافاضل، فأنها أصدرت احكاماً كانت محورية واثرت في الحياة العامة والسياسية منها على وجه الخصوص، وكانت فاصلة تجاه الاحداث التي ظهرت في المشهد السياسي، كما كان لها تأثير كبير في سلسلة الاحداث التي حصلت في حينه، واصبح تأثيرها ملموساً على كل الابعاد الداخلية والخارجية للعراق وكذلك الحياة الاقتصادية وشكل الدولة وتركيبتها، بل بعضها كان محل جدل قضائي بين القضاء الاعتيادي وبين القضاء الدستوري وأخرى بين القضاء الإداري والقضاء الدستوري.
ولأهمية تلك الاحكام كان لابد لنا من تحليلها برؤية فقهية صرفة، من اجل الوقوف على غايات تلك الاحكام من اجل تطبيقها تطبيقاً سليما، حيث لا مناص من الالتزام بها والتقيد بما ورد فيها، بحكم الوجوب الدستوري لإلزاميتها للجميع ولكافة السلطات وعلى وفق احكام المادة (94) من الدستور العراقي لعام 2005 النافذ، فضلاً عن الجانب العلمي الذي يعتبر التعليق على الاحكام القضائية من اهم الدراسات التطبيقية على القانون،
والنقد الوارد في التعليق على الحكم، لا يتعدى الحكم عينه، ولا يمس شخص القاضي او المحكمة التي أصدرته، وانما نقد لفكرة وعقيدة القاضي او المحكمة تجاه الحكم الذي أصدرته، لأنه في كل الأحوال هو جهد ذهني مارسه القاضي بحكم عمله وصفته القضائية، والاحكام التي يصدرها القضاء الدستوري تتسم بصفة شمولية الأثر، بمعنى انها تتعدى اطراف الخصومة، وانما تسري على كل شخص في العراق، بحكم عمومية الالزام الوارد في المادة (94) من الدستور العراقي النافذ لعام 2005،
الا ان دقة التعليق والتزامه بالأسس والمنهجية العلمية مطلوب، بل واجب على من يتصدى لهذه المهمة الجليلة، وهذا الامر لا يكون الا بالإلمام الجيد للعلوم القانونية والفقه القضائي والمتعلقة بموضوع التعليق واستيعاب معطيات المنهجية القانونية التي تسمح بتقييم الحكم أو القرار القضائي، لان الحكم القضائي هو الذي يعول عليه في حماية الحقوق ويعتبر الحكم القضائي خاتمة المطاف في الخصومة ونقطة النهاية في سباق تصارع وناضل فيه ذوو الشأن بأساليب وأدوات وحجج قانونية وهو تتويج لجهود كبيرة وإجراءات طويلة قام بها الخصوم وممثلوهم والقاضي وأعوانه،
ومما لابد من التنويه اليه بان التعليق على الاحكام هي ليست إعطاء اراء او حلول بديلة عن الفقرة الحكمية الواردة في الحكم القضائي، وانما هي فرصة للتأمل و محاولة لفهم الاتجاه الذي ذهب إليه القضاء، ومن ثم البناء عليه في مستقبل الأيام، وعادة ما يبني المحامي او المستشار واي مختص في الشأن القانوني والقضائي رايه على ما يستقر عليه القضاء سواء المحكمة الاتحادية العليا او سواها، الا ان تبدل الاجتهاد وتغيره تحت عنوان العدول وأحياناً حتى دون تسميته بهذا المسمى، مما يجعل الجميع في حرج، لأن الرأي الذي يبنى على الاحكام القضائية، قد اصابها الاعتلال من جراء هذه التغييرات في الاجتهاد، مما يلزم الفقيه والباحث في الشأن القضائي والقانوني الى دراسة تلك الاحكام دراسة تحليلية، والوقوف على الاتجاهات التي سار بها الحكم القضاء تجاه النصوص الدستورية والقانونية النافذة، سواء عن طريق التفسير او الحكم الفاصل في نزاع،
وكلمة لابد منها في هذا الصدد تجاه الاختصاص الدستوري للمحكمة الاتحادية العليا، فأنها وفي ظل اختصاصها الذي رسمه الدستور، فانها قد منحت الاختصاص في القضاء الدستوري في الفقرتين (أولا و ثانياً) من المادة ( 93) من الدستور، التي جاء فيها (تختص المحكمة الاتحادية العليا بما يأتي: الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة 2- تفسير نصوص الدستور)، بمعنى ان اختصاصها يقف عند الرقابة على دستورية القوانين وعلى تفسير الدستور فقط، اما في بقية الاختصاصات الواردة في الفقرات (ثالثاً ولغاية ثامناً) فإنها تمثل محكمة موضوع تفصل في نزاع بين طرفين سواء كانوا طبيعيين او معنويين، وحالها حال الدعاوى الاعتيادية سواء التي تنظرها محاكم القضاء الاعتيادي المنضوية تحت لواء مجلس القضاء الأعلى او القضاء الإداري، ولا يمكن ان نطلق عليها دعاوى دستورية.
كما وجدت من الضروري نشر الدراسات ذات المنهج التطبيقي والتحليلي لمواضيع الدستور ذاته، لأنها على صلة وثيقة بمنهج التطبيق القضائي في القضاء الدستوري، فضلا عن التعليق قد ورد على شكل دراسة مبوبة اكاديمياً، كما وجدت أيضا ان اضمن الكتاب بعض المقالات التي نشرتها وسائل اعلام متعددة منها عراقية وعربية، لها صلة بالأحكام القضائية والاجتهاد القضائي الدستوري في العراق، وهذا ما دعا الى جعل الكتاب في بابين الأول يتعلق بالدراسات والأخر بالمقالات، مع ان كلاهما يتعلق بأحكام القضاء الدستوري وما يتعلق به من احكام قضائية صدرت عن القضاء الاعتيادي،
وفي ضوء ما تقدم أقدمت على جمع التعليقات التي تناولت فيها احكام القضاء الدستوري للمحكمة الاتحادية العليا منذ عام 2017 سواء في تشكيلها الجديد او السابق، بكتاب يكون مكملاً للكتاب الذي سبقه الصادر من مكتبة صباح في بغداد عام 2019 والموسوم “دراسات في القضاء الدستوري العراق”، وامتداد للمنهج الذي مارسته تجاه الاحكام القضائية في التعليق والتحليل من اجل الوقوف على ماهية الحكم، ودوره في تطوير النصوص الدستورية والقانونية، وبيان وجهات النظر الفقهية المخالفة والموافقة للحكم)
وتضمن الكتاب ما يقارب (60) ستون مادة توزعت بين الدراسات والتعليقات والمقالات والاوراق البحثية، وجميعها تتعلق بالقضاء الدستوري في العراق.
والله ولي التوفيق
قاضٍ متقاعد

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!