مقالات دينية

هروب العائلة المقدسة الى مصر وأتمام النبؤات

الكاتب: وردااسحاق
هروب العائلة المقدسة الى مصر وأتمام النبؤات
( من مصر دعوتُ أبني ) “مت 15:2 ”
تراءى ملاك الرب ليوسف في الحلم ، وقال له ( قُم فخُذ الصبي وأمه ، وأهرب الى مصر …) ” 13:2 ” فأطاع يوسف أمر الملاك وشخص الى مصر في نفس الليلة . هكذا أُبعِدَ الطفل بأعجوبة . ذهب الزوجان بالطفل ، ومعهما دابة حملت كل ما يملك الفقيران . كان هناك ثلاث طرق برية للسفر الى مصر ، لكن يقال أن مار يوسف أخذ طريقاً آخر خوفاً من هيرودس الذي قيل عنه ، أرسل عشرة جنود للبحث عن الطفل وأسرته لهذا يعتقد أن لهذا السبب لم تستقر العائلة في موقع واحد . روت لنا الأناجيل المنحولة ، عن حادثة المسيح منها أسطورتين لطيفتين ، ولا شك أن واضعي تلك الأناجيل قد حدا بهم الى ذلك ، حادي الرأفة بأولئك المهاجرين الثلاثة ومصيرهم الشاق . ففي إحداهما نرى العذراء مريم عند جذع نخلةٍ ، تشتهي رطبها ، ولما كان الرثطّب فوق متناول يدها ، تقدم الطفل يسوع الى النخلة بالأنحناء ، ووعد النخلة جزاء طاعتها أن ملاكاً سوف ينقل غصناً من أغصانها الى الجنة… ( من هذا الكتاب المنحول أخذ كاتب القرآن قصة مولد المسيح تحت جذع نخلة وليس في حضيرة حيوانات وحسب الأناجيل ) .
أما الأسطورة الثانية ، فتذهب الى أن أثنين من قطاع الطرق أخذتهما الشفقة بالمسافرين الفقيرين ، فراحا يزوّدانهما بالقوت . ويكون أحد ذنيك المحسنين هو اللص الصديق الذي سوف يعده المسيح على الصليب بدخول الفردوس والأناجيل المنحولة تروي لنا قصص كثيرة كقصة سقوط ثلاثة مائة وخمسة وستون إلهاً ( صنماً ) هوت أرضاً فور دخول المسيح هيكل هيليوبولس ، وإن أفروديسيس الوالي ، وقائد الموقع مع جنوده ، أهتدوا الى المسيحية في إثر تلك المعجزة . أجل حدث في مصر أثناء زيارة الرب لها سقوط الأوثان وبعدها تأتي البشارة على يد المبشرين .
كانت الرحلة طويلة جداً من أرض الوطن الى دير المحرق في جنوب مصر . وتلك المسيرة تحتاج الى قطع 1033 كم ، أي كالسفر من حدود العراق الشمالية مروراً بالموصل وبغداد والبصرة وحتى الحدود الجنوبية . أما مسيرة الرحلة فكانت على هذه المراحل الخمسة : المرحلة الأولى
 عبر شمال سيناء 1- رفح 2- الشيخ زويد 3- العريش 4- الفلوسيات “مدينة الواردة حاليا” 5- القلس 6- المحمدية 7- الفرما المرحلة الثانية
 عبر الدلتا 8- تل بسطا 9- مسطرد “المحمة” 10 – بلبيس 11 – منية سمنود ودقادوس 12 – سمنود 13 – البرلس 14 – سخا المرحلة الثالثة 
عبر وادى النطرون 15 – وادى النطرون ” برية شيهيت ” المرحلة الرابعة
 عبر القاهرة الكبرى 16 – منطقة المطرية وعين شمس 17 – منطقة الزيتون ووسط القاهرة – حارة زويلة 18 – منطقة مصر القديمة (الفسطاط) 19 – منطقة المعادى
 
المرحلة الخامسة
 عبر الوجه القبلى – صعيد مصر
20 – البهنسا ودير الجرنوس
21 – جبل الطير – ديروط أم نخلة – دير أبو حنس – بير السحابة فى أنصنا – كوم ماريا
22 – الأشمونين
23 – ديروط الشريف
24 – القوصية
25 – قرية ميرة
26 – جبل قسقام – دير العذراء فى المحرق
27 – جبل أسيوط – دير العذراء فى درنكة
ماذا يعني لنا الهروب
