منكيش الجمال والعطاء/الحلقة 15 المطران مارحنا زيا مرخو
الدكتور عبدالله مرقس رابي
خاص/ موقع مانكيش
منكيش الجمال والعطاء / الحلقة 15
المطران مارحنا زيا مرخو
مثلث الرحمة المطران مار حنا زيا مرخو
د. عبدالله مرقس رابي
باحث اكاديمي
ولد في منكيش بتاريخ 21 / 3 / 1937 ،انهى دراسته الابتدائية في منكيش ،ثم المتوسطة في دهوك وقرر ان يدخل الى معهد ماريوحنا الحبيب في الموصل في 1/ 1 /1954 ،أُسيم كاهنا في 7/ 6/ 1964 على يد المطران ماروفائيل بيداويذ مطران العمادية آنذاك في كنيسة مسكنتا في الموصل . وقد عُين مدرسا في معهد ماريوحنا لتدريس اللغة الفرنسية واللغة الكلدانية والدين .وفي سنة 1968 بدأ الخدمة الرعوية في بلدته منكيش وثم عينه المطران مار قرياقوس موسيس للعمل في قرى صبنا وأتخذ من قرية داويدية مركزا له ،ومنها أنطلق للخدمة في قرى الابرشية المختلفة ، اينشكي ، بيناثا ، تنا ، ارادن ، بادرش حتى 13/ 4 / 1987 حيث خدم في بلدته منكيش لغاية 1991.
المطران مار حنا زيا عند التحاقه بالمعهد الكهنوتي وهو الثالث من اليمين للواقفين في الصف الاول ويلبس مناظر طبية وخلفه يقف والده المرحوم زيا مرخو
جاهد المطران مارحنا مرخو كثيرا من أجل رعيته ،فكانت خدمته في فترة تعاني منها المنطقة ظروفا أمنية وسياسية قاسية وصعبة جدا ، لانها كانت واقعة في منطقة الصراع بين الحكومة المركزية وثوار الاكراد ا، حيث ظل في هذه القرى الشبه معزولة مدة ( 18) سنة يجول بينها ويقوي الايمان بين سكانها ،ويعاني معاناتهم ،ويفرح مع افراحهم ،ويتناول طعامهم ،وتعرض الى ماتعرضوا من مضايقات شتى،ففضل الحياة الروحية الحقيقية والزهد والتواضع مسلحا بالايمان لاجتياز تلك الظروف والمعانات التي شارك بها اهالي القرى .
المطران مار حنا زيا في بداية التحاقه بالمعهد وهو الخامس من اليمين للواقفين في الصف قبل الاخير
لتميزه بالصبر والحزم والقابلية للتكيف مع مختلف الظروف السياسية ولحنكته وطيبته وهدوئه وحسن ادارته ،تمكن من بناء علاقات اجتماعية مع المسؤولين الاداريين وشيوخ المنطقة لاحتواء المشاكل التي قد تعترض حياة المؤمنين ،وكان ذلك سببا لفرض محبة واحترام أبناء القرى التي خدم فيها له ،وقد تعلقوا به بروح ومحبة حميمة فتركت أثرا كبيرا في نفوسهم عندما لبى دعوة البطريرك لاختياره مرشدا روحيا في الدير الكهنوتي في 6/ 10 / 1991 في بغداد،وبعد سنة كُلف بادارة قسم الصغار في الصليخ علاوة على وظيفته السابقة ،
أُختير ليكون راعيا لابرشية أربيل العريقة ،فأُسيم مطرانا في 11/ 12 /1994 على يد ماروفائيل بيداويذ بطريرك بابل على الكلدان في كنيسة ماريوسف في بغداد ،وثم تسلم مهمام رئاسة الاسقفية في عينكاوة ،وبدأ حياته في مهام أصعب وأكثر مسؤولية لابرشيته التي عاشت في فترته ظروف لا تقل صراعا وقسوة عن تلك التي عاشها في قرى ابرشية العمادية .ومع ذلك لم يغير من طبعه المطران مارحنا ،فبدأ أيضا حياة المدبر المتواضع حاملا الحب والسلام الى سكان عينكاوة وسواها من مراكز الابرشية فالتفوا حوله ،وكانت النتيجة ثمرة المحبة والتعاون والسلام والايمان ،وزار كل أسرة واستمع الى كل ذي مشكلة ،وصلى من أجل سلام الجميع وركز على البراعم لزرع الايمان ،فبادر ببناء مدرسة للتعليم المسيحي بجوار كنيسة مار يوسف في عينكاوة ،وجدد كنيسة مار كوركيس في البلدة نفسها بعد أن أتعبتها السنين الطويلة.
سافر في صيف سنة 1996 الى روما لزيارة الحبر الاعظم البابا يوحنا بولس الثاني ،وبعد أن نال بركته سافر الى الولايات المتحدة الامريكية وكندا لتفقد أخوته من أبناء كنائسه التي خدم فيها ،فأُستقبل بحفاوة ومحبة وشوق اينما حل بينهم ،لكن أراد الرب أن يختاره الى جواره سريعا أثناء رجوعه من السفر الى أرض الوطن ،فقد تعرض لجلطة دماغية في عمان العاصمة الاردنية وأُدخل أحد مشافي المدينة ،وصارع النوبة شهرا واحدا ولكن ما لبثت أن قضت على حياته في 22 / 10 / 1996.
نُقل جثمانه الطاهر الى بغداد ،ثم رافقه الاساقفة والاحبة وبعض من أبناء منكيش الى الموصل ،ومنها الى بلدة عينكاوة حيث أُستقبل من قبل حشد كبير جدا من أبناء أبرشيته وبلدته منكيش والمسؤولين وبموكب ضخم ،ورُتلت الصلوات الطقسية وبخشوع من الجميع (كاتب السطور كان أحد مرافقي جثمانه من الموصل الى عينكاوة) ،وخيم حزن عميق على عينكاوة ومنكيش وسائر المناطق التي خدم فيها ،فانهالت دموع الكثيرين وتأسف الجميع لهذا الحدث المؤلم ،وقيلت فيه كلمات الرثاء من الجميع وأدركوا كلهم خسارة أنسان عظيم بحبه وتواضعه واخلاصه وتفانيه من اجل الرعية .وهكذا دفن المطران مار حنا مرخو في كاتدرائية ماريوسف في عينكاوة يوم السبت 26 / 10 / 1996 ،ففقد الكلدان في العراق رسولا من رُسل السلام والمحبة والذي كان شعاره الكهنوتي والاسقفي ( طعامي أن أعمل مشيئة من أرسلني وأُتمم عمله ) .
المطران مار حنا زيا مرخو
ألمطران مار حنا زيا مرخو..