ميثم الجنابي في تعظيم سعدي يوسف برطانة القرود الجزء الأول
الكاتب: د. محمود عباس
ميثم الجنابي في تعظيم سعدي يوسف
برطانة القرود
الجزء الأول
د. محمود عباس
للتنبيه، الآتي لا يمس العرب شعباً وقومية، بل موجه للعروبيين وطغاتهم ومستنسخي الثقافات الموبوءة.
كان الأولى محاورة الكاتب ميثم الجنابي، والرد على عطالته النقدية الباحثة فيها عن إبراز الذات قبل حماية الشاعر، برطانة مشابهة للتي استخدمها أو بلهجة الشاعر العراقي المعروف سعدي يوسف المعروضة بها قصيدته، مصر العروبة، والتي يمكن تسميتها بالقردستانية، والمبررة من قبل الكتاب العروبيين بعشرات التأويلات، لكن الوعي الإنساني والغريزة الوطنية والإخوة، ومكانة الشاعر والكاتب الأدبية وليست السياسية، تحجم الفرد السقوط في نفس المستنقع، آملين أن يتنبها إلى البيئة العنصرية التي أقحما فيها ماضيهم الأممي، ويعودا إلى تصحيح خطأهما، فالبعد الوطني والدفاع عن الذات القومية لا يمكن أن يبنيا بنشر المفاهيم العروبية بين الشعوب.
للأسف مقالة ميثم الجنابي وبالطريقة التي يطرحها لا تندرج في خانة الدفاع عن الشاعر بقدر ما هي حسد على شهرته المحصودة من زرع الكلمات اللأدبية في قصيدته الأخيرة تجاه القومية الكردية. يستخدم السيد ميثم أسلوبا مشابها للهجة سعدي عند عرض مقالته النقدية اسماً والحاقدة مضموناً، أغرقها قدر المستطاع في مستنقع الكراهية، وهو المتمكن قدرة أدبية على عرض أفكاره ونقده بأسلوب أكثر وعياً، بحيث يفيد سعدي يوسف وينبه القراء الكرد، ويستفيد هو للحصول على مودة أخوية، لكن النعرة العروبية أبعده عن منهج الدفاع أو النقد المنطقي، ونزع نحو خلق زوبعة حول ذاته بنفس الطريقة المستهترة التي طرح بها سعدي قصيدته.
فالمعروض، عبارة عن مقالة ليس سوى سباق مع سعدي يوسف قبل أن يكون رداً على انتقادات الكرد أو خلق حصانة حول الشاعر المعزز في الوسط الكردي ليس فقط كشاعر بل وكشخصية لها اعتبارها، لقصائده ومواقفه الوطنية السابقة. ولبلوغ المأرب استخدم ميثم الجنابي كل الأبعاد المستهجنة في التهجم، قوميا ووطنيا، ولم ينسى إقحام السيد مسعود برزاني وعائلته، المعروفة للعالم، وطنيتهم، وثوريتهم، ونضالهم ضد الطغاة الذين تكالبوا على حكم العراق وحاولوا تمزيقها كوطن للكل. فكان الأولى به كباحث عن الوطن، التنقيب عن تاريخ قادة العرب منذ بدأ الإسلام وحتى اليوم والعراقيين بشكل خاص، ويقارن بينهم وبين قادة الكرد الذين يهاجمهم. وهو المدرك تماما بأنه لولا نقاء السيد مسعود برزاني والمرحوم والده الخالد، والذي يتأسف الفرد حتى مقارنتهما بمستبدي العراق وبالعديد من القادة الحاضرين على الساحة السياسية العراقية الأن، لما كانت العراق على ماهي عليه الأن، وأقلها لكانت نصفها محتلة من قبل قادة أئمة ولاية الفقيه. لا شك ميثم الجنابي مدرك لهذا البعد الوطني في العائلة البرزانية، فأقحمهم ضمن سرده برخص، وعليه عرض ذاته بفجور فكري يتأسف الفرد من الاطلاع عليه، تحت مقالة بعنوان مشوه ومضمون سفيه (سعدي يوسف – نقد القرود، وقرود النقد!) المنشورة في موقع الحوار المتمدن، بحجة الدفاع عن سعدي يوسف ودونيته السياسية.