الهروب مبدأ روحي في الكتاب المقدس ، وهو بديل المقاومة والعن*ف . وقد أمر الرب رسله بأن  لا يستخدموا السيف والقوة للدفاع عنه لهذا فضل هروبهم على أستخدام السيف ، كما أوصاهم بأن يتركوا المدينة التي يكرزون فيها إذا رفضت دعوتهم وينفظوا غبار أحذيتهم على أهل تلك المدينة شهادةً عليهم . فهروب المسيح من الأرض المقدسة أفضل من أن يدافع عنه ملاك الرب ويحميه من حقد هيرودس . لهذا فهروب المسيح من الأرض المقدسة ليس خوفاً أو جبناً ولا عجزاً عن المقاومة أ بل حكمة النصرة الحقيقية وأحتواء الشر بالسلام . تحويل كل تجربة الى منفعة روحية ، فالرب يسوع حول تجربة الأعتداء عليه الى أعظم منفعة روحية للتاريخ كله وخاصة لأولاد الله . الأرادة الخيّرة تخرج من الآكل أكلاً ومن الجيفةِ حلاوة . وهكذا أراد المسيح الصبي أن يعلمنا طريق السلام مع مبغضي السلام مهما كان طويلاً وشاقاً . لا يجوز أن نقاوم الشر بالشر بل بالمحبة . والدليل على ذلك هذا أن المسيح واجه الشيطان في عبادة الأوثان في مصر وبدد أصنامها الكثيرة .
 لماذا أختارت السماء أرض مصر
الجواب لأتمام النبؤات . 
في سفر أشعياء النبي وفي أصحاح واحد وهو ال ( 19) توجد أربع نبؤات عن هذه الزيارة . ففي النبوة الأولى ، يقول النبي ( هوذا الرب راكبً على سحابةٍ سريعة وقادم الى مصر ) ” أش 1:19″ وهذه النبوة قد فسِرَت منذ القديم على أن هذه السحابة السريعة هي العذراء مريم التي حملت رب المجد المتجسد في طفولته للهروب به الى مصر من مذبحة هيرودس . والنبوة الثانية هي ( يكون مذبح للرب في وسط أرض مصر ) ” 19:19 ” وهذه النبوة تتحدث عن المذبح المسيحي وكنيسة العهد الجديد التي وضع حجر أساسها المسيح نفسه . ولماذا لا نفسره بمذبح اليهود ؟ الجواب لأن لا يجوز أن يكون خارج الهيكل اليهودي في أورشليم .
أما النبوة الثالثة ( مبارك شعبي مصر) ” 25:19″ فتشير الى بركة الرب لشعب مصر بعد تحولها الى المسيحية في القرن الثالث للميلاد ، وهذا تأكيد لما جاء في نبوة الرابعة ، التي تقول ( فيعرف الرب في مصر ويعرف المصريون الرب ) ” 21:19″ .  
وهناك نبوة خامسة نقرأها في سفر هوشع النبي ، تقول ( من مصر دعوتُ أبني ) ” هو 1:11″ . أذاً مجىء المسيح الى مصر هو تنفيذاً انبوات الأنبياء وهو وضع تلك النبوات في أفواههم ليعلن للخليقة كلها وعلى مختلف الأزمان عن حياته وتحركاته لكي يؤمن به كل أنسان يقرأ الكتاب المقدس بأيمان . ولعل هذا هو الرد المفحم للحاقدين الذين يدّعون كذباً بتحريف الكتاب المقدس . لنه إذا حُرِفَ فكيف تمت جميع النبوات التي زادت عن الأربعمائة نبوة بدقة مذهلة .
كان مجىء المسيح الى مصر بتدبير ألهي أعلن عن طريق الأنبياء ومرة أخرى عن طريق ملائكته السماء فصارت مصر مركزاً للحضارات منذ فجر التاريخ بدأت حضارات فرعونية متقدمة ومن ثم دخلت في تاريخ المسيحية حتى القرن السابع حيث الفتح الأسلامي .
أنشأت الكنيسة في الأسكندرية التي أسسها تلميذ المسيح مار مرقس ، فانجبت مصر قديسين وعلماء لاهوتيين ومفسري الكتاب المقدس . وكانت أرضها الأولى في تأسيس الرهبنة ، كما حافظت على الأرث الموروث في مكتبة الأسكندرية التي أحرقها عنر بن العاص فيما بعد ، بناءً على تعليمات الخليفة عمر بن الخطاب بحجة أن كانت الكتب والمخطوطان والوثائق التي فيها تخالف القرآن . فأحرقها ، وأن كانت محتوياتها لا تعارض مع القرآن غلا لزوم لها ، لأن القرآن أفضل منها ( أي أحرقها في جميع الأحوال ! ) .
