مقابلات الفاشنستة ( X ) – كاظم فنجان الحمامي
تحدث الإعلامي (محمد السيد محسن) في لقاء متلفز. قال: بينما كنت جالسا مع اصدقائي في صالة الفندق الأشهر بالمدينة، ننزوي في ركن من اركان اللوبي الفسيح الذي يقع في الطابق الأرضي. نتبادل الأحاديث ونرتشف قهوتنا الصباحية. لاحظنا وجود حسناء فارعة الطول. ممشوقة القوام. سليكونية الصدر والأرداف، تجلس وحدها على أريكة منفردة، تضع ساق على ساق في ما هو الفارياق. تارة تستمتع بدخان اركيلتها الشركسية، وتارة تتصفح هاتفها السامسونجي الساحر. يتقاطر عليها الناس من آن لآخر، يتكلمون معها بإيجاز، وتتكلم معهم من دون ان تسمح لهم بالجلوس، لكنها تكتب بعض الارقام والعناوين، ثم تمنحهم الإذن بالانصراف، فينصرفون، وهكذا تتكرر اللقاءات مرات ومرات مع هذه السيدة ذات الملامح الباشوية. إذا تقوم يضوع المسك أصورة والزنبق الورد من أردانها شمل. احيانا تلفت انتباه الجرسون باشارة ناعمة منها، فيهرع اليها منحنيا لينفذ أوامرها. قد يغير لها تبغ الاركيلة، أو يغذي موقد الشيشة بالفحم المتوهج، أو يبدل علبة المحارم الورقية، أو يجلب لها المياه المعدنية، أو يحمل بعض وسائد الديباج المغلفة بالحرير. .
ظل الناس يتوافدون عليها، يتكلمون معها همسا، وعلامات الارتياح بادية على وجوههم، ثم يغادروا مسرعين. الأمر الذي جلب انتباه الإعلامي وجماعته. .
سألوا رئيس الخدم عن سر هذه المرأة، وسر الأفراد الذين يتوافدون عليها. ولماذا ينصرفون عنها فرحين مبتهجين ؟. فقال لهم مستغرباً: ألا تعرفونها ؟. هذه هي الفاشنستة ( X )، وهذا مكتبها وسط الصالة. تجلس هنا وحدها كل يوم. يبدو انكم لا تعلمون انها اشهر من ساجدة عبيد في مضارب حي الطرب، وأعلى مرتبة من سليمة مراد في الحقبة الملكية. فهذه الفاشنستة أميرة من أميرات السيرك السياسي، ومن الوزن الثقيل، ربما أثقل وزناً من اعتماد الرميكية في قصر المعتمد بن عبّاد أيام الدولة الأندلسية. لها علاقات واسعة وعميقة باصحاب الحل والربط، ولها تأثيرها المباشر على بعض اصحاب القرار، وتمتلك قدرات استثنائية خارقة تتفوق فيها على بعض النواب والوزراء. وباستطاعتها التدخل في ترشيح اصحاب الدرجات الخاصة، او تنحيتهم عن مناصبهم إن لزم الأمر. .
سألوه: وهل هي تعمل هكذا بلا مقابل من اجل اكتساب الأجر والثواب ؟. فكان جوابه: كلا أبداً. فلكل خطوة تسعيرتها، ولكل موقف قيمته المادية بالعملة الصعبة. اما عمليات التسليم والاستلام فتجري خلف الكواليس حسب الاتفاق، فالذي أوله شرط آخره نور. .
كلمة اخيرة: بعد سماعي لهذه الحكاية اشعر انني امتلك شخصين بداخلي. احدهما يريد البقاء في ربوع الوطن عسى ان تتحسن أحواله، والآخر يلملم اغراضه ويستعد للرحيل إلى غير رجعة. .
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.