من المخجل الرد بنفس الرطانة المشوهة التي طرحوا فيها قذارة أفكارهم السياسية، أو مقارعتهم بنفس النوعية من الكلمات البذيئة، والانحطاط اللغوي، فالكردي يبقى عزيز النفس مهما كان المقابل مبتذلاً، لن يتخلى عن حمل ونشر ثقافة الإخوة والروح الوطنية، وينأى أن يسقط في نفس الضحالة التي أولج هذين الأديبين ذاتهم فيها، رغم غزارة معلوماتهما، ومقتنعون بأن الرد عليهم بسلاحهم هي ما يرغبونه في هذه الفترة بالذات، والأسباب غير معروفة، فسايروا الذين يتلذذون بالعيش في الصراعات الطائفية والقومية، أحفاد ق*ت*لة الحسين، والحجاج بن يوسف الثقفي، وحملة ثقافة الخوارج بكل أبعادها، ومتشربي أحقاد السفاح. ولئلا تنمى غريزتهم الموبوءة هذه سنكتفي هنا بهذه التنبيهات الفكرية والتاريخية ونوعية لهجتهم، لنبين أنه بالإمكان الرد عليهم بتلك السوية، ولا ينقص الكردي الحيلة والحجة المماثلة، لكن الشموخ والإخوة بين الشعوب هدفنا، حتى ولو حاول البعض من إحداث الشرخ وإفساد الغاية، حيث الإخوة الإنسانية.
الصراع بين بني البشر أزلي، والاستبداد العنصري احتمت على مر العصور بنوعية معينة من الثقافة، وكثيرا ما كانت متينة باسناداتها، وترسيخها لمفاهيم خلقت الجدل بين الناس، وإبرازها لأفكار مقبولة أو قبلت تحت ظروف معينة من العامة المنتمية إلى المطروح للروح الباغية، فكرست الحقد على القوميات أو الأقليات المستعمرة، وحاولت تقزيم وتشويه خصوصياتهم العرقية، ونشرها على أنه المنطق المشاع والنقي، وكانت الغاية النهائية أقناع العامة من القومية الطاغية والقوميات أو الأقليات الأخرى بأحقية سيادة القومية المستبدة.
ففي الفترة التي سادت فيها نزعة الأسياد والموالي، من بدء اجتياح العربي تحت منطق الفتوحات الإسلامية، لم تقف عند حدود سيادة إدارية، بل تجاوزتها لتصبح ثقافة بين العرب وسادوا على أسسها على جغرافية ليس لهم فيها سوى الفتات، وترسخت إلى أن شملت العامة وكبار الأدباء والمشايخ، وبلغت أنه لم تكن للمساجد دور اذا لم يكن خطيبها عربيا، ولهذه الغاية أضطر العديد من عائلات المشايخ من القوميات غير العربية عن قوميتها للحصول على رضى الأسياد العروبيون، وبلوغ صفة القبول عند طغاتهم، وأحقية الحكم والمشيخة، فحجمت هذه الثقافة كل القيم الإنسانية والفكرية بين الشعوب، وأعدمت حقوق القوميات الأخرى من التعرف على الذات أو المساواة، وشوهت الثقافة الروحية في الإسلام، وبالتالي سخر الطغاة ومثقفي العرب العنصريون هذا الأسلوب لسيادتهم، وسخروا لهذا مفهوم إعدام أحقية السيادة في العالم الإسلامي لغير القريشي، وليتوسع فيما بعد إلى غير العربي، وعليه تكاثرت وتفاقمت الانتقادات اللاذعة للحكام وقادة القوميات الأخرى، واتهموا في كل مراحلهم القادة من الشعوب الأخرى بالخيانة أو ضحالة الثقافة أو حتى بقلة الأدب والذمة، ودعمت هذه الثقافة في القرن الماضي بالنزعة العنصرية للقومية العربية، فكلما بدأ يشعر القوميون العروبيون بأن سيادتكم تضمحل أو تزول وان طغيانهم تهتك، والاستبداد على القوميات الأخرى تنهار، وحجة الفتوحات أو العباءة الإسلامية تبلغ نهاياتها، ينتفض أعمقهم ثقافة أو أدبا بالبحث عن الأفاق الثقافية والاسنادات التاريخية في الجوانب المشوهة للأدب العربي ليستندوا إليها لإعادة تعزيز مكانتهم، ولم تألب هذه الشريحة جهدا بالتنقيب عن …
يتبع…
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
نشرت في جريدة بينوسا نو العدد(31) الناطقة باسم رابطة الكتاب والصحفيين الكرد في سوريا
..