أجل هرب المسيح الى مصر ، وهروب المسيحيين اليوم منها لكي يصلب المسيح من جديد في أرض مصر ، وهكذا الحال في العراق وسوريا . هناك أية أخرى في سفر الرؤيا “8:11″ تقول ( المدينة العظيمة التي تدعى روحياً سدوم مصر حيث صُلبَ ربنا أيضاً ) وأن كانت مصر بلد جميل كالجنة ، لا وبل وصفت الجنة بمصر وحسب الآية ( بأنها خضراء وجميلةً كأرض مصر ) ” تك 10:13″ لهذا لجأ اليها الآباء قبل المسيح ، فأبراهيم نزل فيها هرباً من المجاعة ( تك 12 ) . وحفيده يعقوب نزل الى مصر ليرى أبنه ويعيش فيها . أما يوسف الصديق فبيع اليها من قبل أخوته وحسب مخطط الله الذي أختار مصر فصار الرجل الثاني فيها . وقضي من عمره البالغ 110 سنة ، تسعين سنة فيها . كما ولد فيها الأنبياء موسى ويشوع بن نون ( تهذب موسى بكل حكمة المصرين ) ” أع 22:7″ .
كانت مصر جميلة منذ بدء الخليقة الى أيامنا هذه . هرب المسيح من ظلم هيرودس اليها لكي يزرع فيها السلام والنور ، لكن تحولت الآن الى ظلم وأضطهاد أتباع المسيح .
هناك مفاجأة علمية وتاريخية نشرت جامعة كولون بالمانيا لأول مرة بردية أثرية ترجع إلى القرن الرابع الميلادى، تتحدث عن فترة وجود السيد المسيح والعائلة المقدسة فى مصر، مؤكدة أن طفولة السيد المسيسح فى مصر استمرت ثلاث سنوات واحد عشر شهراً. والبردية التاريخية مكتوبة باللهجة القبطية الفيومية طولها 31,5 سم وعرضها 8,4 سم. وقد قال عالم القبطيات الدكتور جودت جبرة أن هذه البردية تشكل أهمية علمية وتاريخية كبيرة .ايضاً أضافت أن عالمة الآثار جيزا شنكل ابنة عالم القبطيات الألمانى الكبير شنكل . نشرت هذه البردية الموجودة فى احدى مكتبات كولون، وقالت : إن البردية تؤكد أن البركة حلت بمصر وان شهر بشنس هو اكثر شهور السنة بركة ولذلك نجد الكنيسة القبطية تحتفل فى اليوم الرابع والعشرين منه (يوافق يوم 1 يونية) كل عام بذكرى دخول العائلة المقدسة الى مصر.
ختاماً نقول : أن مار يوسف بعد أن أخبره ملاك الرب بموت هيرودس عاد الى أرض الوطن مع العائلة المقدسة ، وكان قد ملك أركيلاوس أبن هيرودس على البلاد . وفى طريق العودة سلكوا طريقا آخر انحرف بهم الى الجنوب قليلا حتى جبل اسيوط المعروف بجبل درنكة وباركته العائلة المقدسة حيث بنى دير باسم السيدة العذراء يقع على مسافة 8 كم جنوب غرب أسيوط ثم وصلوا الى مصر القديمة ثم المطرية ثم المحمة ومنها الى سيناء ثم فلسطين حيث سكن القديس يوسف والعائلة المقدسة فى قرية الناصرة بالجليل ليتم ما قيل بالأنبياء ( أنه يدعى ناصرياً ) ” مت 23:2″ . وهكذا أنتهت رحلة المعاناة التى استمرت اكثر من ثلاث سنوات ذهابا وايابا قطعوا فيها مسافة اكثر من الفى كيلو متر في الناصرة نشأ يسوع وقضى معظم حياته ، ومن هنا بدأت أهمية هذه المدينة في التاريخ، وأصبح اسمها يرد كثيرا بعد ذلك في الكتب والمؤلفات .
ليتمجد أسم ربنا يسوع المسيح
بقلم
وردا أسحاق عيسى
وندزر- كندا
 
 
 ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!